غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

مقاومة المفاهيم الخاطئة

د. محمد مشتهى.jpg
بقلم/ د. محمد مشتهى

إن التنظيم الذي يرتضي على نفسه أن يحكم النّاس، يجب عليه أن يتحمل كل الشتائم والاعتصامات والمطالبات والاحتجاجات والانتقادات ويتحمل المسئولية عن كل الفئات التي يحكمها، ويوفر لهم الطعام والشراب والحماية والأمن والأمان حتى لو نالت تلك الانتقادات من التنظيم أعظم النيل، والتنظيم الذي يريد أن يتقلّد مسؤولية الشأن العام ويقدم نفسه كمناضل من أجل الحرية يجب عليه أن يتحمّل كل ذلك، وإذا لم يستطع فليغادر الحُكم.

التنظيم المقاوم والمناضل يجب عليه أن يكون مع الوطن والمواطن سواء عجب الآخرين أم لم يعجبهم، ولغته يجب أن تكون لغة وطنية بامتياز وأن تبقى طليعية متقدمة وتقاوِم المفاهيم الخاطئة.

وحريٌ بالتنظيم الذي يتّخذ خيارات ميدانية أو سياسية تهم وتؤثّر على الكل الوطني أن يأخذ رأي التنظيمات الأخرى قبل أن يتخذها بدلاً من الهجوم وفتح النار عليهم واتهامهم بالتآمر لمجرّد أنهم خالفوا موقفه، وإنّ أخذ القانون باليد لا يؤسس لعمل وطني حقيقي حتى لو بعدها تم ضرب ألف صاروخ في اليوم الواحد، لذلك يجب التأسيس لبناء إنسان ثوري وجيل حرٍّ ومعافىً، جيلٍ يسلّم جيل جديد، أما الجيل المعوّق المُستعبَد سيخرّج جيلاً أكثر تعوّقا واستعباداً.

إن الصمت على محاكمة الناس خارج القانون يؤسس لحالة ميدانية غير مستقرة تكون سمتها الفوضى والعربدة، ثم إن الذي يصمت على ذلك لا يستطيع مستقبلاً الاعتراض في حال تم محاكمته خارج القانون، حتى لو اعترض عند محاكمته خارج القانون فإن الناس في النهاية ستقول له: أنت لم تعترض سابقا على محاكمة غيرك خارج القانون وقد نلت ما ناله الناس ولا يحق لك الاعتراض، فالقانون يوضع لحماية الناس كلها وليس فئة محددة من البشر، والدفاع لأجل حرية الآخرين هو بمثابة دفاع وحماية لحريتك أنت، والدفاع لأجل حقوق الآخرين هو دفاع للحفاظ على حقوقك أنت، أما مشاهدة انتهاكات الحريات والتعرض لحقوق الغير ثم معالجة ردة الفعل، فإن هذا الفهم والمنطق منطق غير مبادِر، والولوج في هكذا منطق لا يحمي أحد ويضع الجميع في دائرة الخطر المؤكد.

لذلك من المهم عدم اعتبار كل من يحتج أو يأخذ موقفاً أو خياراً سياسياً أو نقابياً أو طلابياً مخالفا للتنظيم الحاكم أنه متآمر على مقاومته وعلى سلاحه، وفي النهاية التنظيمات الحرة الحاملة للقضايا الوطنية والتي تسعى من أجل شعبها لا تهزها كل الشتائم والاتهامات وتمضى في طريقها وتعتمد على القضاء ومؤسسات الوطن وتواجه الفكرة بالفكرة والحجة بالحجة في معالجة مشاكلها الداخلية، وبهذا المنطق يمكن المضي في تأسيس وبناء مشروع وطني محترم.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".