شهد العام 2022، تسارعًا في عمليات الاستيطان ومصادقة حكومة الاحتلال على مشاريع استيطانية جديدة في مناطق الضفة والقدس، أبرزها الإيعاز للبدء بالاستيطان في مطار قلنديا الدولي، ومحاولات نقل الخان الأحمر من مكانه في شرق القدس.
وخلصت التقارير التي رصدت النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس المحتلة خلال 2022، إلى أن الاستيطان زاد بنسب غير مسبوقة منذ احتلال الضفة الغربية والقدس عام 1967.
وبحسب التقارير، بلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس 726 ألفا و427 مستوطنا، موزعين على 176 مستوطنة، و186 بؤرة استيطانية (نواة مستوطنة)، أقيمت 10 منها خلال عام 2022، بالإضافة إلى بؤرتين تمت شرعنتهما.
وخلال 2022 صادقت حكومة الاحتلال على 83 مخططًا لبناء 8288 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، و2635 وحدة بالقدس المحتلة.
وصادرت سلطات الاحتلال قرابة 26 ألفا و500 دونم تحت مسميات مختلفة مثل إعلان محميات طبيعية، وأوامر استملاك ووضع يد، واعتبارها "أراضي دولة".
استكمال للسياسىة الاستيطانية
المختص في شؤون الاستيطان نصفت الخفش، شدد على أن سياسة الاحتلال الاستعمارية العنصرية خلال العام 2022 امتداد لسياساته السابقة، القائمة على احتلال إحلالي لطرد السكان الأصليين أصحاب الأراضي الشرعيين، وإقامة مستعمرات لليهود على هذه الأراضي ومنع سكانها الأصليين من الاستفادة منها.
وأشار الخفش لـ"شمس نيوز" إلى أن الاحتلال يعمل للسيطرة على المناطق الغنية بالموارد الطبيعية، ومواقع استراتيجية لأبناء شعبنا؛ لفرض وقائع على الأرض، وليكون هناك صعوبة بالتوصل لإقامة دولة فلسطينية مترابطة جغرافيًا بالمستقبل.
وقال: "العام 2022 كان عام التنافس بين قادة الاحتلال لإقامة مستوطنات ومصادرة أراضٍ أكثر؛ لكسب أصوات المستوطنين والمتطرفين؛ ليكونوا في المشهد السياسي".
من جانبها، ترى الخبيرة السياسية ريهام عودة أن هذا التسارع جزء من السياسة الاستيطانية والاستعمارية الإسرائيلية التي تنتهجها أي حكومة إسرائيلية؛ لكسب تأييد المستوطنين الذين لديهم تأثير قوي في السياسة الإسرائيلية وأروقة الحكم الإسرائيلي.
وقالت عودة لـ"شمس نيوز" "أي حكومة جديدة تأتي لـ"إسرائيل" حتى تضمن عدم عرقلة عملها، يجب أن تقدم هدية مجانية للمستوطنين تكمن بتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية".
وأشارت إلى أن هناك هدفا آخر ومهما من توسيع المستوطنات خلال عام 2022، وهو استكمال تطبيق مشروع ضم مناطق "c" للسيطرة الإسرائيلية.
وتابعت "يمكن القول إن توسيع الاستيطان هو تكتيك إسرائيلي ستوظفه حكومة الاحتلال في المستقبل؛ للضغط على الفلسطينيين لتقديم تنازلات كبيرة في حال مطالبتهم بترسيم حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية".
فصل القدس وعزلها
وبشأن التركيز الاستيطاني في القدس، أشارت عودة إلى أن هذا التركيز يحاول الاحتلال من خلاله بقدر الإمكان تهويد مدينة القدس والسيطرة عليها؛ حتى لا يكون هناك أي مجال للفلسطينيين بالمطالبة بهذه المدينة المقدسة كعاصمة للدولة الفلسطينية.
وقالت: "لذا تحاول إسرائيل تغيير الطابع العربي للقدس عبر استخدام سياسية تهجير السكان الفلسطينيين الأصليين، واستخدام سياسة استبدال المواطنين الفلسطينيين بسكان يهود؛ حتى تتم السيطرة على القدس بشكل كامل ".
