غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

بلا مساحيق.. رؤية وأمل

د. أسعد جودة.jpg
بقلم/ أسعد جودة

بعد نكبة عام ١٩٤٨ واعلان قيام دولة الكيان الصهيوني على مساحة ٧٨% .والنكبة الثانية عام ١٩٦٧ إحتل الكيان الضفة الغربية والقدس من الأردن وقطاع غزة وسيناء من مصر والجولان من سوريا ، بغرض المفاوضات للوصول لمعاهدات سلام معهم وحصل عدا سوريا .

النظام العربي الرسمى آنذاك سمح بإنشاء منظمة التحرير الفلسطينية عام ١٩٦٤ بقرار قمة عربى ،وفى ذات السياق منعت مصر والأردن المنظمة بالقيام بأى نشاط معادى من الضفة الغربية ولا من غزة باتجاه دولة الكيان ؟!

بعد نكبة ومسرحية حزيران عام ١٩٦٧ أصبح مسؤولية الفلسطيني مقاومة المحتل فى تلك المنطقتين وكأن فلسطين المحتلة هى الضفة وغزة وليست فلسطين المغتصبة عام ١٩٤٨ ؟!.

وللأسف تم ترويض المنظمة تدريجيا وما حصل من صدام دامى بالأردن ومذابح وتلاها فى لبنان والحرب الأهلية وتورط المنظمة فيها .

وافق المجلس الوطنى الفلسطيني الذى انعقد فى القاهرة عام ١٩٧٤ على البرنامج المرحلى ذا النقاط العشر والذى بموجبه اعتمدت الفمة العربية المنعقدة فى فاس بالمغرب فى نفس العام ١٩٧٤ اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطيني، وأيضا فى نوفمبر من نفس العام طار الراحل ابو عمار الى جنيف وحصل على بعثة مراقب للمنظمة فى الجمعية العامة . البرنامج المرحلى هو حجر الأساس والذى مهد لاتفاق أوسلو عام ١٩٩٣ الذى اعترف بدولة الكيان وقبول التفاوض على الضفة والقطاع ، فى العقل الصهيونى وعلى الوثائق الموقعة الاتفاق ينص على إقامة سلطة حكم ذاتى .


على الأرض ساحة الإشتباك الرئيسية هى الضفة الغربية والقدس لأنها
تمثل فى العقل الصهيوني الجمعى البعد الديني لإستكمال مشروع الدولة اليهودية أورشليم بعاصمتها الأبدية .
العمل لتحقيق هذا الهدف الإستراتيجي لم يتوقف لحظة ووضعت الخطط القصيرة والمتوسطة والطويلة وحشدت له كل الوسائل المطلوبة لانجازه على مدار قرن ويزيد ،من زمن تيدور هيرتزل وكامبل بنرمان وأرثر بلفور وزعماء الحركة الصهيونية وعلى رأسهم البارون روتشيلد .
إتفاق أوسلو أتاح فرصة ذهبية للعدو لمضاعفة المستوطنات بل وصل الأمر لتتضاعف بمعدل ٦٠٠% وإقترب عدد المستوطنين من المليون ،لذا يمكن إطلاق اسم دولة المستوطنات على الضفة الغربية والقدس.
معركة "سيف القدس" مايو ٢٠٢١ أوجدت تحولا إستراتيجيا ،وحدة الشعب و الهدف والمصير والوسائل. الضفة الغربية والقدس والداخل ال٤٨ استشعروا حجم العزة وروح المقاومة ومن لحظتها بدأوا يتجرأون ويتحرروا من حجم القيود والضغط والملاحقة سواء من السلطة والاحتلال ، والشتات أعيد له الأمل بالعودة .
سريان روح المقاومة فى أرجاء الضفة شكل زلزال وصدمة كبيرة للإحتلال وللسلطة فبروز كتائب المجاهدين فى جنين ونابلس وطولكرم وان شاء الله تتشكل كتائب فى كل المدن للوصول الى الجبهة الوطنية الشاملة للمقاومة من كل القوى الحيه فى كل فلسطين ، و ما العمليات النوعية والاشتباكات والمشاغلات ية والاعتصامات فى المسجد الأقصى الا بداية الغيث.

