غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

دولة الاحتلال والمنجل الإيراني

الاحتلال وايران.jpg
بقلم/ ياسر عرفات الخواجا        

هل يعدُّ إعلان المسؤولين الأمريكان أن إسرائيل قامت بقصف موقع للتصنيع العسكري في إيراني إعلاناً للحرب على إيران؟؟

حقيقة يدل هذا الإعلان الواضح وعبر المسؤولين في الإدارة الأمريكية على تغير محدود في النظرة الأمريكية للملف النووي الإيراني. فالاتفاق النووي الذى وقع أوروبياً ضمن مجموعة (5+1)، وبرعاية من الولايات المتحدة  الأمريكية عام (2015) في فترة ولاية الرئيس الأمريكي "أوباما" تعرض إلى تراجع أمريكي في عهد الرئيس "ترامب"، وذلك بضغط إسرائيلي على الإدارة الأمريكية حينها للانسحاب من الاتفاق. فيما يتعرض هذا الاتفاق في الآونة الأخيرة إلى نوع من التراجع الأوروبي الأمريكي، وذلك برفض الموافقة على الطلب الإيراني الخاص برفع العقوبات ورفع تصنيف  عن الحرس الثوري الإيراني بالإرهاب، أيضا هذا التراجع تم تحت الضغط الإسرائيلي المستمر، والذى يدفع إلى حالة من التوتر والفتور التفاوضي بين إيران وأوروبا وأمريكا،. ولقد وصل هذا التوتر لدرجة وصف الخارجية الإيرانية للجيوش الأوربية بالإرهاب كرد على الموقف الأوروبي من الحرس  الثوري ووصفه بالإرهاب.

وقد يعتقد البعض أن قواعد الاشتباك بين الأطراف المتصارعة لن تقف عند حد الحرب الاستخباراتية، وتأجيج المعارضة في الداخل الإيراني، وتوجيه ضربات عسكرية وأمنية لها، بل قد تتوسع وتتدحرج الأمور لتصل إلى نقطة صعبة وفاصلة بالاقتراب من الحرب المفتوحة، التي يمكن من خلالها أن تفتح باب المواجهة على مصراعيه ليحرق الأخضر واليابس ويغير وجه المنطقة بأسرها.

*ولكن بالفحص المتأني للمسألة الإيرانية في الوقت الحالي يتبادر السؤال التالي: هل المعطيات السياسية والعسكرية في الوقت الراهن تسمح بحدوث هذا "سيناريو الحرب"؟؟

في الحقيقة هذا السيناريو مستبعد من وجهة نظري، وذلك للحيثيات والمعطيات التالية:

أولاً: المعطيات الأمريكية:

أمريكا حالياً منغمسة في إدارة الحرب الأوكرانية الروسية، وتضع كل ثقلها في هذا الاتجاه، مستعينة بالموقف الأوروبي الضاغط على روسيا، وهذه مرحلة العض على الأصابع، والصمود فيها لصاحب النفس الأطول. وقد اتسم هذا التركيز بالملف الروسي الأوكراني على حساب الاهتمام بالأحلاف الاستراتيجية في المنطقة، وهنا نشير وباختصار بأن وضع الولايات المتحدة الأمريكية لا يسمح بالتركيز على حرب كبيرة أخرى قد تضع المصالح الأمريكية في مهب الريح .

ثانياً: معطيات لدولة الاحتلال:

حقيقة إذا ما نظرنا للوضع الصهيوني والتحديات المفروضة عليه، سواء على صعيد البنية الداخلية والصراعات الحقيقية الدائرة على كل المستويات المركزية والبنيوية لهذا الكيان (السياسية، والتشريعية، والاقتصادية، والقضاء، والحقوق المدنية، والديمقراطية الداخلية)، بالإضافة للصراع الدائر بين اليمين الديني والأحزاب اليسارية على صعيد المؤسسات الأمنية والعسكرية للسيطرة عليها. أو على صعيد التحديات في الضفة الغربية بما فيها القدس، فهم يعيشون أزمة أمنية وعسكرية صعبة، وذلك تحت ضغط استمرار العمل المقاوم والعمليات الدائرة في قلب الكيان، مما حدا بحكومة الاحتلال إلى الدفع بمزيد من الفرق والسرايا من الجيش والقوات الخاصة لدعم ومساندة قوات الجيش هناك.

وهذا يعني أن أكثر من نصف الجيش الآن منتشر في الضفة الغربية لمواجهة الأزمة الأمنية والعسكرية هناك. بالإضافة لعدم استعداد الخاصرة الضعيفة للكيان المتمثلة بالجبهة الداخلية، وضعف قدرتها على الصمود إذا ما فتحت عليها النار من عدة جبهات. بالإضافة إلى أن هناك خلطاً واضطراباً في الرؤية والتعامل مع المشكلة الإيرانية، فتارة يعتبرون أن المواجهة العسكرية للتهديد الإيراني هو وأولى أولوياتهم كيانهم وهو التهديد الاستراتيجي الأول. وتارة يكتفون بالوعودات والضمانات الدولية بمتابعة النووي الإيراني حتى لا يشكل تهديدا لدولتهم.

إلا أن الأهم من وجهة نظري أن التهديد الإيراني ليس فقط تهديداً نووياً، وإنما تهديد مصالح، وذلك يتمثل في التقدم الكبير في الصناعات العسكرية، والتي أضحت فيه إيران رقماً صعباً لدرجة أنها تدعم دولاً قوية ومتقدمة كبرى كروسيا بالعديد من الصناعات الحربية العسكرية التي أثبتت فعاليتها، بالإضافة للتهديد الذى يأتي من خلال الدعم اللوجستي والسياسي بالأفعال للمنظمات المعادية لكيانه. 

الخلاصة:

دولة الاحتلال وأمريكيا الداعمة لها يبلعان المنجل الإيراني لأنهم حالياً على الأقل ليس باستطاعتهم  إخراجه وليس بإمكانهم ابتلاعه.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".