إنها (سرايا القدس)، إنها (سرايا المجد)، إنها (سرايا التحدي)، والعنفوان، والقوة.. فبعد نحو 20 عاما من إطلاقها صاروخ "جنين"، الذي يعد أول الصواريخ من صنعٍ محليٍ في غزة، وكان مداه لا يتعدى 4 كيلومترات؛ حتى وصل شعاع صواريخها إلى حوالي 120 كيلومترا الذي استهدف تل أبيب، والخضيرة، وما حولهما أثناء معركة "وحدة الساحات" في 5 آب/أغسطس 2022، ويبدو أنَّ ما خفي أعظم، وأدهى، وأمر.
سرايا القدس التي دائماً ما تفاجئ الصديق والعدو أزاحت في ذكرى انطلاقتها الـ 35 الستار عن راجمات محشوة بالصواريخ؛ وسط فرحة عارمة من جمهور المقاومة الفلسطينية في غزة، التي تزاحمت لتلتقط الصور التذكارية مع صواريخ وراجمات كُتِبَ عليها: "شُعَاعُنَا لَيْسَ لَهُ حَدٌّ".
وأثار ما عرضته "سرايا القدس" من منصات وراجمات للصواريخ في مهرجان انطلاقة الجهاد الـ 35 في مدينة غزة، اهتمامًا كبيرًا من خبراء عسكريين ووسائل إعلام الاحتلال، مع ترجيحهم جميعاً أنّ تلك الراجمات والصواريخ هي جزء يسير من ترسانة سرايا القدس العسكرية، وأنَّ تلك الراجمات -التي لم يعرف مداها بعد- كانت تحمل عديد الرسائل الموجهة لمن يهمه الأمر، منها للصديق، وكثير منها للعدو.
دليل قوة وعافية واقتدار
اللواء السوري والخبير العسكري محمد عباس يرى، أن وضع الراجمات الملقمة بالصواريخ وسط الجماهير الحاشدة المشاركة بمهرجان انطلاقة حركة الجهاد الإسلامي الـ 35 في قطاع غزة، تحمل رسالة واضحة للعدو والصديق، بأنَّ الشعب الفلسطيني يحتضن المقاومة بكل ما يستطيع، ويقدم الحماية اللازمة للحفاظ عليها؛ كون الشعب يرى فيها الخيار القادر على استرداد الحقوق.
وأوضح اللواء السوري في حوار لـ"شمس نيوز" أن وجود الراجمات بين الجماهير هدفها طمأنة المواطنين بأن المقاومة تسعى بقدر المستطاع لحمايتهم، وأنها الضامن لأمن واستقرار المواطنين، والدفاع عنهم في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي الذي يستهدفهم في كل لحظةٍ وحين، وعلى امتداد الجغرافيا الفلسطينية.
وقال: "إن الجهاد الإسلامي ترتكز في قراراتها على خيارات الشعب الفلسطيني، وأكبر دليل على ذلك احتضان الجماهير الحاشدة لراجمات الصواريخ في مهرجان الانطلاقة، إذ أن مشاهد الفرح والسرور للجماهير أمام الراجمات يدل على صدق وقوة العلاقة المتبادلة بين الجهاد والشعب الفلسطيني".
وأشار إلى أن "سرايا القدس" قد راكمت عناصر القوة على مدار السنوات الماضية، إذ بات اليوم مدى صواريخها أبعد، وتأثيرها أقوى، وقدراتها القتالية أكثر جهوزية، وأكثر اتساعًا وعدداً وخبرةً على مستوى القدرات البشرية.
ولفت إلى أن اتساع الحاضنة الشعبية للجهاد الإسلامي يفرض عليها التزامًا بالسعي الدائم؛ لحماية الضفة المحتلة، إذ أن الحركة فرضت حضورها، وشروطها، وقدراتها في معادلة توازن الردع والرعب مع الكيان.
وأشاد اللواء السوري بالصناعات العسكرية التي تتميز بها "سرايا القدس" من حيث التأثير، والفاعلية، والدقة، والقدرة على التوجيه والسيطرة والتحكم، كما أنها تتميز بعنصر المفاجأة والصمت، وهذا يجعل العدو أكثر حذرًا من استهداف الحركة وقادتها.
