عندما تطأ قدماك مدخل مستشفى سمو الشيخ حمد للتأهيل والأطراف الصناعية في قطاع غزة، تعتقد للوهلة الأولى أنك داخل دولة قطر المتميزة بالتطور العمراني والتكنولوجي والخدمات الطبية المتقدمة، هذه الخدمات التي يفتقدها القطاع بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي منذ عام 2006، والعدوانات الإسرائيلية المتكررة.
مدخل المستشفى واسع جدًا، والساحات من حوله مليئة بالأشجار الخضراء التي تمنح المريض طاقة إيجابية، أما صالة الاستقبال فهي معدة بأحدث الأجهزة المتقدمة والمتطورة، واللافت أيضًا لمن يتجول داخل المستشفى، نظافة الأقسام على مدار 24 ساعة، وطلاقة الوجه لموظفيها من أطباءٍ وممرضين واداريين، الذين يسخرون كل امكانياتها ومهاراتهم لخدمة المرضى.
تتميز مستشفى سمو الشيخ حمد للتأهيل والأطراف الصناعية في القطاع، بتقديم خدمات طبية مجانية لجميع المرضى الفلسطينيين سواء في قطاع غزة أو الضفة المحتلة، من خلال ثلاث خدمات وهي: "خدمات التأهيل الطبي، خدمات الأطراف الصناعية، خدمات السمع والتوازن"، بالإضافة لخدمات مساندة بأسعار مخفضة.
مستشفى سمو الشيخ حمد للتأهيل والأطراف الصناعية احتفلت بالذكرى الرابعة لانطلاقتها في قطاع غزة، من خلال تنظيم جولة لنخبة من الصحفيين الفلسطينيين في القطاع داخل أقسام المختلفة، فقد جال الصحفيون داخل أقسام غرفةً غرفة، فكانت النتيجة مفاجئة بالنسبة لهم، إذ عبر الصحفيون عن اعجابهم الشديد للخدمات المقدمة، وفي كلِ قسمٍ يدخلونه كان الصحفيون يتهامسون بينهم ويرددون عبارات الإشادة: "عمل رائع، خدمة مميزة، هذا المستشفى مفخرة لغزة وأهلها".
وفي التفاصيل هناك الكثير من الخدمات المجانية التي يغفلها أبناء شعبنا، حيث أشار الدكتور نور الدين صلاح المدير العام للمستشفى، إلى أن مستشفى حمد الذي انطلق العمل به عام 2019 أنشأت خصيصًا لخدمة أبناء شعبنا في القطاع لتوفير الوقت والجهد، والمساهمة في تقديم الخدمات الطبية المجانية في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
على مدار (4 أعوام) استفاد من خدمات مستشفى حمد المجانية أكثر من 42 ألف و500 شخص، موزعة كالتالي: (نحو 1543 شخص استفاد من الأطراف الصناعية –بينما استفاد نحو 9395 شخص من خدمات السمع والتوازن – ونحو 31651 شخص استفاد من خدمات التأهيل الطبي).
وتتفرع الخدمات التي تقدمها مستشفى سمو الشيخ حمد للتأهل والأطراف الصناعية، لأكثر من فرع فمثلًا: "خدمات الأطراف الصناعية تشمل (تركيب وصيانة الأطراف السفلية والعلوية – الأجهزة التعويضية – أجهزة تقويم العمود الفقري).
أما خدمات السمع والتوازن تشمل (فحوصات السمع لكافة الاعمار – زراعة القوقعة – جلسات التدريب اللفظي والسمعي لمستخدمي السماعة وزارعي القوقعة – عيادة التوازن لتشخيص مرضى الدوخة والدوار).
فيما تشمل خدمات التأهيل الطبي ما يلي: خدمة المبيت – الخدمة النهارية – الخدمة الخارجية من خلال: (طبيب التأهيل – تمريض التأهيل – العلاج الطبيعي – العلاج الوظيفي – التخاطب والبلع – تأهيل الاطفال – التغذية السريرية).
