غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

التجاهل الأمريكي الممنهج للقضية الفلسطينية

خالد صادق.jfif
بقلم/ خالد صادق

لا يمكن القول بان أمريكا كانت جادة في مواقفها السياسية تجاه القضية الفلسطينية، فأمريكا دائما ما تعلن انها تساند «إسرائيل» بلا حدود وتعمل على حفظ امنها وفك عزلتها وجعلها القوة الأكبر في المنطقة والتي لا يمكن مواجهتها او تهديدها او التلويح بزوالها، وقد وظفت أمريكا نفسها لخدمة «إسرائيل» ومصالحها, واستغل اللوبي الصهيوني احداث 11 سبتمبر 2001م لتشويه صورة العرب والمسلمين وتشويه صورة الفلسطينيين ووصمهم «بالإرهاب», وقد ساعدت عوامل أخرى على تجاهل أمريكا للقضية الفلسطينية فكان التجاهل الأمريكي للقضية الفلسطينية نتيجة طبيعة لتعامل السلطة الفلسطينية مع مسيرة التسوية والاستسلام لرغبات الاحتلال، والهبوط بسقف المطالب الفلسطينية الى المستوى الأدنى، وقدرة إسرائيل على التسويف والمماطلة والتنصل من الالتزامات بالرهان على الوقت.

ونتيجة هذه السياسة الاستسلامية تم اغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن ووقف الدعم المالي لوكالة الغوث الدولية ووقف الدعم المالي لليونسكو رداً على قبول فلسطين عضوا كاملا في هذه المنظمة الدولية. كما لا يجب ان نغفل التجاهل العربي الرسمي للقضية الفلسطينية واعتبارها عبئاً يجب الخلاص منه واقتناع دول عربية بالتطبيع مع «إسرائيل» وإقامة علاقات مشتركة معها وممارسة ضغوط على الفلسطينيين للتعاطي مع ما تسمى بصفقة القرن والحلول الاقتصادية والإنسانية للقضية الفلسطينية بدلا من الحلول السياسية، كل ذلك شجع الإدارة الامريكية على التنكر للحقوق الفلسطيني، وإدارة ظهرها للسلطة، والتنكر لكل الحقوق الفلسطينية بما فيها قرارات مجلس الامن والأمم المتحدة بعد ان تجاهلتها إسرائيل وتبرأت منها.

سياسة الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب المنحازة كليا لإسرائيل رسمت خارطة جديدة «للسلام» بين السلطة وإسرائيل تمثلت فيما تسمى بصفقة القرن التي تتجاوز القرارات الدولية,  وحاربت الإدارة الامريكية كل المنظمات الدولية التي تنحاز ولو جزئيا للحقوق الفلسطينية فانسحبت امريكا من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، كما انسحبت الإدارة الأمريكية من اتفاقيتين دوليتين وأعلنت الولايات المتحدة انسحابها من نص يقر بأهلية محكمة العدل الدولية للنظر في شكوى تقدمت بها السلطة الفلسطينية أمام المحكمة المذكورة احتجاجا على نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس المحتلة, ومعظم هذه الانسحابات جاءت استجابة لرغبات إسرائيل وبالتنسيق معها. وقد وصلت أمريكا في مواقفها من السلطة الفلسطينية لهذه المواقف انها لا ترى في السلطة الفلسطينية شريكا في السلام، وتنحاز كلية لرؤية إسرائيل انه لا حلول سياسية للقضية الفلسطينية ولا يمكن الحديث عن حل الدولتين والعودة للمفاوضات الا وفق رؤية «إسرائيل» ان القضية الفلسطينية تحولت من قضية سياسية الى مجرد قضية إنسانية لتحسين اوضاع السلطة المالية والاقتصادية وإنعاش الأوضاع المعيشية للفلسطينيين وفق شروط الاحتلال.

وقد استطاعت أمريكا وإسرائيل تغيير مصطلح الصراع العربي الإسرائيلي الى صراع فلسطيني إسرائيلي وعزل القضية الفلسطينية عن محيطها العربي على الأقل على المسار الرسمي العربي، وبات العرب يسعون للتطبيع وإقامة تحالفات مع اسرائيل.

مارست أمريكا ضغوطا على الزعماء العرب بمحاصرة الفلسطينيين، ورفض مطالبهم السياسية ووقف كل اشكال الدعم السياسي والمالي لهم وانكار حقهم في مقاومة الاحتلال، الامر الذي مثل ارتياحا إسرائيليا كبيرا بعد نزع القضية الفلسطينية من ثوبها العربي واستفراد إسرائيل بالفلسطينيين.

أصبحت إسرائيل تشن حروبا على الفلسطينيين وتحديدا على قطاع غزة بلا تكلفة عربية او دولية دون ان تخشى أي ردأت فعل فلا يمكن لاحد ان يسائلها عن جرائمها لأنها امتلكت الضوء الأخضر لفعل ما تريد بحجة الدفاع عن النفس.

ومؤخرا وصفت صحيفة هآرتس العبرية زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة بالقول «أن حالة من الارتياح تسود أروقة الحكم في تل أبيب بعد تجاهل بايدن إثارة القضية الفلسطينية أو مقتل الإعلامية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عاقلة، وذلك خلال زيارته إلى تل أبيب. لم يطالب بايدن بتجميد البناء في المستوطنات ولم يبد أي ضغوط سياسية على إسرائيل بشأن القضية الفلسطينية. كما وصف خبراء إسرائيليون الزيارة انها كانت مليئة بالدفء والدعم الكامل لإسرائيل، فضلا عن أن «إعلان القدس» الذي وقعه بايدن ولابيد يرسخ التزام الجانب الأمريكي بأمن إسرائيل, شعبنا على قناعة ان إسرائيل لم تكن يوما ولن تكون مع الفلسطينيين, لأنها ترتبط بمصالح واطماع مع إسرائيل, فكلاهما يسعى للسيطرة على المنطقة والتحكم فيها وادارتها بما يخدم مصالحهم , ولمن يبحث عن كيفية الخروج من هذه الحالة المزرية نقول له أن الحلول تكمن في المقاومة فقط كخيار استراتيجي لا بديل عنها لذلك يجب تعزيز سياسة الردع مع الاحتلال فهي السياسة التي لا يمكن للاحتلال ان يصمد امامها.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".