غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

وصية النابلسي.. لا تتركوا البارودة

ابراهيم النابلسي
بقلم: محمد الفارس

عندما يُقدِم العدو على اغتيال قائد عسكري أو سياسي، هنا يحمل هذا الاغتيال معنى تهديدي ومعنى ردعي، أي أن الاغتيال عبارة عن رسالة من العدو بأن كل من يسير على طريق هذا العسكري أو السياسي ويفكر مثله سيتم قتله، ولو نظرنا إلى فعالية تلك الرسائل عبر تاريخ احتلال العدو لفلسطين لوجدنا أنه وعند كل إغتيال فإن الشعب الفلسطيني يزداد تمسكا وعنادا وإصرارا على المضي في ذات الطريق، وإن استشهاد القادة يزيد المقاومين قوة وليس تراجعا كما يعتقد العدو، والاغتيال بحد ذاته كخيار أخير لدى العدو للتعامل مع التهديد هو ذات دلالة ضعف وليس قوة كما يعتقد.

إن استشهاد القائد إبراهيم النابلسي الذي كان يُطارد العدو وليس يطارده العدو، والذي نجا من محاولات عديدة لاغتياله ورفاقه، وبعد كل محاولة إغتيال له لم يكن يتراجع عن طريقه فيذهب هو ورفاقه للاشتباك مجدداً كما أنه كان يشارك في تشييع جثامين الشهداء، وتلك هي رسائل تحدي منه للإحتلال وكانت تلك الرسائل تؤلم العدو أكثر من الاشتباك نفسه، كون أن القائد النابلسي كان يبادل العدو رسائله برسائل أقوى منها لأنه يضعها في سياق تعزيز الوعي والصمود والقتال ضده، لذلك كان العدو مصرّاً على إغتياله ولو بأي ثمن ظنّاً منه بأنه سيوقف هذا الوعي، إن استشهاد النابلسي مؤكدٌ أنه سيخلق العشرات من أقرانه، فتلك النماذج ما وُلدت لتختفي بالاغتيال بل وُلدت لتبقى ولتورَّث من جيل إلى جيل، وسيحمل الراية قائد جديد، والشعب الفلسطيني عبر تاريخه لم تتوقف مسيرته النضالية رغم اغتيالات العدو للمئات من قادته.

النابلسي قدم نموذج في الفداء والتضحية وحمل سلاحه بكل شجاعة وفدائية وإقدام، حمل سلاحه وحمل معه كرامة الشعب الفلسطيني، لم يتراجع رغم تناثر الموت من حوله، لم يتراجع رغم التهديد المستمر له ولعائلته ولرفاقه، مضى في طريق ذات الشوكة مقبلا غير مدبر، ولسان حاله يردد قول الله تعالى: "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون"، نعم أيها النابلسي المقدام أنت حي وترزق، حي عند الله وحي في نفوس الناس، وسيبقى فعلك وجهادك نور يهتدي به كل شباب فلسطين من بعدك، وستبقى رسالتك إلى أبناء شعبنا خالدة والتي أوصيته بها قبل ارتقاءك بدقائق، بألاّ يتركوا البارودة، وتلك هي أهم وصية وأبلغ وصية مختصرة يمكن أن يقولها المرء المدرك لطبيعة الصراع ومدرك لطبيعة المشروع الصهيوني، بالفعل أيها النابلسي أنت مدرسة نضالية متكاملة سيخلدها التاريخ.

حتى أمّك التي قلت في رسالتك الأخيرة بأنك تحبها، هي أيضا تحبّك حبّا عظيماً وقد أخبرَتْ كل العالم بأنها تحبك وأنها راضية عنك، وكانت نعم الخنساء الصامدة صمود الشعب الفلسطيني كله، فلم تكن أنت وحدك أيها النابلسي مدرسة في النّضال، كذلك والدتك كانت مدرسة عظيمة في الصمود وإغاظة العدو على طريقتها.

سلام لك أيها المناضل، سلام لك أيها الشهيد، سلام لوالدتك ولأبيك، سلام لرفاقك الشهداء، سلام للبارودة التي عشقت سبّابتك.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".