التعقيدات في الساحة اللبنانية وتداخل اطراف عدة في احداث المخيم الدامية, وتبادل الاتهامات والتراشق الإعلامي, والخطاب السياسي اللامنهجي الذي يصدر عن البعض, يعبر عن مدى الازمة التي تتفاقم في مخيم عين الحلوة بلبنان, احداث المخيم تتصاعد, والهدنة التي تعلن سرعان ما تخترق, وكأن هناك طرفاً يسعى بأن يبقى التوتر والقتل والفوضى قائما في المخيم, متاهة كبيرة لا نعرف اين منتهاها, لكننا ندرك تماما ان للاحتلال الصهيوني المجرم دوراً لما يحدث في المخيم, واذرعه الممتدة تكاد تعصف بالفلسطيني في أي مكان يصل اليه, ويهدف الى توتير العلاقة بينه وبين اخوانه العرب, وجعله منبوذا في أي مكان يحل به, فالأحداث في مخيم عين الحلوة تشكل خطرًا على القضية الفلسطينية، وتهدد قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بل تهدّد أمن واستقرار المخيمات الفلسطينية، وتضرّ بالمجتمع الفلسطيني، ومن شأنها أن تحدث خسائر بشرية ومادية كبيرة, وهذا كله لا يخدم الا طرفاً واحداً هو الاحتلال الصهيوني, الذي يلعب على وتر الطائفية أحيانا والصراعات أحيانا أخرى والحزبية والفصائلية في أحيان كثيرة, ويغذي ظاهرة المواجهة بالسلاح, تلك الظاهرة التي يتم استغلالها دائما وتحديدا في لبنان ومخيماتها للتحريض على الفلسطينيين وطردهم من الدول الإقليمية المحيطة بفلسطين حتى لا يشكلوا أي تهديد على «إسرائيل» لذلك يجب التنبه دائما الى ان «إسرائيل» تلعب في الساحة العربية والإقليمية بما يخدمها ويخدم سياساتها ويوفر لها الاستقرار والامن, وهي تعبث في الساحة العربية من خلال عملائها واذرعها المنتشرة هنا وهناك, ويجب ان نكون متنبهين دائما لمساعي ومخططات الاحتلال الصهيوني التي لا تتوقف, فإسرائيل اخذت على عاتقها مهمة ملاحقة الفلسطينيين واستهدافهم في كل مكان ولن تتوقف عن ذلك.
لذلك نحن نرفض الاحتكام للسلاح في الحوار الفلسطيني الفلسطيني، او الفلسطيني العربي، او العربي العربي، او العربي الاسلامي، ونؤكد على أهمية السلم الأهلي، خاصة في المخيمات التي يعيش فيها فلسطينيون، فالقتال الفلسطيني الفلسطيني يسيء لصورة القضية الفلسطينية ويشوهها، والشعب الفلسطيني، كما يشوّه صورة السلاح الفلسطيني، الذي ينبغي أن يوجَّه للاحتلال الصهيوني فقط, فهو سلاح طاهر نقي, ولا يمكن ان يسخر ليوجه الى صدور الاخوة الاشقاء, لان وظيفته الدفاع عن القضية الفلسطينية وحماية الشعب الفلسطيني, ويتصدى لمخططات ومؤامرات الاحتلال, لذلك على الأطراف المتصارعة في مخيم عين الحلوة, ان تتحلى بالمسؤولية تجاه شعبنا الفلسطيني, فكفانا اوجاعاً وكفانا قتلا واراقة للدماء, كلما سقطت ضحية زادت آلام شعبنا واوجاعه, فعدونا واحد وبوصلتنا وجهتها الاحتلال الصهيوني فقط, لذلك تتحرك قيادات من حركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى في محاولة لوقف اطلاق النار, والوصول الى منطلق للحوار والوقوف على حقيقة ما حدث ويحدث في المخيم, خاصة ان هذه ليست المرة الأولى التي تحدث فيها اشتباكات واحداث دامية في مخيم عين الحلوة, فسبق ان هجر أهالي المخيم ومكثوا أياماً في العراء, وفي مدارس وكالة الغوث, واليوم يتكرر الحدث ولكن بشكل اكبر, فالاشتباكات داخل المخيم هي الأعنف, وقدر عدد المهجرين من المخيم نتيجة الاشتباكات المسلحة ما بين ثلاثة الى خمسة الاف من أهالي مخيم عين الحلوة, وهو مخيم فقير تتجاوز فيه نسبة الفقر والبطالة حسب بعض المختصين عن الثمانين بالمائة, وسكان المخيم لا يملكون رغد العيش والقدرة على اعالة اسرهم وسط هذا الخراب والدمار والقتل الذي يحل بالمخيم, فهلا تحليتم بالمسؤولية.
هناك عائلات تحاصر داخل المخيم, لم تستطع ان تصل اليهم فرق المساعدة نتيجة الاشتباكات العنيفة في المخيم, وقد وجهت نداءات إنسانية لفترة تهدئة من اجل انقاذ هذه العائلات, واجلائها من المخيم او تقديم مساعدات غذائية لها, لكن لا حياة لمن تنادي, حتى طواقم الإسعاف وفرق الإنقاذ تمنع من دخول المخيم لإجلاء الجرحى والمصابين, مراقبون وقيادات فلسطينية حذرت من عملية تهجير لأهلنا في مخيم عين الحلوة، ومن نتائج هذا التهجير على المخيم، وعلى الوجود الفلسطيني في لبنان، لأن مثل هذا السلوك سيؤدّي إلى نتائج سياسية خطيرة، وكارثة إنسانية وأزمة اجتماعية جديدة تفاقم من حجم الأزمات التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان» ويبدو ان هناك ايادي خبيثة تعبث في المخيم الذي يعيش بداخله نحو ثمانين الف لاجئ فلسطيني, لإيجاد مبررات لإجلاء الفلسطينيين من داخله, وتهجيرهم حتى من الأراضي اللبنانية, وكالة «الأونروا» قالت في بيان صحفي يوم 31/07/2023 وصل إلى الأمم المتحدة بمختلف مؤسساتها، أن «العنف المسلح المستمر في مخيم عين الحلوة أدى الى مقتل 11 شخصاً وجرح 40 من لاجئي فلسطين من بينهم أحد موظفي الأونروا وتضرر مدرستين تابعتين للوكالة وفرار 2000 شخص» حسب تقديراتها الأولية, والسؤال المطروح الآن هل تكون أحداث المخيم محطة لتذكير المجتمع الدولي بقضية أكثر من 8 مليون لاجئ فلسطيني يعيشون في المخيمات والتجمعات ومعاناة اللجوء والتهجير وقد مضى على نكبتهم ولجوئهم أكثر من 75 عاما ينتظرون العودة تطبيقا للقرارات الأممية ذات الصلة, هل تكون هذه الاحداث جرس انذار امام المجتمع الدولي الذي يحاول تهميش قضية اللاجئين الفلسطينيين, وحقهم في العودة لديارهم التي هجروا منها قسرا, وهل تدرك السلطة وقيادتها دورها في دعم اللاجئين وحق العودة الذي يتفهم محمود عباس خطورته على «إسرائيل» كما قال وانه يقبل بحل جزئي لقضيتهم.