تصادف اليوم السبت، الذكرى السنوية الأولى لمعركة "وحدة الساحات"التي خاضتها سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وعدد من فصائل المقاومة الفلسطينية.
بدأت المعركة عندما قررت سرايا القدس، صّد العدوان الذي فرضه جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة الذي بدأ في 5 أغسطس/ أب 2022، عقب اغتيال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس الشهيد تيسير الجعبري بغارة جوية على برج سكني، حيث استخدمت السرايا ابداعات وتكتيكات جديدة أوجعت بها العدو.
وهدفت معركة "وحدة الساحات" توحيد الجبهات كافة في مقاومة الاحتلال، كما شكلت نقلة نوعية في أداء المقاومة باستمرار قصف البلدات المحتلة بصواريخ وقذائف مختلفة الأحجام والمديات، اعترفت خلالها المؤسسة الأمنية والعسكرية "الإسرائيلية" عن فشل وقف استمرار اطلاق الصواريخ التي أصابت اهدافها بدقة عالية.
واستمرت هذه المعركة التي دكت فيها السرايا مدينة "تل ابيب" إلى جانب البلدات المحيطة بها بعشرات الصواريخ بشكل مستمر، نحو خمسون ساعة، قبل الإعلان عن التهدئة التي أشرفت عليها بشكل مباشر جمهورية مصر العربية، مساء السابع من أغسطس.
اغتيال القائد تيسير الجعبري
وبدأت معركة "وحدة الساحات" عصر يوم الجمعة الموافق 5/8/2022، باغتيال طائرات الاحتلال الحربية الشهيد القائد تيسير الجعبري "أبو محمود" عندما أطلقت طائرات الاحتلال نحو 4 صواريخ تجاه برج سكني في مدينة غزة، استهدفت بها القائد الجعبري، أدت لارتقاءه والشهيد سلامة عابد، شهداء مع وقوع عشرات الإصابات بين صفوف المواطنين العزل.
تزامنت عملية اغتيال القائد الجعبري باستهداف عدد من نقاط الرصد والمتابعة التابعة لسرايا القدس، ارتقى خلالها عدد من المجاهدين والمواطنين في محيط الأماكن المستهدفة.
وشيعت جماهير شعبنا الشهداء القادة والمجاهدين والمدنيين، بينما بدأ مجاهدو السرايا بإطلاق القذائف والصواريخ اتجاه البلدات المحتلة سواء كانت المحاذية للقطاع، أو في عمق الكيان.
اغتيال خالد منصور
وفي ثالث أيام المعركة، وفي السابع من أغسطس، دمرت الطائرات الحربية بصواريخ عدة أكثر من خمسة منازل متلاصقة في مخيم الشعوت للاجئين في مدينة رفح جنوبي القطاع، لتعلن السرايا بعد ساعات، أن الاستهداف أسفر عن استشهاد قائد المنطقة الجنوبية الشهيد خالد منصور برفقته نجل القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل، والقائد الميداني رأفت شيخ العيد، وآخرون، وإصابة العشرات من الأشخاص.
ويعد الشهيد منصور، أحد الأعمدة الرئيسية للمجلس العسكري للسرايا، ونجا مرات عدة من محاولات لاغتياله، اخطرها خلال الحرب الثالثة على غزة عام 2014.
وكان للشهيد دور بارز في المشاركة بانتفاضتي الحجارة والأقصى (1987-2000)، وعمل على تطوير الأداء العسكري للسرايا أثناء وبعد انتفاضة الأقصى التي استمرت لعام 2005، وعرف عنها أنها نقلة من السكين إلى البارود.
شهداء المعركة
وتسبب العدوان "الإسرائيلي" في ارتقاء 49 شهيدًا بينهم 19 طفلاً و4 سيدات، فيما أصيب ما يزيد عن 360 مواطنًا بجروح متفاوتة منها خطرة وحالات بتر، وفقًا لوزارة الصحة في غزة.
حصاد سرايا القدس بالمعركة
أطلقت سرايا القدس خلال الخمسون ساعة من المعركة حوالي 1000 صاروخ وقذيفة، ومع عصر الأحد (7/8) أطلق مجاهدوها رشقة من 100 صاروخ دفعة واحدة باتجاه الأراضي المحتلة استهدفت بلدات بينها بئر السبع و"بلمحيم" وسديروت.
وذكرت السرايا، حينها، أنها قصفت كلّ مستوطنات "غلاف غزة" البالغ عددها 58 بشكل متزامن ما أدى الى انقطاع التيار الكهرباء عن 10 مستوطنات جراء سقوط صاروخ على الخط المشغل.
وأصابت الصواريخ المنطقة الصناعية في عسقلان المحتلة وسقط صاروخ في محيط القطار السريع في "نتيفوت".
وخلال معركة "صيحة الفجر"، أعلنت السرايا إدخال صاروخ "براق-120" إلى الخدمة الميدانية، واستخدمه في معركة "وحدة الساحات" في القصف المدن التي تبعد عن القطاع قرابة 90 كيلو، منها: نتانيا، وتل ابيب.
خسائر الاحتلال
وحسب الإعلام العبري، فإن الخسائر التي تلقاها الكيان في هذه المعركة على النحو التالي: 300 مليون شيكل، 222 ضرر مباشر.
واعترف العدو، أن 20 بالمئة من الصواريخ التي أطلقت من القطاع أصابت أهدافها، وخلفت 114 إصابة مباشرة للمباني، و97 سيارة متضررة.
المحلل السياسي المختص في الشأن "الإسرائيلي" أحمد عبد الرحمن، علق على هذه الخسائر قائلًا: "إن خسائر الاحتلال إثر معركة (وحدة الساحات) أكبر بكثير من التي أعلنها قادة الاحتلال عبر الإعلام العبري".
وأضاف عبد الرحمن، أن الدعاية "الإسرائيلية" كانت تقوم بعميات تضليل كبيرة للمجتمع "الإسرائيلي" من خلال حجب المعلومات الحقيقية للخسائر، لأهداف سياسية داخلية.
وقف العدوان
وفي رابع أيام المعركة، توصل الوسيط المصري لاتفاق بين حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وحكومة الاحتلال، يقضي بوقف اطلاق النار، ودخل حيز التنفيذ مساء ذات اليوم.
وتضمن الإعلان التزاماً مصرياً بمتابعة ملف الأسرى وخاصة الأسيرين بسام السعدي وخليل عواودة، وتتضمن التفاهمات أيضًا تخفيف الاحتلال للحصار وسماحها بإدخال شاحنات وقود لمحطة الكهرباء.
وتعد هذه المعركة ضمن معارك عدة خاضتها السرايا والمقاومة في السنوات الماضية، كما يستمران في الإعداد والتجهيز للاستعداد دوماً على صّد أي عدوان "إسرائيلي" محتمل مقبل على قطاع غزة.
وفي أعوام (2008-2012-2014-2021) شن جيش الاحتلال عدوانات على القطاع، خلفت آلاف الشهداء والجرحى، وتدمير آلاف المنازل وعشرات الأبراج السكنية.
وفي مايو 2023 شن الاحتلال عدوانًا جديدًا على قطاع غزة، بدأه باستهداف ثلة من قادة العمل المقاوم وسرايا القدس، لترد السرايا والمقاومة الفلسطينية بمعركة "ثأر الأحرار" مسجلة إنجازًا جديدًا للمقاومة.