لم تنتهِ الخدمات المجانية التي تقدمها مستشفى حمد فهناك عيادات تخصصية مثل:
1- عيادة تأهيل السكتة/الجلطة الدماغية
2- إصابات الدماغ والحبل الشوكي
3- عيادة تأهيل الأمراض العصبية
4- وحدة تخطيط الأعصاب والعضلات
5- عيادة تأهيل البتر
6- عيادة الألم (لعلاج الأوجاع المزمنة)
7- عيادة تأهيل الأطفال
8- عيادة أمراض الذكورة وتأهيل المثانة لذوي الإعاقة
9- وحدة ديناميكية التبول التشخيصية
وخلال لقاءنا مع مدير المستشفى ورؤساء الأقسام فقد أكدوا جميعًا بأن الخدمات المقدمة وعلى رأسها خدمة التشخيص هي خدمة مجانية 100%، وقد نصح رؤساء الأقسام جميع الفلسطينيين خاصة المرضى أو المعاقين حركيًا وسمعيًا بضرورة إجراء الفحص التشخيصي لهم ولأطفالهم من الأسبوع الأول لولادتهم للاطمئنان عليهم.
فقد طالبت مسؤولة قسم السمع والتوازن خلال جولة الصحفيين داخل أقسام مستشفى حمد، جميع أبناء شعبنا في قطاع غزة بضرورة فحص أبنائهم من الأسبوع الأول لولادتهم قائلة: "نستقبل جميع الحالات المرضية القابلة للعلاج منذ الأسبوع الأول للولادة وحتى 5 أعوام، وهو العمر القابل للتحسن والعلاج بسرعة".
وعندما تتجه إلى قسم الأطراف الصناعية ترى الأدوات الحديثة المتطورة والمتقدمة جدًا، هناك معمل خاص لصناعة الأطراف الصناعية وأجهزة مختصة لتقويم العظام إذ يقول رئيس القسم أحمد العبسي لمراسلنا: "منذ عام 2019 كان هناك تخوف لدى الكثير من أبناء شعبنا من الخدمات التي تقدمها المستشفى؛ لكن بعد تقديم الخدمات وانتشر رضى المستفيدين تغيرت نظرة المجتمع نحو مستشفى حمد".
وأضاف: "بعد رضى المرضى زادت أعداد المتجهين إلى مستشفى حمد بشكل جنوني حتى أدى ذلك إلى تقليل التحويلات إلى الخارج بنسبة تصل إلى 90% أو 95% لأن الخدمة المقدمة في المستشفى تضاهي الخدمات المقدمة في المستشفيات الأوروبية".
لم يأتِ حديث رئيس قسم الأطراف الصناعية في مستشفى حمد، أحمد العبسي من فراغ فقد رسمت المستشفى البسمة على شفتي معتصم أبو كرش أحد مبتوري العدوان الإسرائيلي عام 2006.
المواطن أبو كرش أصيب بقدمه بشظايا صواريخ الاحتلال حيث بترت قدمه اليُسرى وقد عاني كثيرًا خلال السنوات الماضية من جوانب عدة، "التحويلة المرضية لمستشفيات الخارج، السفر عبر معبر رفح والمسافات الطويلة، إضافة إلى الغربة ومعاناتها الشديدة التي استمرت إحداها إلى 9 أشهر كاملة.
وقد غير أبو كرش مرات عدة طرفه الصناعي في العديد من البلدان الأوروبية ولم يحصل على ما يريد، إذ كان يرغب بالحصول على قدم صناعية رياضية، تتميز بسرعة التحرك وسهولة طي القدم، وفي عام 2021 وجد أبو كرش ضالته.
تعرف أبو كرش على مستشفى حمد للتأهيل والأطراف الصناعية من أحد أصدقائه، وبعد أسابيع قليلة قدم قسم الأطراف الصناعية قدم صناعية رياضية مذهلة لأبو كرش الذي عبر عن فرحته وسعادته الغامرة، مقدمًا التحية والشكر لدولة قطر وأميرها سمو الشيخ تميم بن حمد إضافة إلى إدارة مستشفى سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للتأهيل والأطراف الصناعية في قطاع غزة على الخدمة التي وفرت له الوقت والجهد والمال، مختتماً اشادته بالمستشفى قائلاً: "كنت لا أتخيل نفسي أنْ اضع رجلاً فوق رجل، او أنْ امارس الرياضة والسباحة، أو أنْ اجلس القرفصاء.. لكن الآن أنا أفعلها بفضل الله ثم مستشفى سمو الشيخ حمد".
