تحاول أم سارة تجاوز الحشود التي جاءت من كل حدب وصوب، كانت عيونها الباكية تراقب القادمين عبر الحاجز، يُمسك أحد أبنائها بيدها ليساندها بالوقوف على قدميها في انتظار فلذة كبدها التي غيبها الاحتلال الإسرائيلي منذ نحو 3 شهور.
سارة السويسة (25 عامًا) من مدينة نابلس اعتقلتها قوات الاحتلال في بداية شهر سبتمبر الماضي على حاجز حوارة بتهمة محاولة طعن جندي إسرائيلي، في مثل هذه الحالات طالبت نيابة الاحتلال الإسرائيلي اعتقال سارة لمدة 10 سنوات.
وبعد أسابيع عدة تمكن المحامي من تخفيف الحكم إلى 6 سنوات، في تلك اللحظات لم تتوقع أم سارة أن يتم الإفراج عن ابنتها مطلقًا في وقت قريب، تقول: "التهمة الموجهة لسارة والحكم الأولي والثاني كان عاملًا أساسيًا في عدم حصولي على التفاؤل للإفراج عنها في وقت قريب".
في تمام الساعة الثانية والنصف مساء اليوم الجمعة (24 نوفمبر 2023) كانت والدة سارة تقلب شاشة هاتفها المحمول وفجأة عثرت على قائمة بأسماء الأسيرات والأسرى الأطفال المنوي الإفراج عنهم ضمن صفقة تبادل أسرى بين المقاومة والاحتلال، قرأت تلك الأسماء وعندما وصلت عند سارة توقفت واغرورقت عينيها بالدموع وشعرت بقشعريرة قوية أصابت جسدها.
"سارة ضمن الصفقة؟"، مفاجأة ثقيلة سقطت على قلب والدتها تقول لمراسل "شمس نيوز": "لم يتواصل معي أحد من الصليب الأحمر أو هيئة شؤون الأسرى ليخبرني بأن ابنتي سارة ضمن الصفقة وهذا كان أمرًا صادمًا ممزوج بفرحة وحزن".
في تلك اللحظات انطلقت والدة سارة والعائلة إلى حاجز بتونيا في رام الله بانتظار ابنتها سارة التي سيتم الافراج عنها ليلًا ضمن أسرى صفقة التبادل، وهنا وجهت والدة سارة رسالة شكر وعرفان وتقدير واحترام إلى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، قائلة: "فرحة الإفراج عن ابنتي منقوصة وممزوجة بالألم والحزن الشديد لأن عملية الإفراج جاءت بعد تضحيات كبيرة وجسيمة من أهلنا في قطاع غزة فوالله مهما قلنا وقدمنا لن نستطيع أن نوفي أهل غزة حقهم وشهامتهم ورجولتهم".
ورفعت أم سارة يديها متضرعة إلى الله تعالى بأن يحمي المقاومة الفلسطينية وأهل قطاع غزة وأن يصبرهم على مصابهم الجلل وأن يفرج كروبهم وأن يرحم شهدائهم ويشفي جرحاهم ويثبتهم ويرزقهم خيرًا مما هم فيه.
الحالة التي تعيشها أم سارة السويسة لم تختلف كثيرًا عن والدة رغد نشأت الفني، من مدينة طولكرم فامتلأ وجهها بالفرح والسعادة لإدارج ابنتها ضمن صفقة تبادل الأسرى، وأن تتكحل عينيها برؤية ابنتها بعد عام ونيف من الغياب القسري في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
رغد الفني (24 عامًا) اعتقلت على أحد طرق مدينة طولكرم قبل سنة وشهر تقريبًا، ولم يقدم الاحتلال تهمة لها لتبقى موقفة تحت بند "الاعتقال الإداري"، تقول والدتها: "اشتاق كثيرًا لاحتضان ابنتي ورؤية ضحكتها التي حرمني منها الاحتلال الإسرائيلي".
ومنذ إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة في غزة والاحتلال الإسرائيلي بدأت والدة رغد ترقب جميع الأخبار الواردة لا سيما التي تخص صفقة تبادل الأسرى والأسماء المنوي الافراج عنهم متمنية أن يكون اسم ابنتها ضمن أسماء الصفقة.
وما أن انتشرت أسماء الأسرى المنوي الافراج عنهم حتى علت الزغاريد والفرحة في بيت الأسيرة رغد الفني في طولكرم شمال الضفة المحتلة، إلا أنها أشارت بأن فرحتها تبقى منقوصة لبقاء آلاف الأسرى في سجون الاحتلال إضافة إلى الألم الكبير الذي يخترق قلبها كلما رأت مجزرة إسرائيلية بحق أهلنا وأحبابنا في قطاع غزة.
وهنا وجهت والدة الأسيرة المحرر رغد رسالة إلى المقاومة الفلسطينية في غزة جاء فيها: "اللهم انصر الإسلام والمسلمين وأهل غزة العزة، إن شاء الله سيمدكم الله بالثبات والقوة والنصر والحكمة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي".