غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

صخب الثانوية العامة وإنتاج جيل متعلم ومقاوم

محمد حميد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الاسلامي.jpg
بقلم: محمد حميد ابو الحسن

تنتظر آلاف الأسر الفلسطينية نتائج الثانوية العامة للعام الدراسي الحالي والمزمع الإعلان عنها خلال الأسبوع الحالي على أحر من الجمر، فتُمنّي هذه العائلات النفس في تحقيق أبنائها نتائج مشرفة ويتحقق لها حالة الفرح والسرور التي تواكب الإعلان عنها، في وقتٍ شحت فيه مسببات الفرحة لعموم شعبنا الفلسطيني. فلا يخفى على أحدٍ أن نتائج الثانوية العامة تشكل عنواناً هاماً في تحديد مستقبل الطلبة في خطواتهم الأولى للدراسة الجامعية، فضلاً عما تمثله هذه النتائج من مؤشرٍ إلى نجاح الأسرة المحتضنة للطالب المتفوق والناجح في تنظيم أوقات أبنائها وجهدهم المبذول طوال العام الدراسي، فتقف خلف هذا الإنجاز أمهاتٌ نذرن أنفسهن وأوقاتهن لمساندة أبنائهن وبناتهن، فكان حقاً لهذه العائلات أن ينالهم نصيبٌ من الحبور لما حققوا من نجاح متكامل.

ورغم ما يشوب النظام التعليمي الفلسطيني وغيره من النظم التعليمية العربية، فإن العائلات الفلسطينية دأبت على إنفاق أموال طائلة في محاولة تلافي عيوب هذا النظام، عبر الاستعانة بالتعليم الخاص والدروس الخاصة المنتشرة في معظم البلاد العربية، في وقتٍ تندر فيه هذه الظواهر في الدول المتقدمة التي تولي اهتماماً شديداً لموضوع التعليم من إصلاح المنظومة التعليمية منذ الصغر وتأهيل معلمين ذوي كفاءة عالية، وتطوير المنهاج الدراسي، وتوفير ظروف مثلى للطلبة تسهم في تحقيق العملية التعليمية مرادها.

بل إن الأمر الأكثر خطورةً في مجتمعاتنا العربية غياب البرامج والدراسات التي تعين الطلبة الحاصلين على الثانوية العامة على اختيار التخصص الجامعي أو المحور المهني الملائم لحاجة السوق بما يسهم في التقليل إنتاج المزيد من العاطلين عن العمل الأمر الذي من شأنه خفض معدلات البطالة أو على الأقل كبح جماحها، وذلك في الوقت الذي أفلحت دولٌ أخرى في توجيه الطلاب للدراسة الأكاديمية أو المعاهد المهنية وذلك بعد دراسات مسحية مستفيضة لحقيقة الواقع العملي مستندة في توجهاتها إلى إدارة مدركة لسياساتها المتبناة، وهو أمر نتطلع أن يتنبه إليه القائمون على التعليم العالي في بلادنا، فالحكمة ضالة المؤمن.

وهذا الاهتمام المتزايد بالتعليم من قبل هذه الدول مرده تيقن إداراتها بأثر التعليم على هذه الدول، فهو الكفيل على إنتاج أجيال واعية لديها القدرة على الحفاظ على الهوية الوطنية والكينونة السياسية لهذه الدول، بل وهي القادرة على تطوير عجلة الإنتاج ومستوياته، ورفع المستوى الحضري والثقافي لمجتمعات تلك الدول وحمايتها من الانحرافات والجريمة، لذا لا تجد هذه الدول حرجاً في تخصيص موازنات عالية من اقتصادها استثماراً في التعليم الأساسي والثانوي لما يحققه التعليم من مساهمةٍ إيجابية في الناتج القومي الإجمالي لهذه الدول.

وبالتعريج على الحالة الفلسطينية وفي خضم أجواء الانقسام السياسي وغياب المشروع السياسي المجمع عليه وتشتت الحالة الفلسطينية والتي ألقت بظلالها دون شك على أوضاع التعليم، فقد تاه التعليم كأولوية لشعب ينشد حريته ويبذل الدماء من أجل استقلاله، ورغم المحاولات الحثيثة التي يبذلها القائمون على العملية التعليمية لإنجاحها إلا أننا لا زلنا نعاني من نقص التأهيل وقلة الموارد وضيق الأفق التعليمي وسوء الظروف الدراسية وقلة الوسائل التعليمية المٌعينة على تيسير عملية التعليم، بل وترهل المنهاج الفلسطيني الذي يعاني من الحشو والتكرار ويتيه أحياناً عن الحالة الثورية الفلسطينية، ويتعرض أحياناً لمحاولات تحييده عنها، وذلك في ظل انشغال الساسة الفلسطينيون في موضوعاتٍ أخرى، بحيث تذيل التعليم سلم الاهتمام في الأولويات الحكومية.

هي مناشدةٌ للحكومات الفلسطينية داخل فلسطين لإيلاء الاهتمام بالتربية والتعليم عبر توفير ظروف مثلى للعملية التعليمية تعبر عن الحالة النضالية لشعبنا الفلسطيني الذي يستحق اهتماماً بتعليمه يليق بالتضحيات التي يقدمها، فلا يتصور بحالٍ أن يبقى المنهاج الفلسطيني على حاله منذ سنوات دون مراجعة أو حذفٍ أو إضافات، بل ينبغي إعادة صياغة المنهاج الفلسطيني ليعبر عن ثقافة الجهاد والمقاومة التي ينتمي إليها شعبنا الفلسطيني، بل من حق الشعب الفلسطيني إنشاء عدد كبير من المدارس تساهم في حل مشكلة تكدس الطلبة في فصل واحد، بل ومن حق شعبنا المقاوم أن يحظى بعددٍ كافٍ من الكفاءات العلمية القادرة على النهوض بالأجيال الفلسطينية، فالعالم يتطور من حولنا بتسارع، فيما نحن غارقون في مشاكلنا السياسية مضافاً إليها الاحتلال والحصار والبطالة، من حق أبنائنا تعليمٌ أفضل وظروفٌ تعليمية مناسبة، من حقنا أن نحلم بغدٍ مشرقٍ لن يتحقق إلا بتلبية الحد الأدنى من الظروف التربوية والتعليمية الملائمة.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".