يبدو أننا أمام جولة جديدة من الدموية الإسرائيلية بحق شعبنا الفلسطيني، هذا ما كشفته مصادر عبرية بأن «الكابينيت الإسرائيلي» قد اتخذ قرارًا باستباحة الدم الفلسطيني في كل مكان لتحقيق هدفه في وقف المقاومة المُتصاعدة بالضفة والتي أخذت اهتمامًا في الرأي العام المحلي والدولي، وجعلت الموقف العربي والأوروبي والأمريكي حاضرًا.
جاء هذا الإعلان الصريح من خلال تكليف رئيس حكومة ووزير جيش الاحتلال، بشن حملة جديدة ضد عناصر المقاومة وداعميهم والتي بالطبع تستهدف خلالها المخيمات والمدن الفلسطينية. هذا القرار وربما يتأخر قليلًا، لكنه مُجدي لحكومة اليمين المتطرفة برئاسة «نتنياهو» لأنه بذلك يخرج من أزماته الداخلية، ويستكمل مشروعه وخطته القائمة على الحسم مع الفلسطينيين.
تواصل قادة الاحتلال توجيه اتهاماتها بوقوف فصائل فلسطينية من غزة ولبنان وسوريا خلف ما يجري بالضفة والتحريض على تنفيذ عمليات فدائية في المدن المحتلة، والتي كانت آخرها اتهام «نتنياهو وغالانت» من مكان عملية الخليل الاثنين الماضي حين قال: «نحن في خضم سلسلة هجمات إرهابية تقف خلفها وتمولها إيران» وفق وصفه، متوعدًا بتصفية الحسابات مع المقاومين.
فرغم التهديدات والممارسات والإجراءات التي تضيق على حياة الفلسطينيين من قتل وإعدامات وهدم للمنازل وتجريف الأراضي والتهجير القسري والاعتقالات اليومية، وتخصيص ميزانيات كبيرة للاستيطان ومنح التراخيص للمستوطنين وغيرها من الأفعال الإرهابية التي رفضتها الإدارة الأمريكية الحليف الأقرب لإسرائيل، وأحرار العالم، يدرك الاحتلال أن خسارته باتت أكبر من أي وقت مضى، باعترافه أن هذا العام كان سيئًا بمقتل نحو 36 قتيلًا أغلبهم من المستوطنين، أي لا خيارات أمامه سوى الرحيل عن الأرض الفلسطينية.
من السهل، أن تمارس إسرائيل إرهابًا وعنصرية بحق شعبٍ أعزل، لكنها من الصعب أن تلتزم بالقانون الدولي الذي يكفل حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، وأن يعيشوا حياة آمنة خالية من الإرهاب الإسرائيلي وفق قرارات الشرعية الدولية، التي تضربها «إسرائيل» بعرض الحائط بل وتمارس بلطجةً علنية بإعلانها الأخير أنها تحضر لموجة دموية جديدة!
لم تكتفِ بعد الحكومات الإسرائيلية من خوض تجاربها النازية بحق الشعب الفلسطيني، وتحاول أن تعيد الكرة والتحجج بوضع حد للمقاومة. لكنها تفشل حقًا، فكلما زاد بطشها، أخذت المقاومة أشكال متعددة، وازداد المقاوم تمسكًا بالأرض أكثر فأكثر.
إن التلويح بالعودة لسياسة الاغتيالات واستهداف المنشآت وتدمير المنازل وقتل المدنيين ومواصلة حصار وحرق المدن والمخيمات مثل حوارة وغيرها ليس جديدًا على السياسة الفاشية الإسرائيلية، إنما اعتقادها ومدى تأثر ساحة الضفة المُلتهبة بالرسالة الإعلامية الغزية هو ما يجعلها أن تحسم خيارها في إنهاء هذه الظاهرة المُتنامية والتي أخذت بعدًا وطنيًا، لاستكمال مشروع الضم والسيطرة على الأرض لإخضاع الضفة للسيادة الإسرائيلية.
التصريحات الإسرائيلية والتي كان آخرها للمتطرف «بن غفير» الذي طالب بشن عملية عسكرية جديدة، والعودة إلى سياسة الاغتيالات، ونشر حواجز على الطرق في جميع أنحاء الضفة، تؤكد أن العدوان على شعبنا لم يتوقف لحظة، أمام حالة المعاناة التي يعيشها شعبنا وارتفاع عدد الشهداء منذ بداية العام الجاري أكثر من 220 شهيدًا.
الوقائع على الأرض تقول، إن الاحتلال سيواصل تنكره للحقوق الوطنية لشعبنا، ويستعد لعدوان جديد في ظل محاربته لأشكال المقاومة الميدانية بالضفة، فمن خلال عدوانه المُحتمل هو سيحاول أن يتخلص من داعمي نشطاء المقاومة وفق ما جاء في بيان إسرائيلي وصفهم «بمرسليهم». هذا يعني أن إسرائيل ستعمل بكل قوة على وقف تصاعد هذه المقاومة وارتكاب مجازر جديدة بحق شعبنا في سبيل ضمان تطبيق الهدوء وحماية المستوطنين.
باعتقادي، أنه اليوم وأمام حالة التهديد التي اتخذت على محمل الجد، أصبح لا مفر من المواجهة، والثبات والصمود على الأرض سيد الموقف، وأن الاستجداء لن يجدي نفعًا، والعمل على تفعيل كل أشكال المقاومة للتصدي لأي عدوان همجي محتمل، كما أن المقاومة ستكون حاضرة لا سيما المناورات الصاروخية التي توصل من خلالها رسائل ساخنة للعدو. في حين لم نجد موقفًا واضحًا من المجتمع الدولي ومجلس الأمن، والاستمرار في سياسة ازدواجية المعايير الدولية التي تشجع «إسرائيل» على مواصلة دمويتها بحق شعبنا.
فما نشهده اليوم من خطاب تحريضي ودعوة علنية للقتل والإجرام الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، يتناغم تمامًا مع الفكرة والرؤية الإسرائيلية وهي تصفية الوجود الفلسطيني، وانتهاك سافر لكل قوانين الأرض.
جميع المعطيات تفيد أنه لا حل إلا بإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران لعام 67، وهذا يحتاج استعادة الوحدة الوطنية أولًا، ورسم إستراتيجية وطنية نضالية جامعة، وموقف دولي ضاغط على الاحتلال، والعمل على التعبئة الوطنية في صفوف الشعب، وتعزيز وتعميق الوحدة الميدانية، وتوفير مقومات الثبات والصمود، والغطاء السياسي للمقاومة الشعبية الشاملة، بما في ذلك تفعيل القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة، وتطوير أساليبها في تأطير فعاليات المقاومة وتزويدها بكل ما تتطلبه المواجهة من أدوات وإمكانيات، لدحر الاحتلال عن أرضنا.