وبالعودة إلى المختص الخفش الذي أكد أن كثافة الهجمة الاستيطانية على مدينة القدس يهدف لقطع المدينة عن تاريخها الإسلامي والفلسطيني وتهويدها بالكامل.
وقال "ما يجري في مستوطنة معاليه أدوميم، ومحاولات تهجير الخان الأحمر، والبناء في مطار قلنديا، جميعها محاولات تهدف إلى طمس أي معالم عربية في هذه المنطقة، وعزل مدينة القدس عن شرقها وشمالها".
وأضاف "كذلك يحاول الاحتلال السيطرة على أحياء القدس، كما يحدث في حي الشيخ جراح، ومحاولة السيطرة على مبانيه ومعالمه؛ ليسكنها المستوطنون، ويضيقوا الخناق على المقدسيين، وليوهموا العالم أن هذه المناطق يهودية، ولا أساس للفلسطينيين فيها.
الاستيطان في 2023
وفي رؤية لوضع الاستيطان خلال العام الجاري، يرى الخفش أن ما كان يحدث في العام الماضي لن يكون بعيدًا عن المشهد في العام 2023 خاصة في ظل حكومة متطرفة لا تؤمن بحق الشعب الفلسطيني بالوجود، وفي ظل المشاريع التي يصادق عليها الكنيست، والتي تهدف لممارسة القمع ضد شعبنا.
وقال "المشهد سيكون صعباً للغاية على أبناء شعبنا، إذا لم نتوحد ونتفق على آليات تردع هذا اليمين المتطرف وتجبره على التراجع عن ممارساته".
وجدد الخفش التأكيد على أن هذا الأمر يتطلب من الفلسطينيين العمل من أجل التوحد في مواجهة هذه المشاريع ومقاومة وردع مخططات اليمين الصهيوني.
هذا الحديث وافقته إياه الكاتبة عودة، قائلة: "من الواضح جدا أن حكومة نتنياهو هي حكومة مستوطنين بامتياز، خاصة مع انضمام كل من سموتريش و بن غفير لها؛ لذا لكي يضمن نتنياهو استقرار حكومته الجديدة من المحتمل جدا أن يمنح مزيدًا من هدايا الترضية للمستوطنين مثل توسيع الاستيطان في الضفة الغربية والقدس، وتطوير البنية التحتية للمستوطنات من توسيع طرق، وشبكات مواصلات... وإلخ، ومنح مزايا وإعفاءات ضريبية للمستوطنين خاصة القاطنين في مناطق غلاف غزة".
وتوقعت أن تستمر الحكومة الجديدة بالمصادقة على توسيع المستوطنات، ولكن بشكل مدروس وحذر.
وأضافت عودة "على ما يبدو يحرص نتنياهو بشكل كبير على نجاح مشروع تطبيعه مع بعض الدول العربية، وعلى تشكيل تحالف إسرائيلي – عربي ضد المشروع النووي الإيراني، إلي جانب تخفيف حدة نقد أعضاء المجتمع الدولي ضد المشاريع الاستيطانية الإسرائيلية، وخاصة أن هناك محاولات دبلوماسية فلسطينية كبيرة لتجريم الاستيطان الإسرائيلي عبر استخدام ورقة محكمة الجنايات الدولية".
هل ستصل للضم؟
وتابعت عودة حديثها "لا أتصور أن نتنياهو سيعلن ضم الضفة الغربية بشكل رسمي ودراماتيكي، بل ربما سيعمل على ضم الضفة الغربية بالتدريج وبطرق غير مباشرة، تتمثل بتوسيع الرقعة الاستيطانية، والمصادقة على مشاريع توسيع المستوطنات دون الحاجة لاتخاذ قرار رسمي كبير بضم الضفة".
وبررت عودة ذلك إلى أن أي إجراء من هذا النوع قد يقلب عليه الرأي العام الدولي، وقد يعيق مشروع التطبيع الإسرائيلي الذي يتفاخر به نتنياهو دائما.