خالد صادق
يواجه الاحتلال الصهيوني المجرم معادلة وحدة الساحات التي رفعت رايتها حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين, عندما خاضت معركة مع الاحتلال الصهيوني في الخامس من آب / أغسطس 2022 اطلقت عليها اسم وحدة الساحات بعمليات اقتحام وتوغل يومية للساحات الفلسطينية، واستهداف المقاومين الفلسطينيين وتصفيتهم واعتقالهم وفق مخطط ممنهج يهدف لتوتير الساحات ومنع استقرارها وتلاحمها وتكامل العمل الميداني بين الساحات الفلسطينية, فوحدة الساحات تعني تفجر بركان ثوري في وجه الاحتلال من الصعب بل ومن المستحيل السيطرة عليه لذلك لا يتواني الاحتلال الصهيوني المجرم في الاستفراد بالساحات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، كما فعل في قطاع غزة عندما قرر الاستفراد بحركة الجهاد الإسلامي بعملية عسكرية اطلق عليها اسم «السهم الواقي» ، ويبدو ان هناك مخططاً ممنهجاً بتفتيت الساحات الفلسطينية, ومحاولة الاستفراد بالفصائل الفلسطينية كل على حدة, لان الاحتلال يدرك ان وحدة الساحات تزيد من قوة المواجهة وتستنزف من قدرات الجيش الصهيوني وترهقه, ووحدة الفصائل الفلسطينية المقاومة تعني اتساع المعركة وزيادة رقعتها الجغرافية, وقوتها التدميرية، وتكبده خسائر بشرية ومادية كبيرة لا يقوى الاحتلال على تحملها, فالجبهة الداخلية الصهيونية «مهترئة» ولا تتحمل ضربات متتالية, ولا تتحمل حالة اللا استقرار داخل «إسرائيل»، وبالتالي يمارس الاحتلال سياسة الاستنزاف بشكل ممنهج فيستفرد بالمدن الفلسطينية ويستهدف المقاومين الفلسطينيين، والمدنيين الأبرياء، مستغلا حالة الضعف والاستسلام غير المسبوقة التي تمر بها السلطة الفلسطينية، والتنسيق والتعاون الأمني بينهما، والتوافق على ضرورة وقف كل اشكال المقاومة ضد الاحتلال, فرئيس السلطة محمود عباس يعتبر ان المقاومة «فعل شيطاني» لا بد ان يخمد, وان السبيل الوحيد لتحقيق الأهداف يمر عبر المفاوضات فقط.
أولى خطوات محاولة الاحتلال بتفتيت الجبهة الداخلية الفلسطينية, جاءت من خلال عزل السلطة الفلسطينية عن الشعب الفلسطيني، وخلق فجوة كبيرة بينها وبين فصائل المقاومة الفلسطينية, وهذه الفجوة تتسع وتكبر مع مرور الوقت، وتحلل السلطة من واجباتها تجاه الشعب الفلسطيني ومقاومته، ثم تبع ذلك تفتيت منظمة التحرير الفلسطينية، وتصنيف الفصائل المنضوية تحتها بفصائل تؤمن بالسلام والتعايش مع إسرائيل وتسقط تماما أي خيارات سوى المفاوضات فقط وفصائل أخرى تصر على التمسك بخيار المقاومة وهذه تم تهميشها ومنعها من حضور اجتماعات المنظمة وطرح مشروعها الوطني كما تراه، ثم كان قرار رفض السلطة لدخول حماس والجهاد الإسلامي لأروقة المنظمة، واشترط رئيس السلطة ورئيس منظمة التحرير ورئيس حركة فتح محمود عباس عليها الاعتراف بقرارات الرباعية الدولية, وتسليم السلاح والانحياز المطلق للمسار التفاوضي الى ما لا نهاية، ثم تجرأت السلطة على العبث بثوابت الشعب الفلسطيني كحق العودة وفق القرارات الدولية, لكن رئيس السلطة محمود عباس قال انه يتفهم رؤية إسرائيل بعدم السماح بعودة الفلسطينيين إلى أراضيهم خوفا وخشية من التفوق الديمغرافي الذي يؤدي الى تلاشي «إسرائيل» لذلك هو مستعد للتفاوض حول حق العودة وتقديم تنازلات في هذا الثابت الامر الذي أدى الى توسيع الفجوة بين إرادة الشعب وإرادة السلطة المستمدة من رؤية رئيسها محمود عباس وحاشيته، وهي رؤية لا تعبر من قريب او بعيد عن رؤية الشعب الفلسطيني وتطلعاته لأجل الوصول الى تحقيق أهدافه وتطلعاته، من خلال تضحيات كبيرة وعظيمة قدمها الشعب الفلسطيني على مدار سنين طويلة من الصراع مع الاحتلال النازي الصهيوني المجرم، وقد نجحت «إسرائيل» في عزل السلطة تماما عن الشعب, وحولت السلطة الى أداة تستخدمها وقتما تشاء لقمع الشعب وفصائله بالقوة الجبرية والقمع والقهر.
اما عن سياسة «إسرائيل» بالاستفراد بالساحات، فهي شرعت في اعقاب عدوان «السهم الواقي» بالاستفراد بالساحات في الضفة المحتلة، وتسللت وحداتها الخاصة الى نابلس لتقتل وتعتقل ثم الى طولكرم لتمارس نفس الدور بالقتل والاعتقال ثم الى جنين البطولة والاباء لتقتل وتعتقل ثم الى مخيم عقبة جبر بمحافظة اريحا لتقتل وتعتقل, ثم عادت مرة لتداهم جنين ونابلس واريحا وهكذا دواليك, مسلسل من الاستنزاف والقتل, وعجز كامل من السلطة على مجرد انتقاد هذه السياسة الصهيونية «المجرمة» وفضح ممارسات الاحتلال امام العالم, لذلك كله بات من الواجب على فصائل المقاومة الفلسطينية ان تتصدى لسياسة الاحتلال الصهيوني الهادفة لإضعاف جبهتنا الداخلية، والاستفراد بالساحات كل على حدة، والاستفراد بالفصائل كل على حدة، فإذا ما ادركنا خطورة مخطط الاحتلال، وعمق الأزمة التي يحاول تجذيرها بين الفلسطينيين فإننا نستطيع في هذه الحالة التغلب على كل العقبات والعض على الجراح وتجاوز كل المشكلات لتحقيق الوحدة بيننا، الوحدة تتجسد من خلال التعدد كما تحدث عنها الدكتور المؤسس لحركة الجهاد الإسلامي الشهيد فتحي الشقاقي والوحدة تتجسد من خلال البندقية, والوحدة تتجسد من خلال الميدان والوحدة تتجسد من خلال تبني خيارات شعبنا الفلسطيني والدفاع عنها الى ابعد حد ممكن, الاحتلال يحاول توتير الساحات والمقاومة عليها ان توحد الساحات فهو واجبها الوطني الذي اوكل اليها شعبيا, حتى وان كانت السلطة تغرد خارج السرب، وتستنزف منكم الجهد والوقت والتعب فالأمر يستحق ان تتمسكوا بوحدة الساحات, ووحدة الموقف, ووحدة الفعل الميداني, وهذه امانة أوكلت اليكم فأدوها.