غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر الطلاق المبكر.. آفة تنخر النسيج الفلسطيني.. والفيسبوك في قفص الاتهام

شمس نيوز/إيناس الزرد

لم تكمل سمر (ن) ابنة السبعة عشر عاما، نصف الحول في عش الزوجية، حتى حلت ضيفة على المحكمة الشرعية طالبة الطلاق من زوجها، رغم أن أحشاءها تحمل جنينا في شهره الخامس، لتضاف إلى قائمة المطلقات مبكرا.

وتوضح معلومات حصلت عليها وكالة "شمس نيوز" ارتفاع نسبة الطلاق المبكر في قطاع غزة، خاصة بين المتزوجين في أعمار صغيرة نسبيا، حيث تشهد محاكم القطاع ما متوسطه 4 حالات طلاق مقابل 6 حالات زواج لكل محكمة يوميا.

وبحسب المعلومات، فإن أغلب المطلقين مبكرا لا يمضي على زواجهم سبعة أشهر، وتتراوح الأسباب بين فروق المستوى التعليمي، واختلاف العادات والطبقات الاجتماعية، وسوء مستوى المعيشة، وعدم القدرة على التفاهم السليم بين الزوجين، وأخيرا التأخر في الإنجاب، وهو السبب الذي لا يعني ضرورة الانفصال السريع بعد الزواج بفترة قصيرة.

ووفقاً لإحصاءات "المحاكم الشرعية"، فإن نسبة الطلاق تجاوزت حاجز 16% في عام 2013، وهي نسبة عالية جدا مقارنة بمعدلات الطلاق في الدول العربية.

لا يفقه معنى الزوجية

وسألت مراسلة "شمس نيوز" الشابة سمر  (ن) عن سبب حضورها للطلاق في المحكمة، فأجابت بالقول: مضى على زواجي فقط ستة أشهر، وأنا حامل في الشهر الخامس، وزوجي لا يفقه معنى الحياة الزوجية، فيغيب عن البيت حتى ساعات متأخرة من الليل، ولا يؤدي صلاة ولا صياما، ويقلب البيت جحيما إذا سألته لماذا تأخرت!!". مبينة أنها غادرت بيت زوجها بعد شهر فقط على زواجها، وظلت خمسة أشهر في بيت أهلها لم يسأل زوجها خلال هذه الأشهر عنها ولو مرة واحدة.

ولدى سؤالنا لها: هل ترغبين في الإصلاح بينكما والعودة لبيت زوجك؟ أجابت محركة رأسها يمينا ويسارا، بمعنى (لا)".   

ويعتبر الطلاق من أخطر المشكلات الاجتماعية التي تهدد استقرار الأسر , نظرا لعواقبه الجسيمة على الفرد والأسرة والمجتمع .

تزوجت مرتين

أما رشا (ع) 28عاما، فقد تزوجت مرتين، وانتهت الزيجتان بالفشل والانفصال. وقالت لـ"شمس نيوز": الزواج الأول كان بإجبار من أهلي، حيث ألصقوني بشخص لم أتقبله طيلة فتره خطوبتي, رغم أنه متعلم ومثقف ويعمل مهندسا في إحدى شركات القطاع الخاص" مشيرة إلى أن طباعه "السيئة" وتفكيره الذي لا يتناسب مع عقليتها أبدا, وكثره انفتاحه  وعلاقاته مع الأخريات سواء كان عن طريق الانترنت أو بحكم عمله، سبب لها مشكلات عديدة, جعلتها تطلب الانفصال عنه أكثر من مرة، إلا أن أهلها لم يتجاوبوا معها.

وأردفت بالقول: بعد مرور 7 أشهر على زواجي , كثرت المشاكل وصرت لا أتحمل طباع وأخلاقيات زوجي، فطلبت الطلاق منه، لا سيما أن الطلاق كان رغبتي خلال فتره الخطوبة , وتصدى لي أهلي بالرفض مجددا, فغادرت بيته رغما عنه " موضحه  أن أهلها استجابوا لطلبها  بعدما أقنعتهم بأن العيش معه أصبح محالا , وتم الطلاق بعد شهرين تقريبا من تركها لبيت زوجها ".

وعن الزواج الثاني، أضافت بالقول: تقدم لي شاب من عائله والدتي، وبحكم أنني مطلقة ,استعجلت والدتي بزفافي لقريبها ,عشت معه حياة زوجية سعيدة في البداية, وبعد فترة وجيزة اكتشفت أنه مريض نفسيا, حيث كان في فترة الخطوبة يتناول علاجه قبل قدومه لزيارتي,  حتى لا أكتشف أمره, إلا أنه بعد الزواج بمهلة طالت يده عليّ، وصار يضربني ويتطاول عليّ بشكل يومي، حال تأخر عن أخذ العلاج المسكن لحالته المرضية، وانتهت هذه التجربة بالطلاق أيضا".