 

العالم اليوم يمر بتحولات كبرى قد تنذر بحرب عالمية ثالثة وما الحرب الدائرة اليوم فى روسيا وأوكرانيا والمتغيرات الهائلة على مستوى الطاقة والغذاء والارتفاع المذهل فى الأسعار والعجز المطبق فى تعويض النقص ،ولا مؤشر على إنفراج بل المرشح التصعيد ودخول العالم فى نزالات كبرى قد تدخل فيها الصين وأمريكا، وتنهى فكرة هيمنة القطب الواحد وبروز محاور وأقطاب بالتأكيد هذا سيؤدى الى تراجع كبير فى دور الامبراطورية الأمريكية- الصهيونية ، وسيكون له تداعيات مهمة على الكيان ومستقبله ،لذا زيارة بايدن للكيان وتوقيع "وثيقة القدس" والجهد والسعى لبناء تحالف شرق أوسطى تكون إسرائيل فى القلب رائدة وقائدة عبر خلق مبررات أن هناك عدو مشترك اسمه ايران ومعه حركات إرهابية كحزب الله -حماس -الجهاد الاسلامى وآخرين محور الشر ، بالمختصر زيارته لها جملة رسائل تطمين للكيان ورسائل لدول المنطقة العربية أنها لازلتم تحت المظلة وللآخرين الأعداء المستترين لا تقتربوا من مناطق نفوذنا والا ؟.

 

حجم الخيبة التى منى أبو مازن من زيارة بايدن فاجع لأنه لم يستجيب لأى من طلباته وكان لسان حاله يقول إن كان فى الجعبة من شئ لن يكون معك كما قالوها مع سلفه الراحل أبو عمار حينما كان أبو مازن فى رأسهم واعتقادهم أنه قادر على تمرير ما يريدون .

ولا مجال للمجاملة أبو مازن كان نموذجا مرعب فى صراحته والتزاماته تجاه الإتفاق وصاحب مقولة "التنسيق الأمني مقدس مقدس "وكان شهما واصيل فى الايفاء بالوعود وفى التطبيق الحرفي لكل ما هو موقع ،ورغم ذلك ليس هو الشخص المطلوب وانتهى دوره وكأن حديثه عن كيان سياسى إرهاب لأن كلمة دولة فلسطينية فى العقل الصهيوني غير موجود ولا فى الخيال ؟!

الأصل أبو مازن بعد هذا المعترك الفج وهذا العمر والتجربة يلتقط الرسالة ولا يتردد لحظة ويبدأ بقلب الطاولة على الجميع هو عمليا رئيس المنظمة والسلطة والدولة وفتح ،لذلك هو القادر على إحداث زلزال سياسى يبدأ من دعوة للإطار القيادى المؤقت للمنظمة لحضور الاعلان عن القرار التاريخي بتطبيق القرارات المتخذة فى المجلسين الوطنى والمركزى بسحب الإعتراف وانهاء أوسلو ،و نفس التوقيت يطلب دعوة عاجلة للقمة العربية ومنظمة مؤتمر التعاون للتصديق على القرار، ويسلمهم المفاتيح وليس لنتنياهو ولا لبايدن ولا لبيد .

هناك تصور متداول لدي الصهاينة اليوم يرى أبو مازن عبء ثقيل ،ولديهم قناعة وثقة ان ثمة آخرين لديهم رؤية أكثر جرأءة ووضوح وسقف أقل فى التعامل معهم .

هنا أستعير جملة قالها الاخ الدكتور رمضان شلح أبو عبد الله يرحمه الله حينما كان يخاطب الأخوة فى حركة فتح "كونوا عرفاتيين "

للأسف السباق اليوم فى الضفة للمتنفذين ليس على إطلاق العنان للمقاومة وشل الكيان ،بل الضرب بيد من حديد على عدم تكرار تجربة غزة فى الضفة وما حادثة إطلاق النار وإصابة قامة وطنية وازنة بحجم د.ناصر الشاعر وقبلها محاولة اغتيال للشيخ المجاهد خضر عدنان الا بداية الغيث ،هكذا نهج يعزز القناعة ويغرى الإسرائيليين فى عدم التقدم خطوة فى أى حديث سياسي بل تشجيع ودعم هذا التوجه ؟!.

