من رجال الرعيل الأول ومن شيوخ الزمن الأخير، تاريخ ممتد وزاخر من الجهاد والمقاومة والاعتقال والإبعاد والصمود، أمضى سني عمره بين السجون والمعتقلات، واستشهدت والدته وقدّم فلذتي كبده شهداء، وقافلة من أهله وأقربائه على درب الشهادة والفداء، ولم يتوقف عن عطائه رغم تجاوزه الستين عاماً.
ينحدر الشيخ بسام السعدي من قرية "مقيبلة والمزار" في فلسطين المحتلة التي هجر منها أهلها عام 1948م، وسجَّل مخيم جنين للاجئين تاريخ ميلاده في 23-12-1960م، وعايش إرهاصات النكسة وهزيمة حزيران عام 1967م.
التحق بمدارس المخيم، ثم في مدينة جنين، وشارك في المسيرات والتظاهرات الطلابية حتى سافر إثر نجاحه في الثانوية العامة عام 1981م إلى ايطاليا لدراسة الطب، إلا أن الاحتلال لم يسمح له بالعودة بعد زيارته لأهله، ليضطر لدراسة المحاسبة في جامعات الأردن.
عاد إلى أرض الوطن عام 1983م، وشارك مع مجموعة من الشباب المسلم في مواجهة الاحتلال وأساليبه في إفساد الجيل الشاب والدعوة للإسلام المحمدي الأصيل في جنين واتسع دوره نشاطه ليشمل محافظات الضفة رغم الظروف الصعبة والمخاطر المحيطة به، وخاصة من الاحتلال الذي بدأ عملية التحريض ضده.
التقى بالشهيد الدكتور فتحي الشقاقي أوائل الثمانينيات أثناء زيارته لقطاع غزة، وبدأ مع الجيل المؤسس في زرع بذور فكرة الجهاد في أرض الضفة الخصبة، التي واكبت انتفاضة الحجارة 1987م.
تعرض للاعتقال قبيل اشتعال انتفاضة الحجارة، ليعاد اعتقاله في شهر كانون الثاني لمدة شهرين ونصف، ثم اعتقل في شهر أغسطس عقب مشاركته في أول عرض عسكري لحركة الجهاد الإسلامي حيث تعرض لأبشع أساليب التعذيب.
تمكن من الإفلات من قبضة الاحتلال، ليخضع للمطاردة من عام 1988م – 1991م، حيث قاد العمل السياسي والاجتماعي لحركة الجهاد الإسلامي في تلك المرحلة، حتى تمكنت القوات الصهيونية الخاصة من اعتقاله مجدداً.
خرج من السجن ليعاد اعتقاله بعد 9 أشهر عقب تنفيذ حركة الجهاد الإسلامي عدة عمليات بطولية ضد قوات الاحتلال واستشهاد القائد الكبير عصام براهمة عام 1992م، ثم أبعد مع قادة الانتفاضة إلى مرج الزهور جنوب لبنان، ولدى عودته بقي رهن الاعتقال على عدة فترات.
لم تنتهِ ملاحقة الشيخ بسام، وفي مرحلة أوسلو فشلت قوات الاحتلال في اعتقاله عام 1995م، رغم المطالبات العديدة بتسليم نفسه، لتقوم أجهزة أمن السلطة باعتقاله مرتين عام 1996م، واعتقاله ولديه.
كان لأهله نصيب من ضريبة الانتماء لفلسطين، فقد استشهدت والدته الحاجة بهجة السعدي (72 عاماً) على يد قوات الاحتلال، واستشهد ولديه عبد الكريم في 1-9-2002م، وإبراهيم في 16-11-2002م، من مجاهدي سرايا القدس برصاص قوات الاحتلال، واستشهد ابن شقيقه الطفل بسام الذي يحمل اسمه.
اعتقلت زوجته نوال السعدي "أم إبراهيم" في سجون الاحتلال حوالي ثلاثة أعوام التي كابدت سنوات المحنة والابتلاء، واعتقل أبناءه عز الدين وصهيب وفتحي ويحيى عدة سنوات، كما أصيب عز الدين بجراح خطيرة مطلع انتفاضة الأقصى.
كان من رموز انتفاضة الأقصى حيث دمرت قوات الاحتلال أثناء اجتياح مخيم جنين عام 2002م، منزله وممتلكاته التجارية بعدة صواريخ، والمنازل التي تم استئجارها لأهله وأقربائه، ليطارد لقوات الاحتلال حتى تم اعتقاله عقب انتهاء ملحمة المخيم.
أفرجت سلطات الاحتلال عنه في شباط 2020م، بعد عامين من اعتقاله في 19-3-2018م، لتصبح سنوات اعتقاله ما يزيد عن الـ15 عاماً في سجون الاحتلال، على فترات طويلة ومتعددة.
يمثّل الشيخ المجاهد بسام السعدي "أبو إبراهيم"، مرجعية تاريخية وروحية لأبناء ومجاهدي حركة الجهاد الإسلامي، ومن الشخصيات الوطنية والوحدوية وصاحب رمزية معتبرة في شمال الضفة ومحافظة جنين وعوائل الشهداء والأسرى.
أقدمت قوات الاحتلال مساء الاثنين 1-8-2022م، على جريمة اعتقال الشيخ بسام السعدي برفقة زوج ابنته المجاهد أشرف زيدان الجدع، بعد اقتحام منزل عائلة القيادي السعدي بعشرات الجنود المدججين بالسلاح والاعتداء عليه وعلى أفراد أسرته واصابتهم بجروح متفاوتة.