غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

أحيت فريضة الجهاد

"مشاغلة العدو" معادلة الجهاد الإسلامي التي استنزفت العدو وزعزعت أمنه

مشاغلة.jpg
شمس نيوز - خاص

استندت حركة الجهاد الإسلامي وجناحها العسكري سرايا القدس، كحركة مقاومة إسلامية وتحرر وطني، في صراعها مع العدو الإسرائيلي، إلى معادلة "المشاغلة"، التي نجحت عبرها في تشتيت الاحتلال الإسرائيلي، وفرض معادلات جديدة أبرزها وحدة ساحات المقاومة.

وتعني "المشاغلة" استنزافَ العدو وزعزعة أمنه، من خلال إدارة المواجهة والمقاومة المستمرة، دون هدنة طويلة الأمد تُعطي العدو نَفَسَاً جديداً أو تُشعره باستقرار سياسي أو عسكري أو أمني، وهو ما يُؤكده دوماً الأمين العام للحركة زياد النخالة، في كل خطاباته وتصريحاته.

استمرار معادلة المشاغلة لم يكن وليد اللحظة، وإنما امتداد لأهم أسس تأسيس الحركة على يد الدكتور فتحي الشقاقي ورفقاه، الذي شدد في غير مرة على ضرورة استمرار المواجهة مع العدو وأبرز ما قاله بهذا الشأن "دور المجاهدين في فلسطين هو إحياء فريضة الجهاد ضد العدو، ومشاغلته، واستنزاف طاقاته".

طوَّرت مفهوم المواجهة

ويرى المختص في الشأن الإسرائيلي، نبيه عواضة، أن حركة الجهاد الإسلامي أثبتت من خلال معاركها جدوى استراتيجية مشاغلة العدو في إبقاء جذوة المقاومة مشتعلة مع العدو الإسرائيلي.

ويقول عواضة لـ"شمس نيوز": "أن يخرج العدو في معركتين كبيرتين (وحدة الساحات وثأر الأحرار) ضد تنظيم فلسطيني مقاوم (الجهاد الإسلامي) ويسعى جاهداً في كلا المعركتين للقضاء على هذا التنظيم، يعني أن فعالية الفعل المقاوم لسرايا القدس أصبحت فعالية مطروحة على طاولة القرار الإسرائيلي؛ اعترافاً بالقدرة على التأثير في مسار المواجهة".

ويذهب عواضة إلى أبعد من ذلك في تحليله، إذ يُقدِّر أن هذه الفعالية تصنع الحدث وتؤسس لمسار متطور من المواجهة، وهو ما لاحظه العدو من خلاله اعترافه (عبر استهدافه للجهاد الإسلامي وحيدة ومنفردة) بالخطر المحدق لكيانه من معركة متعددة الجبهات.

وبقراءة عواضة لهذا الموضوع من الناحية الفلسطينية، فهو منحىً سعت الجهاد الإسلامي لتأكيده عبر ترابطها الوثيق بمحور المقاومة، وما يُفسِّر قولَه هو أن "مجرد استجداء العدو لتحييد فصائل مهمة من عدوانه، ومحاولة تركيز جهده على الجهاد الإسلامي، إقرارٌ بمدى المعادلة ومستواها وحجمها التي فرضتها سرايا القدس"، مشيراً إلى أن قدرتها على المشاغلة تأتي في سياق استراتيجية المواجهة هذه.

وتمكنت حركة الجهاد الإسلامي بدون أدنى شك، -كما يقرأ عواضة- من تطوير مفهوم المواجهة، وهو ما أعطى حافزاً مهماً لتأسيس بنية متحورة لطبيعة المعركة في الضفة الغربية المحتلة.

ويُبيِّن أن "العبوات الناسفة، والصواريخ، والاشتباك المباشر، والذئاب المنفردة، كلها أنماط لاستراتيجية المشاغلة، وفي كل نمط منها إنجاز نوعي".

ويُضيف أن: "حضور الأسرى كقضية وأسلوب نضالي من الإضرابات عن الطعام، إلى عملية انتزاع الحرية عبر نفق من سجن جلبوع الإسرائيلي، ساهم بشكل كبير في تغيير وتطوير وارتقاء ديناميات الصراع إلى مستوى متقدم جداً".

إضافة ذكية لمسيرة المقاومة

ما طرحه المختص عواضة يُوافقه الخبير العسكري اللواء يوسف الشرقاوي، الذي اعتبر أن "مشاغلة العدو" باتت أمراً ضرورياً لصد عدوان الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني بشكل يومي خصوصاً في ساحة الضفة الغربية المحتلة، من خلال القتل المتعمد للمدنيين، واغتيال المقاومين، واقتحام المنازل والاعتقالات التعسفية، والتنكيل والضرب والقمع.

وقال الشرقاوي لـ"شمس نيوز": "كتائب المقاومة في الضفة وخاصةً كتيبة جنين، ونابلس، وطولكرم التابعة لسرايا القدس، نجحت في تطبيق هذه الاستراتيجية، وأصبحت تواجه وتفاجئ العدو من خلال المباغتة، والقيام بعمليات جريئة ضد جيش الاحتلال".

ويعتبر أن ذلك أيضاً تطبيق لمعادلة وحدة الساحات ووحدة الجبهات، التي شكلت إضافة ذكية لمسيرة المقاومة الفلسطينية على طريق التحرير، وأفشلت مخططات العدو في تصفية القضية الفلسطينية.

ونجحت حركة الجهاد الإسلامي في "مشاغلة العدو" بالوقت المناسب، وراكمت إنجازات كبيرة في هذا الخضم، وهذا يُعطي دافعاً لفصائل المقاومة الأخرى لصياغة استراتيجية واضحة في مواجهة العدو، كما يرى اللواء الشرقاوي، مشيراً إلى أن "المشاغلة" ليس موسمية ولا تُعتبر استراتيجية إلا إذا وُظِّفت في الوقت المناسب، وهذا ما أتقنته الجهاد الإسلامي.

وأشار إلى أن مشاغلة العدو هو من أدبيات حركة الجهاد الإسلامي؛ للدلالة على استمرار جذوة الجهاد مشتعلة، وإيذاء العدو واستنزافه مادياً ومعنوياً، وزعزعت أمنه واستقراره.

ولا يوجد تناقض بين "المراكمة" و"المشاغلة"، وفق ما بيَّنه اللواء الشرقاوي، فالأخيرة، لا تستنزف الأولى، بل تُعدُّ أهم وسيلة لتعزيزها.