غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر في غزة.. السحر والتفريق بين الأزواج "مهنة"

شمس نيوز/عبدالله مغاري

"بسرية تامة وبدون أن يشعر أحد من الأقارب, استدعت عائلة "نجلاء" ما اعتقدت أنه "شيخ يعالج بالقرآن" لرقيتها, ظنا منهم أن تأخر زواجها ناتج عن سحر افتعله أحد الحاسدين، لتقع نجلاء وعائلتها في شباك المشعوذين والسحرة، دون الأخذ بعين الاعتبار أن العنوسة باتت ظاهرة طبيعية أنتجها الحصار المفروض على غزة وما خلفه من فقر وبطالة وندرة في فرص العمل وقلة إقبال الشباب على الزواج.

غزة التي تشتد حبال الحصار والفقر على رقاب ساكنيها, بات كل شيء فيها متوقعا, فمع قلة أعداد الذين يعالجون بآيات القرآن، بحسب الشريعة الإسلامية، ظهر الكثير من المشعوذين والسحرة الذين استغلوا حالة الناس الصعبة لاستنزاف أموالهم دون حسيب ولا رقيب .

نصب واحتيال

يروي شقيق الفتاة "نجلاء"حكاية وقوعهم في شباك أحد المشعوذين والسحرة الذي استغل حالة القلق التي تعيشها العائلة بعد تأخر زواج ابنتهم  ليقول لـ"شمس نيوز": بدأت حالة القلق تسيطر علينا في البيت، لأن أختي تجاوز عمرها سن الزواج، ولم يطرق البيت طارق، لذلك اعتقدنا أن هناك شيئا من أعمال السحرة أصابنا".

ويضيف: بحثنا عن شيخ، ولأن هذا الموضوع حساس، لم نوسع دائرة البحث والسؤال، فوجدنا أحد المشايخ الذي اكتشفنا لاحقا بأنه مشعوذ ودجال، فقال لنا إن نجلاء مسحورة، وبدأ يأخذ على كل جلسة مبلغا من المال، حتى أنه في أحد الجلسات باعنا قارورة مياه بمبلغ 1000 شيكل".

ولأن العائلة تريد إنهاء الموضوع وسترة ابنتها, أصبحت تعطي ذلك المشعوذ الدجال ما يطلب من أموال, حتى وصلت لدرجة ما عادت تحتمل ذلك، لتذهب لأحد الشيوخ الذين يعالجون بالقرآن فعلا, وتكتشف أنه لا يوجد أي نوع من أنواع السحر عند ابنتهم.

أما الشاب "وائل " فجهله واستعجاله جعله يدق الباب الخاطئ، عندما أصيبت زوجته بحالات ضيق النفس والاختناق لأكثر من مرة، ليعتقد أن ما يحدث لها هو نتاج سحر وسحرة , فيقع فريسة لمصاصي الأموال.

يقول "وائل" لمراسل "شمس نيوز": أصيبت زوجتي أكثر من مرة بحالات اختناق وضيق في النفس، مباشرة اعتقدت أن ذلك هو عمل ساحر، خاصة أن علاقاتي مع بعض من حولي كانت سيئة، فكنت أعتقد أن أحدهم قام بعمل سحر لزوجتي".

ويضيف: توجهت لأحد المشايخ، وعرضت مشكلتي، بدأ بعمل أشياء وحركات غريبة، أنا ارتحت له في البداية، ولكن حال زوجتي لم تتحسن، رغم أنه أخذ كثيرا من المال، بعدها أدركت أن شيئا في الاتجاه الخطأ يحدث معنا" .

بعد أن أدرك عدم جدوى ما فعله ذلك الساحر الذي كان ينتحل صفة الشيخ والمعالج بالقرآن الكريم، توجه الشاب "وائل" إلى شيخ آخر، ليكتشف بعدها أن زوجته لم تصب بالسحر منذ البداية وأن الساحر الذي كان يعتقد بأنه معالج أصاب زوجته بالسحر وبدأ استغلالهم.

يتعلمون السحر

صاحب الخبرة في مجال علاج السحر والحسد الشيخ "محمد الوحيدي " أكد وجود أعداد كبيرة من السحرة والمشعوذين الذين استغلوا الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها سكان قطاع غزة, لجمع الأموال ونشر الرذيلة في المجتمع، مشيرا إلى قلة أعداد المشايخ الذين يعالجون فعلا بالقرآن والسنة.

 وقال "الوحيدي" في حديثه لـ"شمس نيوز": في ظل الأوضاع الصعبة وحالة الفقر التي يمر بها سكان القطاع والحصار وجهل الناس بهذه الأمور, ظهر كثير من السحرة الذين تعلموا السحر والشعوذة وبدءوا يعملون على جمع الأموال ونشر الرذيلة في المجتمع والتفريق بين الناس".

وأضاف: لا يوجد أعداد كافية من المشايخ وأهل العلم الذين يعالجون بالقرآن الكريم والسنة في الوقت الذي تتزايد أعداد السحرة".

وأشار صاحب الخبرة في مجال العلاج بالقرآن والذي اعتزل العلاج لانشغاله, إلى وجود أسماء معروفة من السحرة والمشعوذين الذين بدءوا بفتح عيادات في بيوتهم ويستقبلون الناس ويستغلونهم, لافتا إلى ضرورة وجود مؤسسة شرعية مرخصة ومعروفة يشرف عليها أهل العلم والمشايخ الأتقياء لاستقبال الناس وعلاجهم".

حرام شرعا

أستاذ الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية د. ماهر السوسي أكد على عدم جواز اللجوء إلى السحرة والمشعوذين تحت أي حال من الأحوال, مشيرا إلى أن التقليل من ظاهرة السحرة والمشعوذين تتطلب جهودا من قبل الحكومة والإعلام والعلماء وخطباء المساجد.

وقال "السوسي" في حديثه لـ"شمس نيوز": لا يجوز اللجوء أو التعاطي مع السحرة والمشعوذين تحت أي ظرف من الظروف، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد، فاللجوء إلى مثل هؤلاء الناس معصية من المعاصي التي حرمها الله".

ولفت أستاذ الشريعة والقانون إلى أن الفقر والجهل جعلا بعض الناس يحاولون اللجوء إلى قوى خفية يظنون أنها تستطيع إنقاذهم من ضائقة أو أزمة ما, منوها إلى أن اللجوء إلى مثل هؤلاء المشعوذين يضاعف من حجم الأزمات، ويوقع بعض الناس في الكوارث" حسب قوله.

وأشار "السوسي"إلى أن مواجهة السحرة والمشعوذين تقع على عاتق الحكومة من خلال منع ومحاسبة الدجالين، من جهة، وعلى عاتق الإعلام والعلماء وخطباء المساجد في توعية الجمهور بمخاطر وأحكام اللجوء إلى المشعوذين من جهة أخرى.