يومي السابع والثامن عشر "يوم عرفة" من شهر ديسمبر لعام 2007 م, كان هذا اليوم بمثابة يوم الفاجعة لسرايا القدس ومجاهديها ولغزة ولكل فلسطين , حيث فقدت في هذا اليوم عشرة مجاهدين من خيرة قادتها ومجاهديها، بعد أن أذاقوا العدو الويلات بصواريخهم القدسية المباركة وبعملياتهم النوعية، على حدود غزة وفي عمق الكيان, فكانت شهادة أبطالنا العشرة : ماجد الحرازين، وجهاد ضاهر، وكريم الدحدوح، وعمار أبو السعيد، وأيمن العيلة، ونائل طافش، وحسام أبو حبل، ومحمد الترامسي، وأسامة ياسين، وسمير بكر، رغم الآلم والحزن نقطة مضيئة في تاريخ جهاد شعبنا ومقاومتنا .
هؤلاء الرجال الذين نذروا لله أرواحهم، جادوا بأوقاتهم ودمائهم وبأغلى ما يملكون من أجل رفعة دينهم ووطنهم، ومن أجل دفع الأذى والعذاب عن أبناء شعبهم ولتبقي شوكة المقاومة في غزة عصيَّة على الانكسار، ارتقوا إلى جوار ربهم بعد إعداد جيش مقدام يقارع العدو ولا يعرف الذل والخنوع، كان لابد لنا في ذكراهم أن نتحدث وبشرف عن مقتطفات لهؤلاء العظام، ونعلم أن الحديث عنهم ليس بالأمر السهل ومهما تحدثنا فلن نوفيهم حقهم .
الشهيد القائد/ ماجد يوسف الحرازين
قائد لا يعرف الهزيمة والانكسار , مدرسة في إعداد جيل مقاوم , لقد كان شجاعاً صنديدا عنيداً، وحنونا ورقيقاً، باراً بوالديه , قلبه معلقاً بالمسجد ,حيث اعتاد الذهاب إلى مسجد الشهيد "عز الدين القسام" بمشروع بيت لاهيا , كان محباً للفقراء والمحتاجين ومن السباقين لتقديم يد العون والمساعدة لهم , التحق بالجهاز العسكري لحركة الجهاد الاسلامي في الانتفاضة الأولى, ومع اندلاع انتفاضة الأقصى المباركة كان للشهيد أيضا دور كبير في إعداد جيش من سرايا القدس وتدريبه على أحدث التقنيات العسكرية، إضافة إلى إشرافه على تنفيذ عشرات العمليات الاستشهادية والجهادية النوعية والمعقدة ضد الاحتلال الصهيوني، تميز الشهيد بالكتمان والسرية وكان هذا سر نجاحه في العمل الجهادي، ويسجل له عشرات العمليات الجهادية التي شارك ووقف على تنفيذها.
الشهيد القائد/ جهاد السيد ضاهر
رجل من زمن رسول الله, شديد التدين، تلمس فيه أخلاق قدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكان يطلب من الجميع إخلاص النيَّة وتصحيحها، ملتزماً بالصلاة, طيب القلب، حريصاً على رضى والديه، شديد الصمت، فكان محباً للجميع ومحبوباً من الجميع , شجاعاً يتقدم لأي مهمة جهادية بقلب المؤمن وبخطى المخلص العارف، ولهذا كان النجاح حليفه في معظم مهماته الجهادية , من الأوائل الذين التحقوا في صفوف حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وذلك في العام 1986م، عمل قائداً للوحدة الخاصة التابعة للجهاز الأمني لحركة الجهاد الإسلامي في العام 1993م ,عشق قتال اليهود ومصارعتهم، فكان ينتظر دوماً وبفارغ الصبر العمليات الاستشهادية, كان مقاتلاً عنيداً لا يكل ولا يمل في مواجهة المحتل وشارك في العديد من العمليات الجهادية.
الشهيد القائد الميداني/ كريم مروان الدحدوح
أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه , استحوذ على محبة والديه بأخلاقه الحسنة وبره الكبير، كان مثالا للشاب المسلم الملتزم، ما جعله محبوبا من كل من عرفه , التحق بحركة الجهاد الإسلامي في مقتبل العمر وعمل بجناحها العسكري سرايا القدس ,عرف بإخلاصه في عمله لله، وكان معروفا بإقدامه وشجاعته الباسلة، وتصديه المتواصل للاعتداءات المتكررة للقوات الصهيونية على قرانا ومدننا ومخيماتنا، وشارك الشهيد مع إخوانه المجاهدين في قصف العديد من المستوطنات المقامة في أرضنا المحتلة في محيط قطاع غزة , العقل المدبر الذي يقف وراء تطوير صواريخ القدس والتي كان آخرها الصاروخ الذي وصل إلى مدينة عسقلان المحتلة , شارك في إعداد وتنفيذ العديد من المهمات الجهادية الخاصة ضد الاحتلال.
