ضج العالم من تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس التي قال فيها إن «إسرائيل» ارتكبت مُنذ العام 1947 حتى اليوم، 50 مجزرة في 50 موقعاً فلسطينياً.. 50 «هولوكوست»، وإلى الآن هناك قتلى وكل يوم يُقتل الفلسطينيون بسبب قوات الاحتلال..». هذه التصريحات اغضبت ما يسمى برئيس الحكومة الصهيونية، حيث انتقد يائير لابيد تصريحات الرئيس عباس، وقال عبر حسابه على تويتر “اتهام محمود عباس إسرائيل بارتكاب 50 محرقة (هولوكوست) أثناء وقوفه على التراب الألماني ليس عاراً أخلاقيا فحسب، بل كذبة وحشية”. وأضاف: “قُتل ستة ملايين يهودي في الهولوكوست، من بينهم مليون ونصف المليون طفل يهودي. التاريخ لن يغفر له أبداً” المستشار الألماني أولاف شولتس عبر عن استيائه من تصريحات محمود عباس، وقال إنها تقلل من أهمية المحرقة، وكتب شولتس على تويتر: “بالنسبة لنا نحن الألمان على وجه الخصوص، فإن أي محاولة لإضفاء الطابع النسبي على تفرد المحرقة أمر غير محتمل وغير مقبول.. أنا مستاء من هذه التصريحات المشينة التي أدلى بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس”. كما انتقدت المعارضة الألمانية تصريحات عباس، واعتبرت أنه كان يتعين على شولتس مطالبته بمغادرة ديوان المستشارية، ويبدو ان المانيا تريد ان تكفر عن «ذنبها» بتحميل الفلسطينيين مسؤولية الهولوكوست، وان «إسرائيل» من حقها ان تثأر من الفلسطينيين بارتكاب المزيد من الجرائم والمجازر البشعة بحق الفلسطينيين، فأطفال اسطورة المحرقة من اليهود حرام ان يقتلهم النازيون، لكن أطفال فلسطين يمكن ان يموتوا على يد الاحتلال الصهيوني ويعتبر ذلك عاديا فهي «رفاهية الموت» المباح.
الشرطة الألمانية قررت فتح تحقيق على خلفية تصريحات الرئيس محمود عباس، والواضح كما قال عضو المكتب السياسي الشيخ خالد البطش: «إن موقف الشرطة الألمانية تمثل أحد أوجه ازدواجية المعايير والنفاق والانحياز للاحتلال والتنكر لمعاناة الشعب الفلسطيني، الذي يدفع ثمن نتائج الحرب العالمية الثانية في ظل غياب العدالة الدولية», مضيفا ان تصريح الأخ أبو مازن هو جزء من الرواية الوطنية الفلسطينية التي يدافع عنها شعبنا في وجه العالم بأسره لكشف جرائم الاحتلال الصهيوني، رافضين بذلك أي مجاملة المانية أو انحياز للاحتلال أو تسوية سياسية معه من قبل هذه الدولة أو تلك على حساب آلام الشعب الفلسطيني ومعاناته وعذاباته اليومية، بسبب الارهاب الإسرائيلي الذي فاق في شكله وآثاره كل الأحداث الأخرى», الموقف الألماني المنحاز «لإسرائيل» ليس مستغربا, وهو يلتقي مع الموقف الأمريكي المنحاز كليا «لإسرائيل», والموقف الأوروبي الذي يعمي على جرائم «إسرائيل» بشكل ممنهج, ويدافع عنها في المحافل الدولية, ويرى في جرائمها ومجازرها البشعة دفاعا عن النفس, وكل عدوان يشنه الاحتلال على قطاع غزة, وترتكب فيه «إسرائيل» جرائم حرب بحق الفلسطينيين, يندرج تحت بند الدفاع عن النفس وحق إسرائيل في حماية نفسها من ضربات المقاومة رغم ان إسرائيل تستخدم أسلحة محرمة دوليا, وتستهدف المدنيين العزل, وتضرب البني التحتيه لتأزيم حياة الفلسطينيين ومعيشتهم, فلماذا يدفع الفلسطينيون ثمن اسطورة المحرقة, وهل يعني ذلك ان الفلسطينيين يجب ان يتحملوا اكثر من خمسين محرقة ارتكبها الاحتلال بحقهم, دون ان يسمح لهم بالتعبير عن مظلوميتهم من جرائم الاحتلال ؟!
مواقف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من اسطورة المحرقة تم استدراجه اليه بمخطط مقصود فقد جاء رداً على سؤال خلال المُؤتمر الصحفي المُشترك الذي عقده مع المُستشار الألماني أولاف شولتس، لان الغرب لا يريد أي تعاطف شعبي مع القضية الفلسطينية, خاصة مع المشاهد البشعة التي ظهرت على شاشات التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي والتي أدت الى سقوط ضحايا فلسطينيين في معركة وحدة الساحات من الأطفال والنساء وكبار السن, واعتراف الجيش النازي الصهيوني بارتكابه مجزرة مقبرة الفالوجا التي راح ضحيتها خمسة أطفال فلسطينيين, هناك محاولة غربية لحرف الأنظار عن جرائم «إسرائيل» ومحاولة تضليل للرأي العام وتفجير المعركة في وجه الفلسطينيين, فماذا تنتظرون من المانيا او فرنسا او بريطانيا وهي دول تتبع في سياساتها الإدارة الامريكية, وتتبنى مواقف أمريكا دون نقاش, وترى في قوة «إسرائيل» وسطوتها في المنطقة مصلحة كبيرة لها, لذلك خرجت المبعوثة الأميركية الخاصة لمُراقبة ومُكافحة مُعاداة السامية ديبورا إي ليبستات عبر حسابها على «تويتر»، لتقولً: «يُمكن أن يكون لتشويه «الهولوكوست» عواقب وخيمة ويُؤجج مُعاداة السامية، وإدعاء الرئيس عباس بأن «إسرائيل» ارتكبت 50 محرقة، غير مقبول» وتبعها وزير الحرب الصهيوني بيني غانتس ليقول: «إن كلام «أبو مازن» شائن وكاذب، ومُحاولة لتشويه التاريخ وإعادة كتابته، إن المُقارنة مُؤسفة لا أساس لها من الصحة، بين المحرقة التي قام بها الألمان ومُساعدوهم، وبين الجيش الإسرائيلي الذي يحمي نهضة «إسرائيل» في أرضها ومُواطني «إسرائيل» وسيادتها ضد «الإرهاب الوحشي» هو إنكار للمحرقة». ونفهم من ذلك انهم يقولون ان من حقهم ان يقتلوك, وليس من حقك ان تشكو القتل, انه منطق نازي وفاشي وعنصري ولا انساني, ويدل دلالة قاطعة على ان المجتمع النازي تحكمه شريعة الغاب.