غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

المتغطي بالسلاح الأمريكي عريان

جو بايدن الرئيس الأمريكي
بقلم: عبد الله عواد

من ذا الذي اشترى بضاعة أميركية وفاز؟

والبضاعة الأميركية، كل ما تسوقه أميركا من أسلحة ومعدات ومخططات ومشاريع وأفكار، لأي شعب من شعوب المعمورة، كالحرية والديمقراطية والتحرر والازدهار والتنمية، وهي وإن كانت مغلفة بالشعارات البرّاقة، لكنها محشوة بالسموم القاتلة والفتن المدمرة، التي لا تبقي ولا تذر، كل من يؤمن بها ويعمل على تطبيقها مهما كان الثمن.

وهذه البضاعة الأميركية لا تكل ولا تمل من إعداد الكمائن وإيقاع المخدوعين والحالِمين، كما أن تجاربها المميتة لا تخطئها العين، وما حصل في العراق وسوريا ولبنان وأفغانستان وأوكرانيا، وغيرها، حيث ويلات الحروب والدمار الذي حل بشعوبها وأوطانها، شواهد حيّة على خطورة هذه البضاعة الفاسدة.

لكن هذه البضاعة الأميركية تجد من يشتريها، وحين يكون الطرف الرسمي الفلسطيني، أحد هؤلاء المتاجرين، فهي المصيبة الكبرى. فأميركا تعلم أنّ الشعب الفلسطيني شعب محتل مِن قِبل آخر احتلال عرفته الكرة الأرضية، وهي تعلم كل تفاصيل نكبته وتشريده في شتى أصقاع الأرض، لكنها لم تُقدم له شعاراتها المسمومة عن الحرية والاستقلال، بل عربات مصفحة وأسلحة رشاشة.

السلطة الفلسطينية، تعلمُ علم اليقين، أنَّ الأسلحة والمعدات الأميركية التي وصلتها عبر معبر الأردن، لن تصوب نحو صدر العدو الصهيوني، فأميركا هي الحامي الأول للاحتلال، ولن تسمح لطلقة واحدة تخرج من مخازن البنتاغون، بأن تهدد حياة مستوطن صهيوني واحد، أميركا لن تهب سلاحها إلا إذا خدم سياستها الخبيثة القائمة على "دع العدو يقتل نفسه"، والفلسطينيون هم أعداء الكيان وأعداء الكيان هم أعداء لأميركا.

السلطة الفلسطينية اشترت الوهم الأميركي والبضاعة الأميركية، وهي تعلم جيدًا أنّ للسلاح الأميركي وجهة معلومة، ليس من بينها المستوطنات الجاثمة على أراضي المواطنين، ولا صدور عصابات الإجرام من المغتصبين والمستوطنين الصهاينة، السلاح الأميركي له وِجهة واحدة، صوب كل من يهدد المشاريع والمخططات الصهيو– أميركية. ومَن غير المقاومين بمبادئهم وأسلحتهم يقف في وجه هذه المؤامرات، حتى وإن كان ثمن ذلك تحمل أعباء وتبعات الصمود وعدم الانحناء أمام التهديدات الصهيونية.

المطلوب الآن، من رئيس السلطة محمود عباس، الذي يعتبر التنسيق الأمني مقدسًا، أن يفسر لنا السر في هذا التناقض العجيب، فأميركا التي اعتادت أن تُشعل الحروب في العالم من أجل بيع أسلحتها بالمليارات، هي نفسها التي تُرسل ما تيسّر من أسلحتها للسلطة بدون مقابل مادي، وهي نفسها أيضًا، التي تُزوّد كيان العدوِّ الصهيوني بكل ما يحتاجه من أسلحة فتاكة ومحرمة دوليًا، وتوفر لقادته وجنرالاته المجرمين الحماية من المحاسبة والمساءلة القانونية.

نريد من سيادته بالضبط، أن يُجيبَ أبناء الشعب الفلسطيني، إذا ما كان يعتبر السلاحَ القادم من أميركا، هل هو سلاح شرعي؟ خاصة وأنه صدّعَ رؤوسَ الفلسطينيين منذُ توليه رئاسة السلطة بأنه لا سلاح شرعيًا سوى سلاح السلطة، كما كرر هذا الكلام في لقاء العلمين الذي ضم الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، وغابت عنه حركة الجهاد الإسلامي حين عُقد قبل شهرين في المدينة المصرية.

أميركا شر مطلق، وما أرسلته من أسلحة للسلطة، يستحيل أن يحمل أي بذرة من بذور الخير لشعبنا، ورغم ذلك، يحمل الخير في جوانب أخرى، فشعبنا سيزداد لديه الإيمان وتترسخ القناعات، بأن أفكار الضلال والدمار التي آمن بها رئيس السلطة، وأفنى عمره وهو يحاول تمريرها، ستتهاوى أمام مَن غُرر بهم طوال هذه السنوات العجاف في زمن السلام المدنس.

شعبنا الفلسطيني الآن، سيعي أكثر فأكثر، أي سلاح يستحق أن ينال لقب السلاح الشرعي. فُوّهات البنادق التي تجهل صدر العدو، والعربات المصفحة التي تفسح الطريق أمام آليات البطش لاستباحة المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، من العار أن توضع في مقارنة مع السلاح المصوب نحو صدر العدو دفاعًا عن الشعب والأرض والقضية.

السلاح الأميركي لن يديم ملكًا ولن يحمي سلطات وكيانات هزيلة، وجميع تجارب الشيطان الأكبر مع الشعوب المقهورة والمحتلة، لا تدع أي مجال للشك، بحتمية انهيار وزوال القادمين على ظهور الدبابات الأميركية، والخادمين لسياساتها الإمبريالية، وإذا كنتم قد تناسيتم، نذكركم برأي واحدٍ من الذين ذاقوا مرارة الغدر الأميركي بعد سنوات طوال من أدائه فروض الطاعة والولاء لزعيمة الشر في العالم حين قال إن "المتغطي بالأمريكان عريان".

منذ الصغر ونحن نردد: أمريكا أمريكا الموت لأمريكا، عدوة الشعوب، مثيرة الحروب.. يا أخي يا مجاهد، قال الدكتور القائد، عدوك رقم واحد، أمريكا أمريكا.

لكن، مَنِ ابتلي بهم الشعب الفلسطيني، من حكام وقيادات، لازالوا يصرون بأن جميع أوراق الحل والربط بيد أميركا، وهو رهان لن ينتهي إلا بزوال المراهنين على "ماما أميركا"، حين تتركهم لمصيرهم المحتوم الذي يلاقيه كل متآمر على شعبه وقضيته، وحينها لن ينفعهم قولهم: إن المتغطي بالسلاح الأمريكي عريان.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".