الشهيد القائد الميداني/ أيمن لطفي العيلة
رجل قلبه معلق بالمساجد من المحافظين على الصلاة وخاصة صلاة الفجر , حريصاً دوماً على رضى والديه , تميز بصفات الإنسان المجاهد الصادق , فكان طيب القلب، متواضعاً، حنوناً وعطوفاً على الأطفال والصغار ومحترماً للكبار، ومحباً لإخوته حباً شديداً , التحق في صفوف حركة الجهاد الإسلامي في الانتفاضة الأولى ,التحق في صفوف سرايا القدس في البدايات الأولى لتشكيل الجهاز مطلع انتفاضة الأقصى، ليكون أحد العناصر الفاعلة والمكونة للخلايا الأولى لسرايا القدس في مدينة غزة، فعمل في بادئ الأمر ضمن وحدة الرصد والاستطلاع، والرباط على الثغور ,ونظراً لسريته التامة في العمل تم اختياره من قِبل قادة الجهاز العسكري ليكون أحد عناصر النواة الأولى لوحدة التقنية والتصنيع التابعة لسرايا القدس حيث تتلمذ على يد الشهيد القائد "عدنان بستان"، وأصبح أحد أهم مهندسي الصواريخ في مدينة غزة بعد اغتيال القائد "عدنان بستان – أبو جندل".
شارك في التصدي للقوات الصهيونية لدى اجتياحها لمدننا وقرانا الفلسطينية , كما شارك شهيدنا الفارس "أيمن العيلة" في إطلاق العديد من صواريخ القدس بأنواعها وقذائف الهاون وقذائف عملاق السرايا على المغتصبات الصهيونية المنتشرة على طول أراضينا المحتلة عام 1948م , نجا من عدة محاولات اغتيال صهيونية فاشلة حتى ارتقى إلى جوار ربه في عملية اغتيال برفقة إخوانه المجاهدين.
الشهيد القائد الميداني/ عمار يوسف أبو السعيد
المهندس السري في وحدة التصنيع لسرايا القدس , تميز بصفة الكتمان والسرية وسرعة البديهة، تلك الصفات أهلته لان يكون ضمن الجنود الفاعلين في وحدة تصنيع صواريخ القدس في سرايا القدس, انضم إلى صفوف الجهاد الإسلامي في العام 1995 , مع اندلاع انتفاضة الأقصى انضم إلى الوحدة التقنية لسرايا القدس ليدخل مرحلة جديدة في العمل العسكري، ومع بدء العمل في تصنيع الصواريخ المظفرة رشح اسم الشهيد بقوة بحكم خبرته وصفاء ذهنه وقدرته على الاستيعاب وتخصصه في الهندسة الكهربائية لأن يكون من أوائل العاملين في وحدة تصنيع صواريخ القدس, حيث عكف الشهيد ورفاقه المجاهدين على تطوير منظومة صواريخ سرايا القدس لجعلها أكثر قدرة على إيقاع الخسائر في الصهاينة.
الشهيد القائد الميداني/ نائل رشدي طافش
ذلك الجندي المجهول في سرايا القدس ,تميز بالهدوء والسكينة، فكان قليل الكلام، كثير الصمت، ملتزما في المساجد , طيباً وخلوقاً وباراً بوالديه، واصلاً لرحمه محباً لإخوانه وأقاربه وجيرانه حنوناً عليهم .
انضم إلى صفوف حركة الجهاد الاسلامي مع بداية الانتفاضة الأولى , ومع بداية انتفاضة الأقصى المباركة التحق بصفوف سرايا القدس، حيث عمل ضمن الوحدات الخاصة بتدريب وإعداد الشباب المجاهد على مختلف الأسلحة والتقنيات. وبسبب نشاطه وسريته للعمل اختير للعمل ضمن وحدة التصنيع وإطلاق الصواريخ القدسية التي نفذت العديد من الهجمات الصاروخية المباركة ضد المغتصبات الصهيونية المقامة على أراضينا المحتلة عام 1948م.
