قدَّم عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين محمد حميد واجب العزاء لعموم شعبنا الفلسطيني بارتقاء الشهداء الأكرم منا جميعاً وعلى رأسهم القائدين العسكريين أعضاء المجلس العسكري لسرايا القدس تيسير الجعبري وخالد منصور اللذين تقدما صفوف المجاهدين في معركة وحدة الساحات وعلى دأب من سبقهم.
وقال حميد في حوار مع موقع "الإعلام الحربي": "إن معركة وحدة الساحات لا يمكن النظر إليها بمعزل عن مسيرة حركة الجهاد الإسلامي التي مثّلت فكرة الإيمان والوعي والثورة، فهي من انطلقت من كافة الساحات في الوطن والخارج وأمنت أن فلسطين التاريخية حق للشعب الفلسطيني دون قبول بأي تسويات أو مشاريع تقسيم أو محاولات تطبيق الواقع. وما حدث قبل أيام في معركة وحدة الساحات هي واضحة الغاية فلا استثناءات في نضال شعبنا الفلسطيني ولا تفرقة بين الدم المهدور في الضفة المحتلة والدم المهدور في غزة، ولذا حظيت هذه المعركة بأهمية استراتيجية بالغة في تاريخ شعبنا الفلسطيني".
إدراك للمخططات الصهيونية
وأضاف: "أن إدراك الحركة المتقدم للمخططات التقسيمية الصهيونية مبكراً ورؤيتها الثاقبة بعيدة المدى لتلك المخططات كان لها الأثر الكبير في تركيز الحركة على ضرورة الربط بين الساحات، والحركة منذ تأسيسها استطاعت الربط بين ساحات الوطن، فقد وجهت الحركة الضربات تلو الضربات للمحتل من مختلف الساحات، وما زالت، كما أن قادة الحركة على يقين من خطورة تقزيم مقاومة قطاع غزة الفاعلة وعزلها عن باقي الساحات لتسهيل الاستفراد بها، فقررت بحزم وأكدت على ضرورة ربط الفعل المقاوم هنا وهناك، وإحباط محاولات الاستفراد بالشعب الفلسطيني في بعض المناطق عبر تقييد المقاومة في مناطق أخرى مكانياً وزمانياً.
سرايا القدس وإدارة المعركة
وحول إدارة معركة وحدة الساحات من قبل سرايا القدس بقادتها وجندها، أكد حميد، أن السرايا أثبتت عبر المعارك التي خاضتها ضد العدو الصهيوني حالة النضج والانضباط العسكري الذي وصلت إليه في أدائها المقاوم، وقدّمت أداءً راقياً رغم الضربات المؤلمة التي تعرّضت لها السرايا على طول سنوات الصراع مع العدو الصهيوني والتي كان آخرها استشهاد القائدين خالد منصور وتيسير الجعبري وعشرات المجاهدين.
وتابع حديثه قائلاً: " كل صاروخ انطلق من مربضه حمل رسالةً واضحة صادقة التعبير عن وجود حركة حيّة وفاعلة قادرة على الحفاظ على المشروع الوطني الفلسطيني" كما أن الأداء العسكري لسرايا القدس بقادتها وجندها والمنضبط، كان له دور في تحديد التوقيت وضبطه لتوجيه الضربات الصاروخية وقصفها بعشرات الصواريخ محلية الصنع التي امتلكت خصائص الدقة والقوة، كما أن ساعة البهاء "توقيت التاسعة" ما زالت أنموذجاً واثقاً تشرف به السرايا وتوقف فيه آلة الحرب الصهيونية رغم غرورها متفرجة على ضربات سرايا القدس للمدن المحتلة.
معركة وحدة الساحات والمسببات
في ذات السياق أكد القيادي حميد، على أن حمل السلاح في معركة وحدة الساحات جاء مرتبطاً بمسببين: أولاهما مسلسل الجرائم الصهيونية في الضفة المحتلة من اغتيال للمجاهدين وتنكيلٍ بهم، وآخرها اعتقال قوات الاحتلال للقيادي بسام السعدي، ومع ذلك أدرك المحتل أن جرائمه في ساحة الضفة المحتلة سيكون لها تبعاتها من رد المقاومة، وهذا الأمر ذو أهمية كبيرة في خلق توازن في ساحات المقاومة المستضعفة، أما المسبب الثاني: فهو جريمة الاغتيال البشعة التي أقدم عليها العدو الصهيوني لقائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس الشهيد القائد تيسير الجعبري، وهنا لم تمضِ سوى سويعات حتى جاء الرد الغاضب على هذه الجريمة، فكانت المعركة تثبيتاً لقواعد النار بأن اغتيال قادة المقاومة لن يقابل إلا برد آني دون تأجيل ودون توازنات.
وشدد القيادي حميد، على أن ما ميّز معركتي سيف القدس ووحدة الساحات هو إعادة تشكيل العقل الجمعي الفلسطيني الذي يرى المحتل بعينٍ واحدة ويضرب بيدٍ واحدة ويتداعى على جسده بالسهر والحمى، فكان لهاتين المعركتين الفضل في التفاف الشعب الفلسطيني حول خيار المقاومة قولاً وفعلاً دون عبرة للمكان أو الزمان أو الامتيازات أو التسهيلات.
خالد منصور وتيسير الجعبري
وفي معرض رده على سؤال حول ارتقاء القائدين خالد منصور وتيسير الجعبري وكيف أسس الشهيدين لهذه المعركة وما قبلها من معارك، قال حميد: "إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراق أبي منصور وأبي محمود وإخوانهم الشهداء لمحزونون، عزاؤنا فيهما الشهادة التي عملوا من أجلها طوال سنوات والجيش الكرار الذي خلفوه من ورائهما، فهو الجيش القادر على إطلاق ما يقارب الألف صاروخ على دولة الاحتلال في غضون ثلاثة أيام، وهو الجيش ذاته الذي بذل حياته في سبيل تأسيسه وتطويره وتسليحه وتنمية قدراته، فأنجز عمليات نوعية في قلب دولة الاحتلال وخاضوا معارك مصيرية معها، وكان دورهما فاعلاً في تطوير قدراتها، فكانا أصحاب فضلٍ في مشروع الجهاد والمقاومة فتقدما الصفوف وبذلا الغالي والنفيس، وسجلاً اسميهما بحروف من نور في طريق الشوكة الذي نبلى فيه بنقص الأنفس والثمرات.
رسالة حركة الجهاد الإسلامي
وحول رسالة حركة الجهاد الإسلامي خلال هذه المعركة، بيّن القيادي حميد أن الأمين العام القائد زياد النخالة عبر عن رسالة الحركة في لقاءات عدة، فالحركة على مختلف أطرها ولجانها الداخلية المركزية منها والفرعية مجمعة على ضرورة بذل كل الإمكانات في جهاد المحتل، وأداء دورها الرسالي في دفع الباطل ونصرة المستضعفين دون عوائق سياسية مصطنعة ودون التفاتٍ للغيب الذي لا يعلمه إلا الله، فلا يضيرنا فيه تبدل الحسابات أو تآمر الدول، فرسالتنا رسالة جهادٍ لا نرى إلا المحتل عدواً، ورسالة تحدٍ توقد العزم في قلوب وجوارح أبنائها.