غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

الجرائم تتصاعد في غزة.. إلى متى ستبقى المرأة "الجناح المكسور"؟

جرائم
شمس نيوز - خاص (بشرى حفيظ)

تابع الشارع الغزي وقائع جريمة مروعة، الأسبوع قبل الماضي، حيث قُتل رجل وطفلة وأصيب ثمانية أشخاص آخرين، في شجار عائلي وقع في مخيم جباليا، شمالي قطاع غزة، تخلله استخدام للأسلحة النارية.

ووجهت النيابة للمُتهم الأول في القضية (ج، ق) وهو زوج ابنة المغدور، تهم القتل قصداً، ومحاولة القتل وإيقاع أذى بليغ، وحمل سلاح ناري في مناسبة غير مشروعة، وحيازة سلاح ناري بدون ترخيص، بالإضافة إلى إقلاق الراحة العامة، وإطلاق النار في منطقة مأهولة بالسكان.

وتتكرر جرائم القتل بشكل ملحوظ في غزة، وسط انتشار للسلاح، وغياب النصوص القانونية الرادعة؛ ما استدعى من المنظمات الحقوقية أن تدق ناقوس الخطر.

وتشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى، أن 29 قتيلا قد قضوا سواء في الشجارات العائلية أو لأخذ الثأر منذ بداية العام الحالي، وكان أغلب حالاتها ممن قتلوا بسلاح غير مرخص.

أثارت الخوف

ويخشى سكان قطاع غزة من ارتفاع مؤشرات الجريمة داخل المجتمع، ومن أن يصبح القتل شيئًا عاديًا، يمر مرور الكرام.

وتروي المواطنة ابتسام قصة من الخوف عاشتها عائلتها بسبب شجار عائلي معها وتقول: عشنا أيامًا طويلة من الخوف، فأصبحنا نلزم بيوتنا؛ بسبب المشاكل التي تفشت بيننا وبين عائلة أخرى؛ ما أوقع قتيلًا شابًا".

وتضيف "تنتشر هذه الجرائم؛ لأننا ابتعدنا عن ديننا الإسلامي الذي يحرم القتل بكل أشكاله، كما غابت عنّا ثقافة الحب، وأصبح كل إنسان يريد أن يتخلص من مشاكله يفتعل المشاكل، ومن ثم تتحول القضية إلى تهجير للعائلات، ومطالبة بالقصاص، والقانون غائب عن التنفيذ".

من جهته، يرى المختص في علم الاجتماع الأستاذ مازن الطراونة، أن جرائم القتل ليست جديدة على الشارع الغزي؛ فثقافة القتل منتشرة منذ القدم، لكن الجديد أن هذه الظاهرة قد انتشرت بطريقة أثارت خوفنا؛ ما جعلنا نعيش أجواء الترقب؛ فقد أصبحنا نستيقظ على جرائم مروعة يقوم بها أشخاص غاب عن ثقافتهم الوازع الديني، وشجعهم غياب القانون.

وأضاف: العنف الأسري في غزة ناتج عن غياب الرقابة الأسرية؛ ما يُعطي المجال أمام الضعفاء ليتركبوا العديد من الجرائم دون محاسبة حقيقية من قبل الداخلية في غزة".

العنف ضد المرأة

تتعرض النساء في المجتمع الفلسطيني عموماً وقطاع غزة على وجه الخصوص، لدرجات متفاوتة من العنف بمختلف أشكاله، والذي يحدث غالباً في حيّزين: الأول "العنف الأُسري"، والثاني "غياب الحاضنة القانونية".

بغض النظر عن أشكال العنف المسلط على النساء في غزة، إلّا إنه لا ينفصل عن كونه ناتجاً من الأطر البنيوية الاجتماعية والثقافية داخل المجتمع الذي لا يزال ينظر إلى المرأة باعتبارها "الجناح المكسور".

ويتضح ذلك من خلال الاستماع إلى شهادات عدد من النساء اللواتي تعرضن للعنف داخل الأسرة، وبصورة خاصة خلال انتشار جائحة كورونا.

