كتب : خالد صادق
لا يحتاج الجهاد الإسلامي لان يثبت انه الأكثر حرصا على ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني, ووحدة الموقف الوطني الفلسطيني, ووحدة النسيج المجتمعي الفلسطيني, ووحدة الفصائل الفلسطينية, ووحدة مواقفها ومنطلقاتها وأهدافها, فلطالما نادى الجهاد الاسلامي بأنهاء الانقسام الداخلي الفلسطيني, وقدم العديد من المبادرات الوطنية لتقريب وجهات النظر بين المنقسمين والشروع في مصالحة حقيقية لإنهاء الانقسام, مبادرة "النقاط العشرة" التي طرحها الأمين العام السابق الدكتور رمضان عبدالله شلح في العام 2016م, ومبادرة "جسر العبور" التي طرحها الأمين العام القائد زياد النخالة في أكتوبر من العام 2018م خلافا لمبادرات أخرى وحوارات تمت في القاهرة وبلدان أخرى عربية اخرى كان الجهاد دائما يبذل جهودا مضنية لإنجاحها, كيف لا والجهاد الإسلامي هو صاحب معادلة الوحدة من خلال التعدد, والوحدة من خلال الدم, والوحدة من خلال الميدان, والوحدة من خلال البندقية, وهو الذي أسس لمعادلة "وحدة الساحات", وجسدها على ارض الواثع من خلال المعركة التي خاضها ضد الاحتلال الصهيوني المجرم في أغسطس الماضي واطلق عليها اسم معركة "وحدة الساحات", وسطر حروفها بالدماء والتضحيات الجسام, ولا زال الجهاد الإسلامي يسعى بكل جهد لإنهاء الانقسام, وانجاح جهود المصالحة بين فتح وحماس, لكن ذلك لا يجب ان يكون على حساب معاناة مقاومينا ومجاهدينا الابطال, الذيم يمثلون العنصر الأهم والاطهر والانقى والاشجع في المنظومة كلها, فلا يجب ان يكون الجزاء اعتقالهم وتسليمهم للاحتلال وتعذيبهم وتصفيتهم فهم الرصيد الأمثل لشعبنا الفلسطيني, الذي تبنى عليه الآمال ويراهن عليه دائما لإفشال مخططات الاحتلال الصهيوني واطماعه التوسعية, فكل مقاوم من هؤلاء المقاومين الابطال له دين في رقبتنا لا يجب ان نخذله او نتقاعس لحظة واحدة في نصرته, والله عز وجل أعطاه مكانته عندما قال في كتابه الكريم وهو اصدق القائلين" لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۚ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا" هذا هو المعيار وهذه هيا المكانة اللائقة بالمجاهدين.
من هنا كان لقاء الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين القائد زياد النخالة واضحا وصريحا, فتصريحاته لا تصب في مصلحة حركته لتحقيق مكاسب ذاتية, انما تأتي اعترافا بالمسؤولية والواجب الديني والوطني والأخلاقي لهؤلاء المجاهدين الابطال, الذين تم اعتقالهم على ايدي أجهزة امن السلطة في الضفة الغربية المحتلة, وتحويل بعضهم الى سجن غوانتنامو اريحا, الذي لا ينتهي فيه الاعتقال الا بأمرين اما تسليم المعتقل للاحتلال, او تصفيته, هذا بخلاف تعرضه للتعذيب والعزل وافتقاده لأبسط مقومات الحياة داخل السجن, حتى عندما يضرب عن الطعام لا يعلم احد مصيره, ولا يسمح للمحامي بزيارته والتواصل معه, ولا يسمح للطبيب بملاحظته ومتابعة اضرابه, فهم يتبعون معه نظرية الإهمال الممنهج الذي يؤدي الى اليأس, فيستهينون بالمعتقلين الفلسطينيين وبأرواحهم الى اقصى حد لذلك كان لقاء الأمين العام القائد زياد النخالة واضحا وصريحا, "أن الحركة لن تشارك في اجتماع الأمناء العامين للفصائل دون الإفراج عن المعتقلين السياسيين", وهذا من باب التحلي بالمسؤولية, وابسط واجب يمكن تقديمه لهؤلاء الابطال الذين يحملون ارواحهم على اكفهم لأجل الدفاع عن ارضهم وشعبهم وقضيتهم, ولا يعقل ان يكون هؤلاء الابطال في السجون, هذه مسؤولية تقع على عاتق كل الفصائل الفلسطينية المقاومة, فمثل هذه الاجتماعات "البروتوكولية" التي توزع فيها الابتسامات بين المنقسمين امام عدسات الكاميرا فقط, لا يمكن ان تحل المشكلة, وينجح أي حوار على أرضية الاعتقال السياسي "المهين" الذي يطال مجاهدينا الابطال, ولا يمكن للسلطة التي تؤكد ان التنسيق والتعاون الأمني مع الاحتلال "مقدس" ان تتنازل عما يسمى "بمشروع التسوية" والشروع بمصالحة على قاعدة "تعدد الخيارات" في مواجهة الاحتلال, ولا يمكن ان تغامرة بمصيرها كشرط ان تبقى قائمة دون ان تقوم بدورها المنوط بها بشراكة امنية وتعاون مع الاحتلال.
الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي وخلال حواره مع "قناة الغد" اختصر كل المسافات بموقف وطني متميز وعادل ومسؤول, فقبل ان يشرع باي حوار يجب اطلاق سراح المعتقلين السياسيين في سجون السلطة, لان الاعتقالات السياسية تخدم العدو الإسرائيلي كما قال, مضيفا: «لا نجد مؤشرات إيجابية في ظل زيادة أعداد المعتقلين، والسلطة تحاول أن تثبت أمام الإسرائيليين أنها تحكم في وقت نجد فيه الاستيطان يتمدد في كل مكان بجميع المدن الفلسطينية», فهل هذا يعطي اية بوادر بإنجاح الحوار, وهل يدرك المشاركون فيه انعكاسه السلبي على شعبنا الفلسطيني, وأضاف القائد النخالة " أقولها من الآن إن لقاء أمناء الفصائل لا يحمل عوامل إيجابية للنجاح، لأن المشهد الفلسطيني محاطا بتعقيدات عدة»، مؤكدا عدم الاتفاق على أجندة لقاء أمناء الفصائل حتى الآن, والحقيقة ان هناك جهود كثيرة تبذل لإقناع الجهاد بالمشاركة في لقاء القاهرة, وتواصل من جهات عربية وفلسطينية مع الحركة, لكن الأمين العام القائد زياد النخالة قالها بوضوح بثلاث كلمات " هذا هو موقفنا" انه الوفاء للمجاهدين الابطال, والموقف المتقدم والمتمايز والمعروف دائما للجهاد الإسلامي, الذي لا يبحث عن "الصورة البروتوكولية المفقودة" لان الصورة الانصع والابهى والاصدق هي صورة المقاومة التي لا تزول.