غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

الشهيد عصام عقابنة... الزمن الجميل

الشهيد عقابنة.jpg
بقلم: ثائر حلاحلة

في عصر يوم 27 /4/1997كنا ندرس للمادة الأحياء للثانوية للعامة (التوجيهي) في منطقة تقع شرق بلدة خاراس تسمى خلة حسان التي لم يكن في ذاك التاريخ أي منزل أو سكان هناك وكان شارعا قديما غير معبد ومرصوفًا بالحجارة يربط بلدة خاراس ومدينة حلحول كان يصعب على المركبات العادية والحديثة سلوكها لوعورتها كنا نجلس بين ساعة واخرى للاستراحة نتناقش انا والشهيد عصام محمود رشيد سلمان عقابنة في كل أمور الدراسة والوطن والرياضة كونه رياضيًا ويلعب في نادي بيت أولا الرياضي آنذاك كنت اذهب إليه وهو يدرس تحت تينة أبو طير التي ممكن تبقى منها بعض أجزائها وكان رحم الشهيد عصام يلبس بنطال جينز لونه كحلي وبوت رياضي وكان الشهيد عصام قد عمل تحت التينة السوادية طريقا على شكل مكرر ليتسنى له المشي والدراسة هناك وكنت أدرس مقابلة في منطقة قريبة منه اسمها رأس الطلة

والشهيد عصام جاري لي يبعد بيتهم عن بيت والدي فقط ٥٠ مترا، الشهيد عصام عقابنة ابن صفي من الابتدائية حتى يوم استشهاده

الشهيد عصام عقابنة كان ذو بنية قوية َرياضة يجيد الضرب على المقلاع وكلنا يعرف قصة الفلسطيني مع هذا السلاح المصنوع من قطعة قماش صغيرة تكون من الجلد ومن البرادع التي يتم وضعها على ظهر الحمار يتم وضع خيط من يمنها ويسارها ويستخدمها أطفال وأبطال وقاذفي الحجارة ضد الجنود والمركبات العسكرية الصهيونية في المواجهات معهم والشهيد عصام عقابنة كان معروفا ومشهود له بأن ضارب شرس على المقلاع

المهم بينما انا وعصام نجلس تحت التينة نتحدث عن امتحان الأحياء التجريبي القادم شاهدنا اكثر من 3 دوريات عسكرية لجيش الاحتلال تتجه وتنزل باتجاه بلدة خاراس في هذه اللحظة قررنا أنا وعصام ومن كان معنا لا أذكرهم الذين انضموا معنا لإغلاق الطريق بالحجارة والسَواتر أمام الدوريات المقتحمة البلدة وخاصة منطقة رأس الطلة فعلا أغلقنا الطريق أمامهم وتمركزنا في أرض يونس سياعرة التي تعلو الشارع وفيها شجرة خروب تغطي من يكون تحتها ومجرد أن وصلت الدوريات الأربع العسكرية امطرناها بالحجارة وتوفقت وقام عدد من الجنود بإطلاق الرصاص الحي والمطاط والغاز المسيل للدموع ولم يتم تحديد مكاننا من قبلهم تمكنت الدوريات من تخطي المتراس ونزلت باتجاه البلدة ولحقت أنا وعصام الدوريات ومن حرش خالد عطوان قذفنا الدوريات بالحجارة تحركت الدوريات باتجاه حاره قفاء الحرائق وهناك دارت مواجهات معهم كانت عنيفة وقد اشتراك فيها عدد أخرى من الشباب من أكثر من اتجاه من جهة أبو هارون ومن جهة طلعة دار العيد ومن جهة المختار هاشم طبعا كانت الدوريات تتحرك ببطىء وسط إطلاق للنار والغاز والمطاط توجهت الدوريات نحو منطقة باب الساحة وقد استبق الشهيد عصام الجميع وقام بإغلاق الطريق المؤدية لباب الساحة أو باب الزقاق والطريق التي تتجه نحو منطقة الجرَون برفقة المرحوم ابراهيم يونس سياعرة الذي كان لا يخشى الجيش ويواجههم بالحجارة والزجاجات الحارقة من مسافة صفر وتم وضع زيت محروق مع حجاره على طلعة الجرَون عند منزل الحج عودة الحروب وهناك دار مواجهة استمرت لأكثر من نصف ساعة تحرك الدوريات الى باب الجامع الكبير المعروف جامع البلد او جامع فلسطين او جامع عمر بن الخطاب كل فصيل يسميه كما يريد الإسلاميون جامع عمر بن الخطاب واتباع منظمة التحرير جامع فلسطين والناس العاديون جامع البلد الكبير

هناك فعلا دار مواجهة شرسة قبل وصولهم لباب المسجد قام الشباب المنتفض بإغلاق تام للطريق الوحيد أمامهم وخاصة أمام ملحمة محمد مرشد ومحل ودكان محمود أبو كذبة قام عصام قبل وصول الدوريات لباب المسجد بالالتفاف عليهم من منطقة الصحراء أو المقبرة مقبرة البلدة وثم النزول للشارع المؤدي لحارة عبد الجبارة وتمركز عند سور وجدار جمعية خاراس الخيرية مقابل دار الشطور

