شمس نيوز / عبدالله عبيد
"نبذ حماس" شرط قديم جديد تضعه إسرائيل أمام السلطة الفلسطينية لاستئناف مفاوضات حل الدولتين، وترفضه السلطة على الأقل أمام عدسات الكاميرا، بل وتقابله بتحريك ورقة المصالحة كلما تأزمت أمور "التسوية"، خاصة مع صعود اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو إلى سدة الحكم من جديد، وهو صاحب المواقف المتصلبة تجاه قضايا ما يسمى بـ"الحل النهائي" وحل الدولتين.
ومن المقرر أن يصل رئيس حكومة التوافق الفلسطينية رامي الحمدالله إلى قطاع غزة غدا الأربعاء للقاء مسئولي حركة حماس وبحث القضايا العالقة في ملف المصالحة.
وتأتي هذه الزيارة بعد أسبوع على فوز حزب الليكود اليميني الإسرائيلي في انتخابات الكنيست العشرين، وتكليف نتنياهو بتشكيل حكومة جديدة.
محللون سياسيون أعربوا لـ"شمس نيوز" عن اعتقادهم بأن السلطة الفلسطينية تتجه نحو تفعيل ملف المصالحة مع حماس كلما تأزمت العلاقات مع إسرائيل، مشددين على أن المصالحة أصبحت ورقة لعب وليست نابعة عن قناعات فلسطينية.
وأكد المحللون أن ورقة المصالحة الفلسطينية الداخلية تستخدم لأهداف تكتيكية، موضحين أن الزيارات البروتوكولية للوفود القادمة من الضفة إلى غزة، التي تؤشر لرغبة في المصالحة دون ترجمتها على الأرض هي من تعمق حالة الإحباط في صفوف الناس.
وكانت مصادر فلسطينية مطلعة كشفت عن وصول وفد من جهاز حرس الرئيس لمدينة غزة أمس الاثنين من أجل إجراء الترتيبات اللازمة لزيارة رئيس الوزراء د. رامي الحمدالله للقطاع.
ورقة وليست قناعة
المحلل السياسي أكرم عطاالله، يرى أنه في حال تأزمت علاقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، فإن الأخيرة تتجه نحو المصالحة مع حركة حماس، موضحاً أن المصالحة بين فتح وحماس ورقة وليست قناعة فلسطينية.
وقال عطاالله لـ"شمس نيوز": أكثر من مرة نلمس أن المصالحة يتم استخدامها بعد تأثيرات خارجية، فالمرة الأولى توجه وفد من الضفة لغزة بعد أن أغلق نتنياهو ملف التسوية، وها نحن اليوم ننتظر وفدا من منظمة التحرير بعد فوز اليمين المتطرف بالانتخابات الإسرائيلية".
وأضاف: في كل مرة تتأثر المصالحة بأجواء خارجية، وهذا بكل تأكيد ليس مبنيا بالضرورة على حسابات فلسطينية الداخلية بقدر ما هو مبني على تطورات خارجية"، مطالباً قيادة السلطة الفلسطينية وحماس بأن تدركا أنه لا بديل لها سوى المصالحة.
وشدد عطالله على أن المصالحة الداخلية ورقة القوة الفلسطينية الوحيدة والأولى في مواجهة المشروع الإسرائيلي الذي يتمدد على الأرض في الضفة الغربية وينفذ الحروب على قطاع غزة، لافتاً إلى أن نتنياهو طلب من السلطة نبذ حركة حماس، ليقول للعالم كيف أجري مفاوضات مع سلطة تقيم علاقات مع حركة حماس الإرهابية؟" بحسب تعبيره.
وأشار المحلل السياسي إلى أن حماس تشعر بأن الجميع يطلب قربها وودها، كإيران والسعودية وقطر وبعض الدول الأوربية كذلك، منوهاً إلى أن حماس باتت اليوم في وضع أفضل مما كانت عليه من قبل، مستدركا: لكن عليها أن تعزز وجهة المصالحة الداخلية، لأن ما يحدث هو مفاوضات على غزة".
ومن الجدير بالذكر أن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير قد قررت إرسال وفد يضم الفصائل المشاركة في المنظمة، إلى قطاع غزة، بهدف بحث وحل المشاكل التي تعترض تطبيق اتفاق المصالحة ودفعها إلى الأمام.
أهداف تكتيكية
أما من وجهة نظر المحلل السياسي، محسن أبو رمضان، فإن ورقة المصالحة الفلسطينية الداخلية تستخدم لأهداف تكتيكية، مضيفاً: عندما تتأزم العلاقات مع إسرائيل وبعدما فشلت مساعي وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، وبعد نجاح الليكود ونتنياهو في انتخابات إسرائيل، بدأت قيادة السلطة الفلسطينية بإرسال الوفود إلى قطاع غزة".
وتابع أبو رمضان في حديثه لـ"شمس نيوز": هناك أحاديث عن احتمالية إرسال وفد تابع للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وعن قدوم رامي الحمدلله"، مبيناً أن هذه الوفود بدأت تتحرك بعد تأزم العلاقة بين السلطة وإسرائيل.
وأوضح أن المطلوب الآن مغادرة الأجواء السلبية للمصالحة والأهداف التكتيكية المؤقتة، و الشروع في تنفيذ اتفاق المصالحة رزمة واحدة، بما يشمل منظمة التحرير والإطار القيادي وعقد دورة للمجلس التشريعي وكذلك تنفيذ عملية إعادة الإعمار والتحضير للانتخابات العامة.
وبيّن أبو رمضان أن الزيارات البروتوكولية التي تؤشر لرغبة بالمصالحة دون ترجمتها على الأرض هي من يعمق حالة الإحباط في صفوف الناس، مطالباً حماس وفتح بتحقيق مصالحة واقعية تخرج الفلسطينيين من أزماتهم المتراكمة.
وفي السياق، لفت المحلل السياسي إلى أن استخدام نتنياهو لحركة حماس كورقة ضغط على السلطة، ما هو إلا وسيلة لإحراج الرئيس عباس أمام المجتمع الدولي وإظهاره بأنه يتحالف مع منظمات "إرهابية" حسب تصنيف إسرائيل والرباعية.
وكان وزير الاتصالات السابق، م. عماد الفالوجي صرح لـ"شمس نيوز" أنه لامس من الرئيس محمود عباس جدية تامة في تحقيق المصالحة الفلسطينية، وإصدار مرسوم الانتخابات التشريعية والرئاسية، خلال لقائه الأخير معه.
ولفت إلى أن الرئيس عباس قد ركّز في حديثه على موضوع الانتخابات، معتبراً ملف الانتخابات البوابة الأساسية للخروج من حالة الانقسام الحالية والدخول في مرحلة جديدة.
وشدد الفالوجي على ضرورة زيارة وفد المنظمة لقطاع غزة، من أجل تحريك المياه الراكدة بين غزة والضفة، معرباً في الوقت ذاته عن تفاؤله لأن المرحلة القادمة ستشهد دفعة في عملية المصالحة، خاصة بعد عودة اليمين الإسرائيلي للحكم ووصول الحلول السلمية إلى مرحلة صعبة"، على حد وصفه.