غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

الذكرى الـ22 لارتقاء القائد المؤسس إياد حردان

الشهيد اياد الحردان.jfif
شمس نيوز - إعلام الضفة

كفيضِ البحرِ جوداً.. تجودُ أنفُسُهُم بالعطاء، الخالدون أبَدَ الدهر.. الثابتونَ نُجوماً في السماء، إنهم الشهداء.

إياد حردان، القادمُ من "عرًّابة" جنوب غرب جنين، في الفاتحِ من نيسان عام 1974م، في بيت يخلو من زخارف الدنيا وبهرجتها، كان ترتيبهُ السادس في أسرته، ولم تكن طفولتُهُ لهواً ولعِباً، بل كان يراقبُ بعينيهِ البرَّاقتين الخضراوين كصقر، أولئك الفدائيين الذين اصطفوا في معارك الثورة والبطولة.

درس الفارسُ المُلْهَم في مدارس بلدته، وواصلَ رحلتَه التعليمية في المرحلة الثانوية، والتحق بجامعة الخليل لدراسةِ الهندسة الزراعية، وبسبب المطاردة عاد إلى جنين للدراسة في جامعة القدس المفتوحة في برنامج الخدمة الاجتماعية.

كان الابنُ البار للفكرة، ومن أوائل المنتسبين لها، صاحبُ البصيرةِ والوعي المبكر. يتملَكهُ حبٌ جارفٌ للنهج الأصيل، فكان عابداً بين أركان المحراب، ومجاهداً في ساحات الحراب، وقارئاً نهماّ ومتابعاً فاحصاً لكل ما يجرى على الأرض السليبة فلسطين.  

مع اندلاع انتفاضة الحجارة عام 1987، لم يتأخرْ الفارسُ عن جواده. في مقدمة الصفوفِ، مشاركاً في جميع المواجهات مع جنود الاحتلال في بلدة عرابة، يواجهُ النارَ بنارِ إيمانه المتقد، ويواجهُ الموتَ بعشقِ الشهادة.

كان يعيشُ هَمَهُ ويَوْمَهُ لكي تعيشَ فِكرةُ الجهاد والمقاومة، وتكبرُ يوماً بعد يوم وتَشتعلُ جذوةُ الصراع، فيستقطبُ الشبابَ والفرسانَ للالتحاق بالركب الطاهر. 

التحق بحركة الجهاد الإسلامي في سنٍ مبكرةٍ، وكان من المؤسسين لمجموعات عشاق الشهادة إلى جانب القادة الكبار عصام براهمة وصالح طحاينة وأنور حمران، ليقدمَ واجبهُ الجهادي المقدس. 

تعرض للمطاردة على يد قوات الاحتلال مع بداية العام 1989م، فكانت المطاردة دافعاً له لمواصلة طريقه الجهادي الذي عشقه وانتمى إليه. 

نفذ أول عملية فدائية عام 1991م، في مستوطنة "مابودوتان" قرب بلدة يعبد قضاء جنين، وقام مع رفاقه باغتنام أسلحة من نوع عوزي ومسدس، حيث قام الشهيد القائد عصام براهمة بتدريبهم على السلاح.

كما شارك قائدنا في إعداد وتجهيز عبوة ناسفة ووضعها على الشارع المؤدي لـ"مغتصبة مابودوتان" ما أدّى إلى إحراق سيارة أحد الضباط الصهاينة وإصابته بجروح خطرة.

تم اعتقاله على إثر هذه العملية في الخامس من يناير عام 1993م، بعد أيام من اغتيال القائد عصام براهمة، وحكم بالسجن ثلاث سنوات ونصف. وبعد خروجه من السجن، بدأ مرحلةً جديدةً مع الشهيد القائد صالح طحاينة وإخوانه المجاهدين لمواصلة العمل الاستشهادي. 

تعرًّض لمحنة الاعتقال في سجون السلطة الفلسطينية، في سبتمبر عام 1998م، إثر تخطيطه مع الشهيد القائد أنور حمران لعملية "سوق محنيه يهودا"، التي نفذها الاستشهاديان سليمان طحاينة ويوسف الزغيّر في 6-11-1998م، وأمضى القائد إياد أحد عشر شهراً، قبل أن يتمكن من الهرب، لتعيد السلطة اعتقاله بعد عدة أسابيع، وتنقله إلى سجن أريحا ومكث فيه خمسة أشهر، ثم نقل إلى سجن الظاهرية بالخليل، حيث تعرض لأبشع أنواع التعذيب الجسدي، ثم نقل إلى سجن جنيد في نابلس مع بدايات عام 2000م، وأفرج عنه مع بداية انتفاضة الأقصى، ليعاد اعتقاله لاحقاً مع 14 مطارداً، في سجن جنين المركزي. 

أسس وإخوانه المجاهدين الجناح العسكري سرايا القدس، ويعد واضع حجر الأساس للسرايا في جنين، وأصبح من أبرز مهندسي الانتفاضة.

تمكن الشهيدان القائدان إياد حردان وأنور حمران من قتل صهيونيين وإصابة 11 آخرين عبر إدخال سيارة مفخخة إلى مدينة القدس المحتلة وتفجيرها في تاريخ 2-11-2000م.

خطَّطَ للعشرات من العمليات البطولية والاستشهادية من أبرزها عملية "الخضيرة" عام 2001م، وأدت لمقتل وإصابة العديد من الصهاينة، وعمليات الاشتباكات المسلحة وزرع العبوات الناسفة وصد الاجتياحات التي تعرض لها مخيم جنين.

قام بتشكيل عدة خلايا عسكرية أخذت على عاتقها تنفيذ العشرات من عمليات إطلاق النار شمال الضفة، ومنها الخلية الأولى بقيادة الشهيد أسامة نغنغية، وتتلمذ على يديه العشرات من القادة والمجاهدين والاستشهاديين.

في الخامس من نيسان 2001م، كانت نهاية الرجل الشجاع. حيث قام جهاز الشاباك الصهيوني بوضع عبوةٍ ناسفةٍ شديدةِ الانفجار، في غرفةِ التلفون العمومي أمام مقاطعة جنين، حيث كان القائد إياد معتقلاً، وفي ذلك اليوم توجه شهيدنا الفذ للاتصال بعائلته، فانفجرت العبوة واهتزت جنين وقراها ومخيمها وسراياها، ليلتحق بقافلة من النور، مضرجاً بدمه الطهور. 

عقب تنفيذ عملية اغتياله قال وزير الحرب الصهيوني بنيامين بن اليعيزر: "ليسترح الشعب الإسرائيلي الاَن، بعد أن تخلصنا من إياد حردان". لكن دم إياد أنبت في البلاد رجالاً وأبطالاً، ليحمل الراية من بعده قافلة من الشهداء والأسرى الأحرار. 

اَن للفارس أن يترجل عن جواد الجهاد والعطاء، ليثمر دمه القاني شهادة. إنها المواعيد الخالدة يا إياد تأبى إلا أن تضمك لقافلة العاشقين.