أسماء بزيع
يترقب أهالي آلاف الأسرى الفلسطينيين خبر فجيعة أبنائهم بعد الإجراءات غير المسبوقة في حق أبنائهم داخل سجون الإحتلال، والتي تهدد حياتهم منذ صبيحة السابع من أكتوبر/تشرين الأول. اليوم الذي تعرّت فيها حكومة نتنياهو، فكشرت عن فشلها محاولة افتراس فرصة ولو شكلية ترفع عنها مسؤولية هزيمة نكراء انتصرت فيها المقاومة الفلسطينية حتى قبل انتهاء الحرب.
وعلى إثر [طوفان الأقصى] الإنهزام التاريخي لجيش "أوهن من بيت العنكبوت" ينتقم الإحتلال من الأسرى بتعذيب وحشي واعتداءات همجية طالت حتى النفس. حيث كشف أسرى فلسطينيون سابقون عن ظروف اعتقالهم المروعة في السجون "الإسرائيلية" وأكدوا أن المعاملة ازدادت سوءاً منذ بدء الحرب على غزة قبل أكثر من شهر.
تعذيب يفضي للقتل:
في 23 أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" أن الأسير عمر دراغمة (58 عامًا) تدهورت حالته الصحية بشكل أدى لاستشهاده. مع العلم، أنّه اعتقل بكامل عنفوانه وبصحة جيدة، وبالقوة نفسها ظهر أمام محاميه وهيئة المحكمة "الإسرائيلية"، وأقر لهم بأنه "بصحة جيدة"، وأن كل المؤشرات المحيطة به لم توح مطلقا بأنه سيكون في عداد الشهداء بعد 3 ساعات فقط. فكان خبر الاستشهاد صدمة على عائلته بل وعلى الفلسطينيين، ولا سيما المؤسسات الحقوقية وتلك التي تُعنى بشؤون الأسرى، التي أكدت أن الاحتلال يرتكب "جرائم قتل" ضد الأسرى، ودللت على صحة أقوالها بشهادات للأسرى أنفسهم، خاصة المفرج عنهم والمحامين.
قصة عمر ليست الأولى، وهذا ما بدا واضحًا فيما ذكره رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية (حكومية) قدورة فارس بأن 5 أسرى فلسطينيين على الأقل استشهدوا في السجون "الإسرائيلية" في الأسابيع القليلة الماضية. وقال إن تشريح الجثث أظهر أنهم تعرضوا للتعذيب أو الإهمال الطبي، مضيفًا بأن مئات آخرين من السجناء أصيبوا بعد تعرضهم للضرب المبرح بكسور في أطرافهم وأضلاعهم وكدمات في أجسادهم.
هذه الشكوك بالقتل العمد أكدتها مؤسسات الأسرى قائلة إن الاحتلال "بدأ بتنفيذ عمليات اغتيال ممنهجة بحق الأسرى عن سبق إصرار وانتقام على أثر الحرب بغزة"، وحمَّلت "إسرائيل" كامل المسؤولية عن حياة الأسرى، واستهجنت "الصمت المريب" لمنظمة الصليب الأحمر الدولي حيال موقفها ودورها تجاه الأسرى.
عقاب جماعي:
يواجه الأسرى واقعاً بالغ الصعوبة والتعقيد داخل السجون، ويتعرضون لجريمة العقاب الجماعي الممنهج والأشد منذ عقود، فضلًا عن الممارسات غير الإنسانية المهينة والتي تصل حد التعذيب، إضافة لأعمال إنتقامية وسوء معاملة غير قانوني؛ يراد به المس في حق الأسرى بالكرامة والحياة والصحة، باعتبارها حقوقاً دستورية. وهذا ما عبّر عنه رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية (حكومية) قدورة فارس بعد إقدام مصلحة السجون "الإسرائيلية" بالاعتداء على الأسرى بالضرب والشتم خلال عمليات الاقتحام التي تجري للأقسام بمشاركة قوات القمع ومنها وحدات (اليمام)". وبدورها، قالت الهيئة العامة للحركة الأسيرة داخل السجون "الإسرائيلية"، إنها تواجه "موجة إعدام"، موضحة في بيان أن "كل مقومات الحياة معدومة".
تنكيل وإهمال:
منذ بدء "طوفان الأقصى" يعاني الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال من حملات التنكيل بحقهم، إذ يُعزل عدد منهم داخل زنازين لا يصل لها النور. كما يُمنع تقديم العلاج للمرضى، والذي استشهد عدد منهم بسبب سياسة الإهمال الطبي. بدا ذلك واضحًا في اتهام الناطق باسم هيئة شؤون الأسرى، حسن عبد ربه، السلطات "الإسرائيلية" بـ"ممارسة جرائم قتل الأسرى عبر سياسة الإهمال الطبي"، مع التضييق على آخرين بإغلاق أقسام السجون أو اقتحامها بين الفينة والأخرى.
إلى جانب ذلك، سارعت إدارة مصلحة السجون "الإسرائيلية" إلى قطع الكهرباء والماء عن بعضها [السجون]، وسحبت المواد الغذائية وأدوات الطبخ المحدودة التي يستخدمونها في إعداد الطعام، وقطعت عنهم الكانتين (المقصف) ورفضت إخراج المرضى منهم للعيادات أو المستشفيات. كما وأفادت جهات رسمية فلسطينية، بأن مصلحة السجون "الإسرائيلية" سحبت كافة الأجهزة الكهربائية من الأسرى وعطلت محطات التلفاز المتاحة لهم وزادت أجهزة التشويش، وحرمتهم من الخروج إلى الفورة (الفسحة)، وأغلقت الأقسام في كل السجون، وأوقفت زيارات المحامين وعائلاتهم، وفرضت صعوبات وإجراءات على عمل المؤسسات الحقوقية.
عبّر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، قدورة فارس عن تخوّف الهيئة من احتمالية انتشار الأمراض بين الأسرى لكون إدارة السجون ترفض إخراج النفايات من الزنازين، وقلصت كميات الماء التي تصل إليهم وقطعها لفترات طويلة، بل وصادرت ملابس بعضهم وأبقت على رداء واحد لكل أسير، كما لم تسمح للأسرى في معظم السجون باستخدام المرافق المخصصة للإستحمام.