وأشارت إحصاءات جهاز الإحصاء الفلسطيني خلال سنة إلى ارتفاع مستويات العنف في قطاع غزة بالنسبة إلى غيره من المناطق، إذ بلغت نسبة العنف الاجتماعي في القطاع نحو 41% في مقابل 20% في الضفة الغربية.

وفيما يتعلق بالنساء اللواتي تعرضن للعنف من الزوج، بلغت نسبة العنف النفسي 76%، ونسبة العنف الجسدي 34%، أمّا العنف الجنسي فقد بلغت نسبته 14%.

مطالبات بوقف العنف

وتطالب المؤسسات الحقوقية والمؤسسات ذات العلاقة بشؤون المرأة، بوضع حد للعنف ضد المرأة الفلسطينية التي وقفت دائما أمام الظروف الصعبة بجانب الرجل.

وشاركت جمعية عايشة لحماية المرأة والطفل، في السادس من تموز في الإضراب العابر للحدود الذي دعت له مؤسسات تحالف أمل لمناهضة العنف ضد المرأة؛ احتجاجاً على انتشار جرائم قتل النساء، ورفضاً لكافة أشكال العنف التي تتعرض لها النساء الفلسطينيات والعربيات.

وطالبت جمعية عايشة خلال الوقفة التي نظمتها على هامش الإضراب بتوفير وضمان الحماية للنساء اللواتي يتعرضن للعنف والناجيات منه، وتنقيح الأحكام التمييزية في قوانين الأسرة والأحوال الشخصية والقوانين الجنائية، والتي تسهم في تكريس جرائم العنف ضد المرأة.

وأعربت جمعية عايشة عن أسفها مجدداً لاستمرار حوادث قتل النساء، مؤكدة على ضرورة بناء أسس كفيلة بمناهضة كافة أشكال العنف والتمييز ضد المرأة، بما في ذلك التأكيد على أن الجرائم الواقعة على النساء والتعامل معها على أنها جرائم عمدية مع سبق الإصرار والترصد، وتستوجب إنزال عقوبة مشددة بمقترفيها أيا كانت ملابساتها ودوافعها.

يحاربن وحدهن

وعلى الرغم من غياب الدعم المادي من قبل السلطات، تمكنت الفلسطينية هبة محمد بعد طول عناء من التواصل مباشرة مع إحدى المؤسسات النسوية عبر تطبيق إلكتروني؛ للحصول على دعم نفسي واجتماعي للتخلص من تبعات العنف الأسري الذي تتعرض له بشكل مستمر.

وشارك في إعداد وإطلاق التطبيق الذي يحمل اسم "مساحاتنا" نحو 18 مهندسة برمجة، حيث يتطلب من المشتركة تحميله على هاتفها النقال، ومن ثم إدخال رقمها الخاص، ومكان سكنها؛ كي تتمكن من الحصول على كود معين خاص بها.

وهبة واحدة من بين 190 سيدة تواصلن فعليا مع المؤسسات النسوية ذات الاختصاص من خلال تطبيق "مساحاتنا".

كما يوجد حوالي 600 سيدة أخرى مشتركات عبر التطبيق منذ إطلاقه قبل ثلاثة أشهر، بحسب ما أفادت خلود سوالمة مديرة المشاريع في مركز الإعلام المجتمعي بغزة.

تطبيق القانون

ويرى بسام أبو نايفة أن انتشار مثل هذه الجرائم يغذيها غياب تطبيق القانون، وهو السبب الرئيسي لأية جريمة يشهدها أي مجتمع، فإذا ما توفرت أسباب وأدوات الجريمة، وغاب الخوف من القتل، سيقوم القاتل بالجريمة.

يضيف: ما يجب أن نؤكده هنا أن جرائم القتل في غزة ليست منظمة، ولا يُنظر إليها على أنها جرائم منظمة، وإنما هي عشوائية تأتي من باب السرقة، والمشاجرات العائلية وكذلك العنف الأسري، وضحايا هذا العنف غالبًا ما يكونون من كبار السن ومن النساء

ويضيف بسام أن القانون موجود، ولا يحتاج إلا للتطبيق، وهذا التطبيق لا يأتي كلامًا؛ إنما يجب أن يكون على أرض الواقع بتنفيذ أحكام الإعدام فيمن تدينه المحكمة.