منذ أكثر من أربعين عاما حين أطلق الإمام الخميني على الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك يوم القدس العالمي...كان البعض ينظر نظرة ريب وشك...والبعض الآخر نظرة استهزاء.
لم يكن يتوقع الكثير أن هذا اليوم سيتحول إلى كابوس يقض مضاجع العدو...وينذر بزوال هذا الكيان الجاثم على فلسطين والقدس منذ سبعة عقود.
لم يتوقف إحياء يوم القدس العالمي منذ الإعلان عنه...كان في كل عام يواكبه جهوزية وإعداد وتراكم لمحور المقاومة...رغم كل المؤامرات لضرب وتدمير كل عمل أو إعداد مقاوم...وبث اليأس والإحباط في نفوس الشعب الفلسطيني والأمة...وأن هذا الكيان والاحتلال هو قدر محتوم لامناص عنه...يجب القبول والاعتراف به...والتعايش معه.
كان يوم القدس العالمي في كل عام من شهر الله شهر رمضان المبارك... يشكل ضمير الأمة...وآيات قرآنها...وأصالة روحها...ووعد آخرتها.
منذ اللحظة الأولى لإعلان الإمام الخميني رحمه الله...التقط الشهيد المفكر الدكتور فتحي الشقاقي تلك اللحظة الفارقة ودعم وتبنى إحياء هذا اليوم...الذي يتماهي وينسجم مع فكر الشقاقي ورؤيته لمشروع التحرير بتوحيد جهود الأمة وتوحيد الساحات لتحرير فلسطين والقدس..وقد وصف يوم القدس العالمي بأنه: "يوم لنهضة المسلمين وتكاتفهم من أجل اجتثاث الغدة السرطانية (إسرائيل)، إنه يوم وقوف المستضعفين في وجه المستكبرين، إنه يوم الوحدة والجهاد"
وكان يرى ببصيرته وفكره الوقاد أن هذا اليوم سيتحول إلى "نقمة لإسرائيل وأمريكا وكل العملاء والتابعين للغرب".
لقد حافظت حركة الجهاد الإسلامي على هذا الفكر وعلى هذا التوجه وقدمت خيرة قادتها وكوادرها ومجاهديها على طريق القدس...مؤمنة بالنصر الحتمي...وبوحدة الساحات...وبحتمية زوال الكيان الصهيوني...
وفي هذا العام من إحياء يوم القدس العالمي جاءت كلمات الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة من أرض الرافدين أرض العراق في سابقة جديدة...تظهر وتبرز حجم تحقيق الغاية الحقيقية لإحياء هذا اليوم بقوله: "إن وحدة قوى المقاومة العربية والإسلامية في مواجهة المشروع الصهيوني ركيزة مهمة لدعم الشعب الفلسطيني وهزيمة الصهاينة، مشددًا على أن الشعب سيقاتل "إسرائيل" حتى لو استمر الصراع 1000 عام...وإن شعبنا الصابر لديه يقين حتمي بالانتصار وخلق زلزالاً في العقل الصهيوني أنهم في المكان الخطأ وهذه الخطوة الأولى للانتصار"
إحياء يوم القدس العالمي يأتي هذه المرة والمقاومة تجسد وحدة الساحات... والإيمان بأن المقاومة إلى النصر أقرب... يأتي برائحة الدماء والشهداء والتضحيات...
برائحة النار والبارود لتطهر القدس من الدنس والنجس.
إن هذه المواكب المهيبة على امتداد العالم العربي والإسلامي تحيي هذا اليوم...على وقع صواريخ المقاومة من غزة ولبنان وسوريا...وعلى وقع رصاص الكتائب المظفرة في الضفة الغربية...
وعلى وقع الرعب والخوف الذي يملأ قلوب العدو...وعلى وقع ونشر القبب الحديدية وحظر الطيران في أجواء الكيان.
إن ما نراه اليوم من هذا الحضور لمحور المقاومة ومن خلفه كل الأحرار والشرفاء من شعوب أمتنا...إنما جاء بالصبر والصمود والثبات...وبالدماء والتضحيات وبالمواقف العزيزة والأبية...وفي مقدمتها رأس حربة محور المقاومة...المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة الجهاد الإسلامي وأمينها العام الذي قاد وحدة الساحات وتكريسها عبر التضحيات الجسام بخيرة قادتها وكوادرها وجنودها في غزة والضفة وسوريا.