- آمنة حميد، القيادية في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين

في الوقت الذي تزداد بشاعة السحل والضرب وكم الإهانات اللفظية والجسدية والاعتداءات المنظمة على السيدات الفلسطينيات والفتيات في مختلف مناطق الضفة الغربية التي تعيش هوسا أمنياً وسياسيا معقداً تأتي الذكرى العشرين للعملية الاستشهادية البطولية التي نفذتها الشهيدة العظيمة هنادي جرادات لتعطي أنموذجا مميزا برونق قانٍ زين المشهد. 
ابنة جنين الأبية التي ترجلت بقدرة واقتدار لتفجر نفسها في مطعم مكسيم في مدينة حيفا وأوقعت 21 قتيلان صهيونيا وأُصيب خمسين آخرين لم تكن هذه التجربة الفريدة التي غامرت بأن تكون رائدتها سيدة تزنرت بوشاح الشجاعة واستلت سيف الإسلام الصارم بأن جعلت روحها قنبلة موقوتة في غاية الاخلاص والانتماء لفكرة أن الشهداء أحياء وأن الثأر أكبر من مخزون العواطف والمشاعر الإنسانية وأن القوة أبلغ من الضعف والتقهقر. 

تأتي الذكرى مجددا تزامناً مع ذكرى الانطلاقة الجهادية السادسة والثلاثون والضفة عامرة بالمقاتلين الشجعان في مقتبل أعمارهم وأظافرهم كالصوارم مغروسة في صدر العدو  الصهيوني الذي يسعى في كل لحظة لقطف ثمار غرس الجهاد والفداء، قطافا فاعلا على مدار اللحظة فلم تعد الاقتحامات للبلدات والمخيمات منظمة وفي أوقات محددة صارت المداهمات للمنازل والممتلكات والمؤسسات والانتقال بين الحواري والقرى والمخيمات في الضفة شغل الجنود الشاغل وقتل الشباب إن حمل سلاحا أو فكرة إن قال أنه حرٌ أو لم يقل. 

لقد كانت هنادي جيشا من المقاتلين في عملية استشهادية واحدة ما أبلغ الأثر وما أعظم الصدمة كنت في ذلك اليوم في الثالثة عشر من عمري ولم يكن لدي فكرة واحدة عن الحزام الناسف والقنابل والموقوتة فكانت ملهمة في الأداء الى درجة أنها أعطتنا درساً جديداً وجدياً كيف للمرأة أن تثأر بوقار كبير وتنتصر، كيف لها أن تلوذ عن الأرض والإنسان كمثل الرجل تماماً في كل ميدان. 

صعدت هنادي متفردة وتبعتها هبة وميرفت وميساء وسناء وفاطمة وسيلٌ من الأسماء كانت مفجرة الفكرة في أولها السيدة الأولى عِطاف لكن أثر الفِعل المُعجز له سطوة على العقل والروح ومازالت حتى هذه اللحظة لا أنسى مشاهد الأشلاء وأثر التفجير وصدمة العدو وصدمة الناس بالفكرة والفعل. 

هي ذات الفكرة وذات الطريقة التي صمدت فيها كل سيدة في معركتها الخاصة مع العدو واستبسلت في الدفاع عن نفسها حتى ثأرت بالتكبير "الله أكبر" على بساطة الفعِل وعنفوانه، أو الصمود في معركة الإرادة والإبادة وسلبُ الذات والهوية مرسخة مفاهيم البطولة في نفسها وأدائها ونفس أبنائها ومن حولها، أو حتى إذا اتخذت من طريق القتال والشهادة طريقا خاصا بها تخوض فيه درباً مميزاً يفتح أمامها الآفاق لتحقق نصراً عزيزا يرفع الله به قدرها في كل ساح و وساح الجهاد أعظم وأعظم من أي ساح. 

هذه الأمة التي تعيش معركتها الفريدة مع عدو حجمه العالم الكبير وحجم الأمة الإيمان العميق يتوجب على نساء هذه الأرض حمل مَراجلَ النار في أرواحهن في كل حين والاستعداد لإعداد جيلٍ من هنادي وهبة وكل الاستشهاديات الشهيدات استعدادًا للمعركة الشمولية التي تفتح مصراعيها مع وعثاء السفر في عالم الغايات المبررة وسطوة الانحلال الأخلاقي والقيمي والروحي على العالم وهيمنة الشيطان وغواياته على أركان المجتمع والحياة في العالم العربي والإسلامي عموما، فالنساء المسلمات القويات بإيمانهنّ وفهمهن الدقيق لمعركة العقيدة الإسلامية سيكون درعاً حامياً وسيمهد للنصر الكبير.