وعلى هذا الدرب المبارك الذي خطه شهدائنا الأبطال , سار خلفهم الكثير من المجاهدين ليرسموا بدمائهم الطاهرة وبعرقهم وبذلهم وجهادهم الطريق الواضحة التي لن نحيد عنها نحو القدس والنصر.
الشهيد القائد/ حسام محمود أبو حبل
كان شهيدنا مؤمناً واثقاً بالله وبإسلامه، هادئاً متزناً، شديد الكتمان، وكان من الملتزمين بالصلاة وخاصة صلاة الفجر، وكان متديناً يعطف على الصغير والكبير، يصل رحمه وأقاربه، محبوباً مبتسماً، كان نعم الزوج لزوجته، ونعم الأب الحنون الرحيم بأولاده، والابن البار لوالديه، والأخ المحبوب من كل من عرفه، فحب شهيدنا لأرضه ووطنه ومقدساته وحبه للشهادة دفعه للبحث عن طريق يسلكه ليواصل مشواره الجهادي، أعجب واقتنع شهيدنا المجاهد بفكر الدكتور المعلم فتحي الشقاقي، وبصوابية منهجه المقدس "الإسلام، الجهاد، فلسطين" الذي أثبت مصداقيته ومصداقية بندقيته وخيار حركته.
التحق شهيدنا في صفوف حركة الجهاد الإسلامي منذ بدايات العام ألف وتسعمائة وتسعة وتسعون، ومع اندلاع انتفاضة الأقصى، ومع البدايات الأولى لتأسيس سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، كان شهيدنا من أوائل الذين انضموا إلى ذلك الجهاز، وبدأ نشاطه العسكري من خلال رباطه على الثغور وصد الاجتياحات الصهيونية، وتدرج ليصبح أحد أبرز قادته في شمال غزة ومسئولاً مباشراً عن المنطقة الشرقية للواء الشمال، حيث أشرف على تخريج العديد من الدورات العسكرية لمجاهدي السرايا، وفي الليلة التي ارتقى إلى الله شهيدا كان شهيدنا لتوّه يختتم دورة خاصة لإخوانه في المجال التقني، كما كان لشهيدنا الدور البارز في إطلاق دفعات كبيرة من صواريخ "قدس" على المستوطنات المحاذية لقطاع غزة.
الشهيد القائد الميداني/ محمد سعيد الترامسي
كان شهيدنا صادقاً مخلصاً تقياً ورعاً، صابراً على البلاء، حكيماً في قراراته، ومما يميز الشهيد أبا السعيد صمته الذي كان يخفي وراءه بركاناً ثائراً من الجهاد والمقاومة، لم يكن يتكلم إلا بما هو هام وضروري، إن من يعرفه أوعايشه يدرك أنه لم يكن على صفات عادية، إنما كان مميزاً بكل صفاته وأخلاقه، كان يحب الأطفال الصغار حباً جماً، حتى أن من يعرفه وكان يخالطه يعرف انه كان لا يترك صغيراً إلا ويداعبه ويمسح على رأسه، كان بمقام الأب للكثير من الأشبال الذين تربوا على يديه، كان فارساً مجاهداً صلباً عنيداً لا يخشى في الله لومة لائم، كان شامخاً كالجبال واسع الصدر كالصحراء الممتدة، ليّن الجانب كالغصن الطري، لم يكن يوماً متشائماً بل كان على الدوام يدعو الله أن يرزقه ما يطلب، كان رحمه الله يردد كثيراً من القرآن.
إن ما يميز الشهيد محمد مما جعله يستحق لقب القائد بجدارة، هو مشواره الجهادي الممتد على مدار سنوات انتفاضة الأقصى، قضاها في الدعوة لله، ومن أجل رفع راية الإسلام، ونشر فكر حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وتدرج أبا السعيد في العمل العسكري في سرايا القدس، إلى أن أصبح نائب القائد العام للمنطقة الشرقية في شمال غزة، وذلك بسبب نشاطه وخبرته العسكرية، التي صنعت منه قائداً عظيماً.
كان للشهيد القائد دوراً بارزاً في قيادة سرايا القدس في شمال قطاع غزة، حيث بدأ بتشكيل المجموعات والسرايا العسكرية، وأخذ يدرب إخوانه على السلاح وإعداد العبوات الناسفة والأحزمة، كما كان له الدور البارز في تشكيل الوحدة الصاروخية في شمال غزة، التي كانت مهمتها دك المستوطنات الصهيونية بالصواريخ القدسية المظفرة.
