الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه ومن ولاه إلى يوم الدين
يشرفني أن أكون بينكن اليوم ومتحدثاً وأنتن بما تمثلن من قيمة عليا لدى الشعب الفلسطيني المجاهد الصابر، وأنتن اللاتي نتلمس من خلالهن نبض المجتمع وإرادته ومقياس صموده في مواجهة العدو القاتل.
عائلات الشهداء هم من أهم مايملكه مجتمعنا الفلسطيني من معنويات تعكس قوة المجتمع وإرادته وقدرته على الصمود والتحمل ومواجه التحديات.
انطلاقاً من الإيمان اليقين والصبر الجميل، الذي تتمتعن به في مواجهة الفقدان والأسى، فقدان الأبناء والآباء وفقدان الأحبة من حولنكن هذا أمر مفهوم تعيشه مئات الأسر والعائلات ولكن في معركتنا الطويلة مع العدو يقع هذا وأكثر.
وهنا تكمن قيمة الإدارة والإيمان بقدر الله سبحانه تعالى، وسيرورة الحياة التي تحيط بنا، وقيمة اعتقادنا وايماننا ان رحلة الحياة إلى الله قصيرة ونراها حولنا في حياة الناس كما قررها القرآن الكريم في سورة الحج :" يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا".
هذا المشهد السريع المختصر تتمثل حياتنا المهم كيف نعيش الحياة الشهداء منا امنوا واختاروا قول الله تعالى" مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا".
لقد اختاروا الجهاد والقتال في سبيل الله، واصطفاهم الله شهداء، وأصبحوا عناوين حياتنا في مواجهة العدو ومواجهة الاحتلال الذي يقتل ويدمر كل شيء في حياتنا، وأبناؤكن خرجوا لهذا العدو يدافعون عن أرضنا وكرامتنا ومقدساتنا، فاصطافهم الله شهداء متجاوزين كل ما يواجه الانسان في حياته من ابتلاءات، مقبلين على الله شهداء بكرامتهم وباختيارهم يفوزن بتكريم الله لهم بالشهادة التي هي اصطفاء من الله، وبالتكريم لأمهات الشهداء وزوجاتهم وأبنائهم وآبائهم، بأنهم سيكونون ممن يشفع لهم الشهيد يوم القيامة، وهذه هي الجائزة الكبرى لعوائل الشهداء.
الأمهات والزوجات والآباء والأبناء، أعرف حجم الحزن على الفراق، وقد عشته مثلكم وأعرفه حجم معاناة الأمهات والزوجات والأبناء، ولكن ألا يكفيكم قول الله سبحانه تعالى عن الشهداء أنهم "أحياء عند ربهم يرزقون"، فالناس يموتون والشهداء أحياء عند ربهم، الناس يوم القيامة يقفون بين يدي الله سبحانه وتعالى، لا سند لهم إلا عملهم، أما عوائل الشهداء فلهم من يشفع لهم ويستقبلهم بكرامة الشهادة،
الناس يفرحون في حياتهم بمن يوفق في عمله ويوفق بتوفير بعض المال لهم، وعوائل الشهداء يجب أن يفرحوا بمن يوفر لهم الجنة ورضى الله أتريدون أكثر من هذا الشهداء فرحون بما أتاهم بما فضله، فلماذا نحزن عليهم وهم فرحون عند ربهم وفي الدنيا الشهداء سادة مسيرتنا وقادة جهادنا نحو القدس التي نحب ونحو فلسطين الوطن الذي سنبقى مرابطين فيه ونقاتل من أجل استعادته طال الزمان أم قصر.
حضوركن اليوم في كل الميادين هو مثار فخر لشعبنا، بما تقمن به من تحدٍ في تربية الأبناء ورعايتهم، ولما تملكن من إرادة في مواجهة الصعوبات، فلا تهن ولا تحزن، فنحن نباهي بكن شعوب العالم.
فالمرأة الفلسطينية وخاصة أمهات الشهداء وزوجاتهم نموذج يحتذى به لكل نساء الأرض، في العطاء والتضحية
في هذه المناسبة: مسؤولياتكن كبيرة وحضوركن الدائم له أثر كبير في جهاد مقاتلينا على امتداد وجود الشعب الفلسطيني، فلا تترددن في الحضور، وليكن لديكن الثقة بالله أن حضوركن في كل المواقع لا يقل أهمية عن حضور المقاتلين في ميادين القتال.
دمتن ودام عطاؤكن وتقبل الله منكن الصبر والثبات
وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يوفقكن في هذا المؤتمر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته