غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خيارات السلطة الفلسطينية في مواجهة قبضة "الصهيونية الدينية"

بن-غفير-ونتنياهو.jpg
بقلم/ محمد جرادات

ما خيارات السلطة الفلسطينية في مواجهة قرار الناخب الإسرائيلي، وقد أفرز حزباً يهودياً يتحكّم بتلابيب وأنفاس المواطن الفلسطيني، ومعه السلطة ومؤسساتها المدنية وأجهزتها الأمنية؟ 

 ديفيد" عام 2000 نحو خيارات أخرى، تتسع لها حساباتها، وهي ليست بالضرورة طلاقاً بائناً مع المحتل، وإن كان هو الأصوب جذرياً، ولكنه ممتنع في ظل ما خلّفته عقود "أوسلو" من إفراز طبقة سياسية اجتماعية كاملة، تداخل نمطها المعيشي مع منحاها السياسي، وقد طال عليها الأمد، فانعدمت خياراتها خارج مشروع التسوية السياسية، فما هذه الخيارات؟

أمام السلطة سيناريوهات عدة يتسع لها نمطها السياسي، وإن لم تكن هي الفضلى في أيّ حال وفق النظرة الجذرية إلى الصراع، ولكنها خيارات يمكن عبرها أن تجدد في شرايينها الحياة لتجاوز أزمة التغوّل اليميني الإسرائيلي، بتفعيل دور منظمة التحرير بقيادة بعيدة من السلطة الراهنة، وهو خيار ممكن، من خلال قيادات قديمة أو شابة، قومية وإسلامية ومستقلة، تحظى بدعم السلطة الصريح سياسياً، بما يمكّنها من خلق مظلة تحتضن المأزق الفلسطيني، وتشكل قلقاً سياسياً للكيان العبري ومنظومة التطبيع.

ويمكن للسلطة عبر أذرعها الميدانية تفعيل النضال الشعبي لمصلحة الأسرى ومجابهة الاستيطان، وتعزيز نقاط المواجهة ورفدها بكل الإمكانيات الشعبية، مع توفير غطاء نسبي للمجموعات الفدائية، في جنين ونابلس، وغض الطرف عن تمددها، وتحمّل التبعات الآنية لهذا التمدد، خصوصاً مع تمركز بؤَرِه في المخيمات والأحياء الشعبية، وتضييق حالات الاحتكاك السلبي معها، بما يجنّب أي مواجهة معها، واستثمار كل عمل مقاوم يصدر من الضفة أو غزة، وربطه في سياق مجابهة الوحشية الإسرائيلية، وتحمل تبعات ذلك.

وتتطلب هذه الخيارات عزل القيادات والشخصيات المرغوب فيها إسرائيلياً من هياكل السلطة، وتعزيز نفوذ الشباب على حساب المسنين، بما يفرز واقعاً فلسطينياً في الضفة الغربية والقدس يحافظ على الحد الأدنى من الاستعصاء، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بعد تجفيف التوتر القائم مع حركتي حماس والجهاد، في ظل العجز عن اتفاق شامل، مع ضرورة تفعيل دور الجبهتين الشعبية والديمقراطية، والكف عن الاعتقال السياسي والأمني، والتوجه نحو تعزيز إجراءات فرض النظام العام في مواجهة المشكلات العائلية والانحرافات الأخلاقية والاتجار بالمخدرات.

ولا بد من خلق فضاء إقليمي ودولي جديد يرتكز على تعزيز العلاقات الخارجية بكل الدول غير المطبّعة، وإعادة النظر في عمل السفارات لتكون أدوات فاعلة، ووضع أوروبا والعالم أمام أزمة حقوق الإنسان المتفاقمة في فلسطين، واستثمار أقل جهد عالمي، من مثل قرار أوروبا الجديد مقاطعة الشرطة الإسرائيلية، وشكوى "قناة الجزيرة" للجنائية الدولية في ملف اغتيال شيرين أبو عاقلة، والكف عن المراهنة على الأميركي باعتباره خصماً لا صديقاً في أي حال.

هذه الخيارات على صعوبة تحققها في فضاء السلطة، تبدو خيارات اضطرارية، وإن لم تكن مؤهلة لصوغ واقع فلسطيني كامل الأهلية. ومع ذلك سيكون لها ارتدادات خطرة، ولكنها تظل أقل خطراً على السلطة، باعتبارها حاجة فلسطينية خدماتية ورمزية ليس لها بديل، من المراوحة في المربع نفسه مع الإمعان في تجاهل الرأي العام الفلسطيني الساخط على هذا الواقع، في ظل هذا التطرّف الإسرائيلي، وقد أشعل كل نيرانه دفعة واحدة لتمس كل الفلسطينيين من دون تفريق، ليحقّق رؤيته العقائدية المتمثلة في مقولة "العربيّ الجيّد هو العربيّ الميت لا غير".

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".