وكان للشهيد حضور متميز في صد الاجتياحات التي يتعرض لها شمالنا الصامد، من خلال الاشتباكات المسلحة وزرع العبوات، حيث أبتكر شهيدنا أبا السعيد طريقة تفجير العبوات عن طريق الهاتف النقال "الجوال"، حيث أن الكثير من إخوانه في الجهاد والمقاومة شاهدوه وهو يفجر جرافة عسكرية صهيونية في منطقة الشيخ زايد.
الشهيد القائد الميداني/ أسامة علي ياسين
يمتاز شهيدنا أسامة بالسرية التامة، حيث انه رجلأ من الدرجة الأولى، ويمتاز كذلك بالكتمان وهو قليل الكلام، وطبعه هادئ، كما كانت تربطه علاقة أسرية عائلية بجميع أفراد العائلة، وكان هو الرجل الحقيقي في البيت حيث كانت العائلة تصفه بعمود البيت.
في منتصف عام ألفين وأربعة انضم شهيدنا أبا علي إلى صفوف حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، ونظراً لخبرته العسكرية في إطلاق الصواريخ والتصنيع، اختارته قيادة سرايا القدس للعمل ضمن صفوف السرايا، حيث أن الشهيد قام بتجهيز العديد من الأحزمة الناسفة لعدد من الاستشهاديين منهم الاستشهادي أسامة زقوت والاستشهادية ميرفت مسعود.
وفي آخر عملياته، قام هو وعدد من مجاهدي السرايا بإطلاق عدد من صواريخ القدس المظفرة، والتي أصابت عدداً من جنود ومجندات العدو الصهيوني قبل أيام من استشهاده.
الشهيد القائد الميداني/ سمير عوض الله بكر
لقد كان سمير منذ صغره محبوبا من جميع إخوانه ومن كل من عرفه، وتميز بصفات لم تكن إلا في القليل من الشباب، وكان دائما مطيعاً لوالديه، وهادئاً منذ صغره ومبتسماً في كل المواقف والأحوال، وتميز بالتزامه بالمسجد منذ نعومة أظافره، ويعرف بأنه كثير القيام بالليل وخاصة بشهر رمضان وواصل لرحمه، بالإضافة لصفة خفة الحركة وسرعة إنجاز العمل.
في منتصف العام ألفين وأربعة انضم شهيدنا أبا عماد لصفوف حركة الجهاد الإسلامي، ولنشاطه الكبير وسرعته البديهية تم ترشيحه للعمل في إطار جناحها العسكري سرايا القدس، ليصبح بعد ذلك أحد قادة سرايا القدس في شمال غزة، وأيضاً مسؤول تدريب المجاهدين، ومسؤول الإمداد العسكري في المنطقة الشرقية في لواء الشمال.
ومع انتقاله للعمل ضمن صفوف سرايا القدس، واصل أبا عماد طريقه الجهادي بكل شجاعة وتفاني، حيث قام بالمشاركة في إطلاق عشرات الصواريخ على جميع المغتصبات المحيطة في قطاع غزة، كما شارك في صد الكثير من الاجتياحات التي تعرض لها شمال العزة.
الشهادة
ما أروعه من قدر وما أسعدها من لحظة أن تتعانق وتلتقي وتصعد أرواحهم سوياً، إنه قدر الشهداء وقدر المجاهدين المرابطين على ثرى الوطن الحبيب، هناك رجال لا يتركون التاريخ يصنعهم فهم يصنعون التاريخ وبدمائهم يسطرون للعالم اسطع صفحات المجد والبطولة والفداء والبذل في سبيل الله، رجالاً لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله فهم يمضون في طريق ذات الشوكة بكل إقدام وبسالة.
حيث أنه وفي مثل هذين اليومين السابع والثامن عشر من شهر ديسمبر لعام 2007م، صعدت أرواح إخوة كانوا بالنسبة لمن عرفهم وعايشهم رجال الله على الأرض، فعاشوا سويا وجاهدوا في سبيل الله سوياً وارتقوا إلى جنان الخلد بإذن الله سوياً، فكانوا نعم الشاهد على زيف هذه المرحلة، وغادروا هذه الدنيا ليؤكدوا لنا أنه لا طريق إلا طريق الشهداء.
ورحم الله شهداءنا الأبرار وأسكنهم فسيح جناته مع الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحدا.