تدور عينا المواطن صلاح داخل ساحة المنزل علًّه يجد معالم غرفته، أو يعثر على صورة نجله الشهيد وملابسه التي مزقها الانفجار الكبير، يتحرك إلى اليسار قليلًا محاولًا تثبيت قدميه، وبيده يغلق أنفه لمنع تسرب رائحة البارود وغبار التراب والدخان المتصاعد إلى رئتيه، ولسان حاله يقول: "حسبنا الله ونعم الوكيل".

مشهد الدمار الذي حلَّ بمنزل صلاح الخواجا ناجم عن تفجيره من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي كـ"عقاب جماعي" على تنفيذ نجله الشهيد معتز عملية إطلاق النار في شارع ديزنكوف بقلب "تل أبيب"، والتي أدت إلى مقتل مستوطن وإصابة آخرين بجراح مختلفة.

بدأت عملية تفجير المنزل في ساعة مبكرة من فجر اليوم الثلاثاء، حيث اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال قرية نعلين قضاء مدينة رام الله، وفرضت حصارًا مشددًا على منزل الشهيد معتز الخواجا، وأقدمت قوات الاحتلال على إجبار عائلة الشهيد وجميع العائلات التي تُحيط بالمنزل على الإخلاء.

وفي تلك اللحظات اندلعت مواجهات عنيفة بين المواطنين وقوات الاحتلال، ما أوقع إصابات عدة بالمواطنين؛ جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع، واستمرت المواجهات لساعات عدة قبل أن تتمكن قوات الاحتلال من تفجير المنزل فجر اليوم الثلاثاء.

دقائق قليلة مرت بعد تفجير الاحتلال الإسرائيلي لمنزل الشهيد معتز الخواجا، قبل أن يعود والده صلاح إلى المنزل ليجده كومة من الحجارة والردم دفنت فيها ذكريات جميلة وعزيزة وغالية لا يمكن محوها من ذاكرة صلاح وعائلته.

يقول صلاح وهو يتجول بين ركام منزله: "يحاول الاحتلال وضباط مخابراته من خلال هذا العمل النازي الفاشي قتلَ كل الذكريات الحلوة والجميلة التي عشناها مع معتز من خلال تفجير البيت الذي يعد عقاباً جماعياً لن يكسر إرادتنا".

بإرادة وعزيمة فولاذية لا يمكن كسرها أو طيها أو إضعافها، قال صلاح: "لن أتأسف مطلقًا على بيت من الجدران، وأنا والد للشهيد معتز الخواجا الذي أذاق المحتل العذاب والويل".

"تدمير المنزل والإرهاب الذي حدث أثناء عملية الإخلاء لا يمكن أن تنهي علاقتنا بالأقصى والوطن، نحن نحب الوطن والأقصى وفلسطين، وهذه الأعمال الإرهابية لن تزيدنا إلا ثباتًا وصبرًا وتمسكًا بالوطن"، يقولها صلاح وقلبه مطمئنٌ ومؤمنٌ بقضاء الله وقدره.

ويؤكد في ختام حديثه أن الفلسطينيين سيصبرون مهما حدث لهم من تدمير لبيوتهم، وقتل لأبنائهم، حتى يعجز الصبر عن صبرهم.