فرق علمي

الشاب سعيد (ع)، البالغ من العمر" 28عاما ","  تزوج بفتاه متخصصة بمجال الصيدلة, رغم  أنه لا يملك سوى شهادة الثانوية العامة، يقول لـ"شمس نيوز": بعد 4 شهور من زواجنا، بدأت زوجتي تظهر تكبرها عليّ, وصارت تعايرني بدرجتي العلمية, وبالفرق بينا في المراحل التعليمية بحكم أنها صيدلانية, ولم تكتف بذلك، بل كانت تتعدي حدودها أثناء مناقشتنا لأي أمر فيما بيننا".

وأوضح  أن تمرد زوجته  الزائد عليه أصبح يقابله بالعناد وبالضرب, في محاولة لوضع حد لما يحدث بينهما، إلا أن ذلك زاد من حدة المشاكل، ووصل الأمر إلى طريق مسدود، انتهى بانفصالهما".

أسباب مختلفة

وأرجع أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة الأقصى، درداح الشاعر, أسباب تزايد حالات الطلاق المبكر في الأراضي الفلسطينية, إلى عدم الدراسة المستفيضة لكلا الزوجين أثناء فتره الخطوبة, وسوء الفهم لقضية الزواج. وقال الشاعر لـ"شمس نيوز": البعض يعتبر الخطوبة فتره ترفيهية وليس صورة من صور الالتزام والمسؤولية, أو شراكة لتحمل أعباء الأسرة".

وأوضح أن الوضع الاقتصادي الراهن يسهم في تزايد حالات الطلاق من خلال عدم إيفاء الزوجين بكل ما هو مطلوب منهما بشأن أسرتهما, عدا عن تدخلات الأهل في كثير من الأحيان, مبينا أن عدم وجود تجانس ثقافي بين الزوجين، وقلة الوازع الديني يسهمان في خلق كثير من المشكلات التي تؤدي للطلاق.

ولفت د.الشاعر، النظر أن للطلاق انعكاسات سلبية وإيجابية, السلبية بأن يدفع الزوجان ثمنا باهظا بعدما يحدث انفصالهما على صعيد حياتهما الشخصية فيما بعد, أما الإيجابية فقد يكون الطلاق حلا لكثير من الصدمات الانفعالية التي قد تقع بين الزوجين.

واستطرد قائلا: هناك ما يسمى بالطلاق الحضاري، وهو أن يجلس الزوجان اللذان لم تتطابق طباعهما معا ,ويتفقان  بشكل إيجابي على الطلاق من أجل تخفيف الأخطار السلبية بعد وقوع الانفصال".

وقال: التطور التكنولوجي والتقنيات المطروحة، ومواقع التواصل الاجتماعي من فيس بوك وتوتير , ساهمت في إظهار الانهيار الأخلاقي للرجل والمرأة, وذلك عن طريق الانغماس بالمعلومات المشوهة حول الجنس الآخر وإقامة علاقات خارجة عن نطاق الشرع، مما يؤدي إلى تفكك الكثير من العائلات  نتيجة الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا".

وأضاف الشاعر: تزايد حالات الطلاق له آثار نفسية على المطلقين أنفسهم من خلال انعدام الرغبة في بعض الأحيان بالارتباط مرة أخرى، وقد يحدث انحراف في سلوكيات الشباب, وقد يسيطر الخوف من المستقبل على الراغبين في الزواج، فيهجروا فكرة الارتباط أصلا من باب الوقاية خير من العلاج، بحسب ما يعتقدون".

وتابع : يجب على أي شخص مقبل على الزواج أن يكون متدينا وتربطه علاقات حسنة مع الله, وملتزما بالأدب والأخلاق، وأن يكون حسن المعاملة مع الناس, ومثقفا ومتعلما، لأن هذه الجوانب مكملة لظاهرة الزواج".

ودعا الشاعر إلى ضرورة إعداد الفتيات والشباب لفكرة الزواج عن طريق دورات خاصة لتعلميهم كيف يكونوا أزواجا صالحين وعلى قدر من المسؤولية, والتحذير من عقوبة الطلاق, في محاولة للتخفيف من حالات الطلاق, موضحا أنه عندما يعلم  كل جنس ما له وما عليه، فسيكون ذلك مدخلا صحيحا لحياة أسرية سعيدة وممتدة".