الأصداء الباهتة ومستوى التهميش وعدم الاكتراث المصاحبة لأجواء القمة العربية وكأنها أجواء جنائزية، مقابل موج هادر في متابعة انتخابات الكيان الصهيوني هذا يعطى مؤشرًا واضحًا لحجم المأساة التي نعيشها بفرقتنا وغياب البوصلة، ورغم كل هذا التشرذم والتمزق والضياع إلا أن العدو الصهيوني يزداد تطرفًا وجموحًا ناحية تهميشها وتقطيعها وتذويب فلسطين وقضيتها، ومستقبل شعبها ثابت من الثوابت الاستراتيجية في العقل الصهيوني يسار ويمين، إلا أن الانزياح تجاه اليمين المتطرف يقطع الطريق على الواهمين والذين يتابعون العيش في أجواء التضليل والخداع لإطالة أعمارهم ومشاريعهم.
نتائج القمة العربية المنعقدة في الجزائر التي التأمت بعد انقطاع دام ثلاث سنوات لتعود مجددًا وتنعقد بغياب عدد من الملوك والرؤساء والأمراء لاسيما السعودية ودول الخليج.
مخرجات المؤتمر مكررة مملة وحتى أجواء القمة والحديث عن المؤتمر كان باهتًا، ولم يحدِث أي صدًى ولا تأثير؛ بل انعقد وانتهى ولم يحُز اهتمامًا، أو يسترعى الانتباه، بل قوبل بالتغافل وعدم الاكتراث؛ ذلك لأن السمة المتعارف عليها حول القمم للأسف أنها تعزز الخلافات والانقسامات، والملاحظ أن هذه الدورة كونها منعقدة في الجزائر بلد الثورة كانت تحرص قبل القمة على دعوة كل القوى الفلسطينية لإحداث حالة لمّ الشمل ولم تفلح، وحرصت القمة على التركيز على القضية الفلسطينية وطلب الدعم لها ومؤازرتها.
الانتخابات الصهيونية احتلت صدارة الصحافة العالمية قبل الإقليمية والمحلية، وجاءت بالنتيجة المتوقعة التي تشير إلى الطبيعة العنصرية اليمينية المتطرفة الدموية، والوجه الحقيقي للكيان وامتداده بقيادة نتنياهو وبن غفير.
أمام القمة الباهتة ومخرجاتها البائسة وأمام نتائج الانتخابات الصهيونية التي أوصلت الناخب والكتل المتطرفة إلى هذا الناتج الذي يقطع الطريق أمام أي كتلة عداهم بتولي زمام الأمور داخل الكيان.
المشهد السياسي يصبح اليوم أكثر وضوحًا
أمام أصحاب الدعوات المخادعة من الدول العربية والإسلامية التي بررت وقبلت الاقتراب والتطبيع مع الكيان الصهيوني تحت حجج وذرائع واهيه، إنها بمواقفها تشجع الكيان على السلام والتعايش، أن تقلع عن هكذا هرطقات والتفافات.
الفلسطينيون الرسميون وطبقة الاقتصاديين والامنيين عليهم أن يدركوا لحظة الحقيقة ويغادروا المراهنة على الوهم والسراب، والعمل الجدي إلى لم الشمل الذى يصون الحقوق ويشاغل العدو، كما عليهم أن يدركوا أن العالم والاقليم يمران بمرحلة تكاد تكون الأخطر من بعد الحرب العالمية الثانية، وهناك متغيرات مهمة قد تفضي إلى بروز أقطاب عالمية وزوال أخرى واصطفافات وتحالفات جديدة تلقي بظلالها على الكيان والمنطقة.
أمريكيا والاتحاد الأوروبي عليهم التأكد أن هذه السياسات والدعم اللامحدود هو ما أسس لهذا النزوع الذي يقود إلى إشعال فتيل النار واستمراره حينما تنكروا لكل الوعود، وهمشوا القضية بل ساهموا في العمل على تصفيتها.
برغم هذا الهوان والخذلان مازالت فلسطين ومقاومتها بخير طالما أن هناك من يؤمن بأن الصراع لازال مفتوحًا ولن يقفل بابه، والاشتباك لازال مستمرًا وروح المقاومة تسرى اليوم في العروق والدم الطاهر ينير الدرب، المعركة مستمرة وخيار المقاومة الشاملة كل يوم يتعزز ويكبر، وهو الأمل الوحيد للحرية والتحرير والعودة، ومهما كانت كلفته إلا أنه هو طريق العز والفخار والكرامة، وهو ما سيعيد رسم كل التحالفات ويبني جسورًا مع الأمة التي تشكل فلسطين منها موضع القلب، ذلك لموقعها الاستراتيجي ومكانتها العقدية والتاريخية والواقعية.