وذكر أن أهم العناصر الرافعة للمقاومة وللفصائل الفلسطيني هي قدرتها على الحفاظ على ما تحقق من انتصارات متراكمة قدمها الشهداء بأرواحهم ودمائهم، وكيفية حمايتها، مؤكدًا أن حماية تلك التراكمات يعني حماية الشعب، وحماية منظومة التسليح، والمقاتل الفلسطيني.
وحول المستقبل الذي قد تواجهه حركة الجهاد الإسلامي، يعتقد اللواء السوري أن أكبر تحدٍ وخطورة للجهاد الإسلامي هو حماية وجودها وبقائها وتحقيقها للقرار الفلسطيني الحر دفاعا عن المواطن الفلسطيني وقضيتها بعيدًا عن التوجهات السياسية والمفاوضات العبثية التي تدفع إلى الخنوع والاستسلام.
وقال: "إن الفعل المقاوم ثقافة وإرادة مستمرة لتحقيق الانتصار على العدو"، متمنيًا للجهاد الإسلامي استمرار الصعود نحو الأهداف الوطنية الفلسطينية، وإبقاء سيفها مشرعًا في وجه العدو الإسرائيلي.
سرايا القدس بخير
وفي السياق يعتقد الخبير العسكري أحمد عبدالرحمن، أن الرسالة الأساسية هي للعدو الإسرائيلي، خاصة بعد معركة وحدة الساحات، وما يجري من استهداف مباشر لمدينة القدس والمسجد الأقصى تحديدًا، ومدينة جنين شمال الضفة المحتلة.
وأكد أن العدو الإسرائيلي يعتقد بأنه وجه ضربة قاسية لسرايا القدس خلال معركة وحدة الساحات، باغتيال قادته، واستهداف إمكانياته العسكرية؛ لكن ما عرضته سرايا القدس من راجمات للصواريخ وسط حشود كبيرة لعشاق المقاومة هي رسالة قوية بأن قوة الذراع العسكري للجهاد الإسلامي لم تتأثر؛ بل ازدادت قوة، وأصحبت إمكانياتها أفضل من قبل فقد استطاعت أن تعيد بنيتها الصاروخية.
وأشار إلى أن ما عُرض وسط الجماهير من صواريخ يصل مداها نحو 100 كيلو متر يدلل على أن هناك تطورا مهما تريد سرايا القدس قوله للاحتلال، لافتًا إلى أن العدو يقرأ هذه الرسائل جيدًا، ويتابع دور حركة الجهاد الإسلامي تحديدًا في الضفة المحتلة.
وأوضح ان الجهاد الإسلامي تريد ترسيخ ترابط وحدة الساحات ما بين غزة، وجنين، والقدس رغم محاولات فك العلاقة ما بين غزة، والضفة، والقدس التي تجري من أكثر من طرف؛ لكن يبدو أن الجهاد مصرة على موقفها، وأعتقد أنه موقف جماهيري لكل أبناء شعبنا؛ بألا تترك القدس وحدها، والضفة وحدها، وغزة تبقى تعيش بهدوء تحت ذريعة خدمات اقتصادية يروج لها العدو.
ولفت إلى أن الرسالة الأخرى التي تريد سرايا القدس إيصالها للعدو من خلال عرض الراجمات، بأن لديها الإمكانيات والقدرة للعودة للقتال وقتما شاءت الظروف، فالجهاد لم تغادر ساحة القتال مطلقًا.
وعن الرسالة الثالثة من الراجمات قال: "ما عُرض من راجمات هو أقل بكثير مما تملكه سرايا القدس، وهو يرفع معنويات شعبنا والجماهير الحاشدة التي جاءت في جميع الساحات لا سيما في جنين البطولة.
تفاصيل ما عرضته سرايا القدس
وعرضت سرايا القدس، خلال مهرجان إحياء الذكرى الـ35 لانطلاقة حركة الجهاد الإسلامي، صواريخ بعيدة المدى نصبتها بين الحشود المشاركة في المهرجان.
وأسدلت السرايا الستار عن راجمتي صواريخ، تحتوي كل راجمة على نحو 15 صاروخًا بمدى 40 كم، بالإضافة لراجمة ظهرت في منتصف المهرجان وتحتوي على 6 صواريخ مدى 100 كيلو.
والصواريخ المعروضة هي من صناعة سرايا القدس، ويحمل واحد منها اسم "براق 100"، والثاني يحمل رقم "40"، وترمز هذه الأرقام إلى المسافة التي تصل إليها الصواريخ، وتستهدف العمق الإسرائيلي.