إن السعى الجاد والأمين وراء تحقيق الوحدة والشراكة الوطنية الأمينة يصل لمرتبة المقدس ولا يسمو فوقه أى عمل وأى جهد أو جهود هو فريضة شرعية وواجب وطني وهو الضمانة الوحيدة والطريق الأقصر للتحرير والعودة ومهما بلغت حدة الخصومة السياسية ،القضية بالغة التعقيد والتشابك والتداخل ،وتحتاج كل الإجتهادات المهم توافر الإرادة والعزيمة الصادقة الوحدة تصنع المستحيل .

 

"وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا".الواقع يقول ماذا صنع الاختلاف القائم أسس للخلاف والقطيعة والتشرذم وعاد عموديا دمر النسيج الإجتماعي لدرجة العدو لم يعد يذكر ؟!

أبو مازن أمامه فرصة ذهبية إن كان يريد ان يسجل له فى رصيدة كسلفه الراحل أبو عمار كما فعل بعد كامب ديفيد عام ٢٠٠٠ ووصوله للقناعة التى كان يدركها ويعيها مبكرا ولكنه قرر ان يدخل تلك المغامرة التاريخية ودفع ثمتها حياته حصارا وإغتيالا لكنه أطلق العنان لإنتفاضة الأقصى، ودمر العدو كل المقرات بدءا من المطار فى غزة وانتهاء بعملية السور الواقى فى الضفة ، يعلنها صراحة أن رهانه على الديمقراطيين الأمريكيين وعلى بديل لنتنياهو قد خاب نهائيا ،و أيضا رهاناته على الأوروبيين والرباعية الدولية قد خاب أيضا.

الأصل الرهان على الشعب وقواه الحية ليأخذ القرار ولا يتردد فى تطبيق القرارات وقد قالها من أيام "القرارات على الطاولة" وعلى الجميع أن يتحمل مسؤولياته.


العملى غزة محررة وهى فعلا عصية وقوية ومجربة وتملك أوراق قوة ومنطلق وقاعدة للتحرير ، وبقية كل فلسطين محتله من النهر الى البحر ، وليحضر أبو مازن لغزة ويشكلوا سويا كإطار قيادى مؤقت للمنظمة حكومة إنقاذ وطني تهتم بتوفير دعم وإسناد وحياة كريمة ما أمكنها لكل الفلسطينيين، وليتحمل العالم مسؤلية خذلانه وتقاعسه عن دعم ومساندة الشعب الفلسطيني المظلوم ، ويستعيدوا الميثاق القومى للمنظمة لعام ١٩٦٤ بل الواجب التعديل وإضافة البعد الإسلامى والإنسانى وكل من يؤيد حق الشعب فى المقاومة الشاملة فى إسترداد وطنه المغتصب .
بهذه الخطوة يستعيد الشعب الفلسطينى العربى المسلم وحدته ويمارس حقه المشروع فى الدفاع عن وطنه ويمارس كل أشكال المقاومة ولا فيتو على أى شكل ومعه أبناء أمته الشرفاء ولن تستطيع أى من الحكومات العربية أن تأخذ مسارا مغاير لأنهم يتذرعون بأن كل ما يغعلونه هو خدمة للفلسطينيين ،كلمة حق يراد بها باطل ،لحظتها ما يسمي بالتطبيع والهرولة وكل الأحلاف المجرمة المزمع تشكيلها تصبح فى نظر أبناء الامة خيانة وتفريط ، وتعود فلسطين القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية والممر الإجباري ووالوحيد لإعادة النهضة والرفعة والعزة ، ويصبح التخلص من هذه الغدة السرطانية هم للجميع وأمر ممكن لأنها المعطل للنهضة والحياة الكريمة وأداء الرسالة العظيمة .
اذا لم يتدارك أبو مازن حجم الكارثة التى ستحل على الشعب الفلسطيني اذا غادر المشهد على حاله ستكون الطامة الكبرى وسيتقاتل الفلسطينيين ليس فى الضفة ولا فى القدس بل فى كل أماكن تواجدهم وسيرجع قضيتنا للخلف كثيرا والدم سيستباح لل قدر الله والعدو هو المستفيد الأول من جراء هكذا ترك دون حلول ومخارج وطنية .
رحم الله شهداء نابلس جبل النار بالأمس محمد العزيزى وعبد الرحمن صبح وكل شهداء شعبنا والحرية للأسرى التاج على الرؤوس والشفاء للجرحى .
"إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ"

 

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".