غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

الذكرى الـ22 لاستشهاد المجاهد أشرف البردویل

الشهيد أشرف البردويل
شمس نيوز - إعلام الضفة

إنهم الشهداء، فوارس فلسطين، يولدون في أجمل الأزمنة والأمكنة، يعطرون البلاد بدمائهم الطاهرة، ويسيرون في صفوف الجهاد، قافلة من العاشقين لا تنتهي، ويرتقون شهداء على طريق القدس

كان مخيـم نـور شـمس في طولكرم على موعد مع فارسه أشرف محمود نمر البردويل في 18 يوليو 1975، لعائلة كريمة من عوائل شعبنا، وتلقى تعليمه في مدارس المخيم. 

شهد الانتفاضـة الأولى مـن خـلال إلقاء الحجـارة وزجاجات المولوتوف التي يصنعهـا، فاعتقـل في سجن عسقلان لعدة شهور، ومـع انطلاق انتفاضـة الأقـصى عـام 2000م، ثم تعرف فارسنا أشرف إلى الشهداء القـادة في سرايـا القـدس محمـد بشـارات وأسـعد دقـة وسـامح أبـو حنيـش، وبدأ عمله الجهادي في صفوف سرايا القدس. 

ظهـر دوره واضحـاً في زرع العبوات الجانبيـة حتـى أطلـق عليـه المجاهـدون في طولكرم لقب "صقـر الطـرق الالتفافيـة"، حيث كان له يتربص بالجنود وقطعان المستوطنين ويطاردهم بالرصاص والعبوات. 

شهيداً على طريق القدس:

قـام في إحـدى المهمات الجهاديـة بـزرع عبوة على طريق الدبابات الصهيونية، حيث انفجرت أثناء عملية تجهيز العبوة، ونقل على إثرها إلى المستشفى. وبعـد عـدة أيام في مصارعـة آلامه فاضت روحـه إلى بارئها في 7 يونيو 2001م ليكون مع إخوانه الشهداء الذين سبقوه والذين كانت حياتهـم في مقارعة هذا المحتل.

الشهيد يكتب للشهيد:

وجدت ورقة في جيب الشهيد المجاهد سامح أبو حنيش الذي اغتالته قوات الاحتلال خلال قصف السيارة التي كان يستقلها برفقة القادة: محمد بشارات ووليد بشارات في1-7-2001م، يتحدث فيها عن صديقه ورفيق دربه الشهيد أشرف البردويل يقول فيها: 

حين يكتب تاريخ فلسطين، الشعب والقضية، بيد منصفة وأمينة ستدرك الأجيال المتعاقبة أن "أشرف بردويل" يحتل مكاناً بارزاً بعد أن سطر ملحمة تاريخية خالدة من أجل فلسطين ومات في سبيل الله وفلسطين فوق أرضية صلبة من الفهم العميق بطبيعة القضية الفلسطينية، فقد أدرك أشرف معادلة التعامل مع العدو منذ أن لمست يداه زناد البندقية لاستنهاض الشعب بكافة قطاعاته ومختلف تياراته نحو مقاومة شاملة للاحتلال الذي لا يفهم إلا لغة المقاومة ومفردات القوة.

"أشرف" بعمره القصير صنع الكثير فقد أدرك منذ البداية أنه يسابق الزمن حين قرر العمل على نسف جدار الأمن الشاهق الذي أقامه الصهاينة مستغلين ترسانتهم العسكرية وخبراتهم المتراكمة في مواجهة شعب أعزل محاصر، فكان مبادراً حيث لا فائض من الوقت لدى شعب يحيى واحدة من أكثر مراحل تاريخه المعاصر حرجاً، وعاش لشعبه ومن آجله، رحل في وقت يتصارع المهزومون على فتات يظنون أنه مغانم حرب وضعت أوزارها، لقد كان أشرف من ذلك الصنف الذي وصفه الله تعالى بقوله: ﴿يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾، وهو كان غيظاً لليهود في حياته، وكان وسيظل دمه نقمة عليهم بعد مماته.

هنا نود أن نقول بأن من الناس من يعيش في الدنيا ميتاً أشبه بالحي وغائباً أشبه بالحاضر ومعدوماً أشبه بالموجود لم يعرف له هدفاً ولم يحدد له غاية، يميل حيث تميل الريح، تجري به الأمواج يميناً وشمالاً ولا يعرف له براً يرسو عليه، ومنزلاً يأوي إليه، غافلاً عن نفسه وما حوله كالذين قال الله تعالى فيهم: ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾، ومن الناس صنف متميز لم يجعل الدنيا أكبر همه ولا مبلغ علمه ولم تشغله نفسه ولا شهواته ولا مصالحه الذاتية، بل هو يعيش لهدف كبير ولرسالة عظيمة نذر نفسه لها ووهب حياته وجهده وقدراته لتحقيقها، لا يضن عليها بنفس ولا نفيس، ولا يبخل عليها بغال ولا رخيص، هي شغل نهاره وحلم ليله بها يفكر وبها يهيم وإليها يسعى، عليها يحرص ومن أجلها يحب ويبغض ويصل ويقطع ويسالم ويحارب وهو الذي قال الله تعالى في مثله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾، وقال سبحانه: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ﴾.

وأحسب أن من هؤلاء الذين باعوا أنفسهم ابتغاء مرضاة الله وصدقوا ما عاهدوا الله عليه، القائد والمعلم المجاهد المهندس، أو كما أسموه رفاقه: «صقر الطرق الالتفافية ومهندس المتفجرات» "أشرف البردويل" الذي نذر نفسه ومواهبه وقدرته وجهده وكل ما يملك لقضية كبيرة خطيرة هي قضية المسلمين الأولى، قضية ارض النبوات التي بارك الله فيها للعالمين، أرض الإسراء والمعراج، أرض المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، نذر ذلك وهو في ريعان الشباب ومقتبل العمر في السن الذي يلهو فيه اللاهون ويعبث فيه العابثون ولكن قائدنا وأخانا ومعلمنا أشرف كان أمامه مثل أخرى «الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي، يحيى عياش، إياد الحردان، ورفيق دربه عايد أبو حرب ومن شباب هذه الأمة وهذا الشعب»، فقد كان أشرف بألف رجل كقول رسولنا صلوات الله عليه وسلامه: «ليس شيء خير من ألف مثله إلا الإنسان..». وقال الشاعر: والناس ألف منهم كواحد وواحد كالألف إن أمر دهى، وقال آخر: ليس على الله مستنكر أن يجمع العالم في واحد.

هنا نقف إجلالاً وإكباراً لروح القائد والمهندس «أشرف» لنقول للصهاينة القتلة بأن أشرف لم يمت أنه موجود في إخوان له يسيرون على خطه ويعملون لهدفه كل منهم «أشرف البردويل»، إن المصنع الذي صنع البطل «أشرف» ما زال يصنع الأبطال وان الحركة التي احتضنته ما برحت تخرّج وتحتضن كرام الرجال، إنه الإسلام بعقيدته وشريعته وقيمه العليا, إنه الإسلام بقرآنه وسنته وسيرة رجاله الأبطال الأطهار الذين إن غاب منهم كوكب طلع كوكب آخر وأكثر.