وكان معه العديد من الشباب المنتفض تقدم الشهيد عصام عقابنة باتجاه ملحمة المرحوم محمد مرشد وكانت المؤذن يؤذن لصلاة المغرب اقترب الشهيد من مسافه قريبه يقذف بالحجارة والملوتوف والزجاجات الفارغة وسط التكبير والتهليل ترجل الجنود من دورياتهم المتوقفة أمام دكان مرعي وأمام المسجد وقاموا بملاحقة من يضرب عليهم حجارة من جهة ومدخل حارة عبد الجبار وملحمة محمد مرشد ودار عبدربه سالم وهناك اطلق احد الجنود الرصاص الحي على رأس عصام من مسافه قربية بل من مسافة صفر ولاحق الجنود الشهيد عصام عقابنه بعد سقط على الارض وقام احد الجنود بالدوس على جسد الشهيد عصام كما قال احد الشهود وهنا صرخ احد الشباب استشهد عصام ابن محمود رشيد سلمان وقد كان محيط المسجد من جهة شارع طلال ومن جهة تحت المسجد ومن جهة دار وصفي ابو غرفه ومن عند مكان مدرسة بنات خاراس تدور مواجهات َوالدوريات واقفه

انا كنت جهة دار وصفي ابو غرفه التي تؤدي للمقبرة

عندما ذاع وانتشر خبر استشهاد عصام عقابنة انتفضت خاراس كاملها وكذلك جاء عدد من شباب بلدة نوبا للمشاركة في المواجهات

وقد العديد بالغاز والمطاط واصابة حي لأحد الشباب في طرف قدمه

انسحب الجيش وهنا نقل جثمان وجسد الشهيد عصام عقابنة الى مشفى عالية في الخليل المحتلة

عصام الذي كان يحلم بشهادة أكاديمية ومتفوقا في دراسته ولكنه نال شهادة الآخرة عصام الشاب الأسمر المحبوب عصام الرجل وصاحب المواقف عصام الذي كان متفوقا في مادة الرياضيات عصام الذي كان له حصة الأسد عند أمه بالتحديد والده رغم وجود أكثر من 7 اشقاء له ولكنه كان مميزا بينهم عصام الذي كانت له غرفة خاصه له نجلس فيها وندرس ونسهر معا عصام الذي كان انسان ملتزما متدين صوام عصام لم ينتمي لأي فصيل سياسي بل كانت كل الفصائل تريده وبعد استشهاد نعته كل الفصائل ومجدت طريقه ونضاله كان يحب المقاومة ويعشق فلسطين ويحلم بحريتها عصام الذي ربطته علاقات اجتماعيه مع شباب القرى المجاورة من خلال ممارسته وعشقه لكرة القدم ضمن صفوف نادي بيت اولا الرياضي

عصام الذي كنا معا نترك مقاعد الدراسة لنخرج معا لمدينة الخليل ومنطقة باب الزاوية بالتحديد لنشارك معا في المواجهات مع الجيش ونشارك في جنازات الشهداء رغم ان ذلك الفترة كانت فترة السلام المدنس والمسموم ومرحلة التسوية وابوهم والسراب ما بين سلطة فلسطينية جديدة جاءت باتفاق أمني وسياسي واقتصادي مع المحتل ومع الأمريكان إلا أننا تلقائيا كنا رافضين لذلك ونعمل على الذهاب لأي مكان يتواجد فيه الجيش ونجلس ننتظره على مفارق الطرق والبلدات لساعات

عصام الشهيد الذي شاركت كل القرى المجاورة لخاراس في موكب جنازته الذي جاء عبر الخط الذي كان آنذاك من ترقوميا نحو بيت أولا نحو نوبا ثم إلى بلدته َمسقط راسه خاراس ثم منزل والده حيث كان الموقف صعبا ومؤلما وحزينا وهناك كان كل من عرف عصام البطل ذهبت لبيتي القريب وقد كنت مخبأ لعلم فلسطين وجلبته وقمنا بعد قام الاستاذ محمد خليل بتجهيزه لففنا جسده الطاهر بالعلم الفلسطيني هذا العلم يرمز لكفاح نضال شعبنا العربي المكافح والأصيل تحركت الجنازة نحو وسط البلدة وقد قام الشباب بحملي على اكتافهم والهتاف بالهتافات الوطنية والثورية والجهادية ومنها يا شهيد َيا مجرَوح دمك هادر ما برَوح، وباب الأقصى من حديد ما بفتحه إلا الشهيد، وخلي الشهيد بدمه ألف تحيه لأمه، وقد أضع الكوفية أو الشماغ الأحمر على أكتافي وكنت أؤمن آنذاك بالخط اليساري الثوري قبل توجهي وإيماني بالخط الجهادي والإسلامي والثوري

تم مواراة الشهيد عصام عقابنة الثرى في مقبرة البلدة، وقد أقيم بيت العزاء وجاءت كل المحافظة معزية به، وأغلقت المحال التجارية ولم يذهب العمال على أعمالهم لمدة ثلاثة أيام احتراما وحبا وحزنا على رحيل واستشهاد الشهيد عصام، وقد ألقيت قصيدة في بيت عزاءه وكلمة.

تمر ذكرى الشهيد عصام الأخ والحبيب والصديق ورفيق الدرب والدراسة والمواجهات بعد 25 عامًا لم ننساه َسنبقي الأمناء على خطه ودمه وعلى عهده أننا سنبقى مع فلسطين ومع المقاومة حتى الحرية والاستقلال التام والكامل وتفكيك منظومة ودولة الإرهاب المسمى "إسرائيل"

التحية لروح الشهداء الوطني عصام عقابنة

التحية لكل شهداء خاراس علي حلاحلة الاستشهادي في سرايا القدس والشهيد الجامعي عبد اللطيف الحروب وكل شهداء النكبة والنكسة في خاراس

وهنا أكرر الشعار الموجود على جدران الذي كتب بعد استشهاد الشهيد عصام عقابنة

يا عصام يا ابن الصمود

لقد لقتنت اليهود، درسًا على خاراس لن يعود

المجد للدم

المجد للشهداء

الحرية لفلسطين واسراها

التحية لعائلة الشهيد عصام وخاصه والدته الصابرة المكلومة أم يوسف والوالد أبو يوسف

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".