نشرت حسابات وصفحات إسرائيلية على مواقع التواصل الاجتماعي، أمس السبت التاسع من ديسمبر/كانون الأول، مقاطع فيديو ومشاهد قالوا إنها تُظهر مقاتلين من حركة حماس وهم يسلّمون أنفسهم وأسلحتهم لقوات الجيش الإسرائيلي المتوغلة داخل قطاع غزة.
تغطية متواصلة على قناة وكالة "شمس نيوز" في "تليغرام"
مؤشرات على وجود مدنيين في المشاهد
تحقق "مسبار" من الرواية الإسرائيلية المتداولة وتبين أنها مضللة، إذ بعد مراجعة المشاهد عُثر على عدد من العوامل التي تدل على أن من يظهرون في المشاهد هم من المدنيين الذين كانوا في مدرسة خليفة في بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، خلال التوغل البري الإسرائيلي الأخير، وليسوا عناصر من حماس سلموا أنفسهم، وأن المشاهد يبدو أن تصويرها جرى بعدما أجبرهم الجيش الإسرائيلي على التعري وتصويرهم بهذا الشكل.
مشاهد مكررة لمرور رجل يحمل بندقية كلاشنكوف في يده
قام الجيش الإسرائيلي بتصوير العديد من المشاهد المختلفة وتحريرها، بعد إجبار المدنيين على خلع ملابسهم والوقوف عراة تحت تهديد السلاح.
مثل مشاهد أظهرت خروج مواطن فلسطيني من بين الصفوف وهو يحمل بندقية كلاشنكوف في يده، والذي ظهر في شكل واضح أن القوات الإسرائيلية أجبرته على التقدم مرتين وهو يرفع البندقية في الهواء باتجاههم (كأنه مقاتل يستسلم).
وظهر الرجل في مقطع فيديو وهو يحمل البندقية في يده اليسرى، وفي مشهد آخر مختلف ظهر الرجل نفسه وهو يحمل البندقية في يده اليمنى.
ويصرخ جندي إسرائيلي في مقطع فيديو عند تقدم الرجل وهو يحمل البندقية في يده اليسرى باللغة العربية ويعطيه أوامر بإمساك البندقية والتقدم، ويقول له "شيل الكلاش ولكن لا تطلق النار، لا نريد مشاكل، شيل الكلاش وتحرك شوية شوية على مهلك"، وسار الرجل ببطء حاملًا قطعة السلاح، ووضعه على الجانب الآخر على الأرض. بينما اضطر بقية الحشد إلى الوقوف خائفين وأذرعهم وبطاقات هوياتهم مرفوعة، خوفًا من التعرض لإطلاق النار.
وفي المقطع الآخر الذي ظهر فيه الرجل يحمل البندقية في يده اليمنى، ويقول له الجندي الإسرائيلي "تحرك شوية شوية مع السلاح، ارفع ايدك بالسلاح، تحرك وضع السلاح هنا، وأمشي وأرفع ايدك". وظهر جندي إسرائيلي في مقطع الفيديو وهو يشاور للرجل بالتقدم إلى الأمام لوضع السلاح.
صاحب ورشة ألمنيوم وليس مقاتلًا في حماس
بعد دقائق من عرض المشاهد وانتشارها، تعرف بعض سكان غزة على مواقع التواصل الاجتماعي على الرجل الذي ظهر وهو يحمل البندقية الكلاشنكوف، وهو مواطن مدني اسمه منير قشطة المصري، وصاحب ورشة ألمنيوم من بلدة بيت لاهيا شمالي غزة، والذي فر إلى مدرسة خليفة في بيت لاهيا خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، حيث تم اختطافه مع آخرين هناك، وهو ما أكده رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، في حسابه على موقع إكس.
كيف أصبح الناس مسلحين بعد إجبارهم على خلع ملابسهم؟
تقف حشود المواطنين في المشاهد بعد تجريدهم من ملابسهم والظهور بهذا الشكل وكان الغالبية لا يحملون أي أسلحة، إذ ليس من المنطقي إجبار الناس على خلع ملابسهم وهم ما زالوا مسلحين، بل الأولى تجريدهم من سلاحهم أولًا، ومن ثم خلع ملابسهم. بينما من ظهروا في المشاهد كانوا يرفعون هوياتهم الشخصية وفي حالة استسلام تام، ما يكشف أن المشاهد تم تصويرها وتحريرها بهذا الشكل بعد تسليح بعض المدنيين والترويج على أنهم مقاتلين من حماس.
الجيش الإسرائيلي يقتحم مدرسة تؤوي نازحين في بيت لاهيا
جاءت هذه المشاهد عقب اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس السبت، مدرسة خليفة بن زايد آل نهيان في بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة والتي كانت تؤوي آلاف النازحين، بعد أن حاصرتها واستهدفتها بقنابل الغاز والنيران، وهو ما أسفر عن العشرات من الضحايا والإصابات من الفلسطينيين.
ونقلت وكالة الأناضول عن شهود ومصادر أن قوات الجيش الإسرائيلي اعتقلت الرجال الذين لجؤوا إلى المدرسة هربًا من القصف الإسرائيلي في مناطق سكناهم، وذلك بعد أن أخلتها من النساء والأطفال.
وقال شهود عيان إنه وبعد اقتحام الجيش الإسرائيلي المدرسة، طلب الأخير من النساء التوجه لساحة القسام بالقرب منها، في حين حاصر الجيش الشباب والرجال واعتقلهم. وأكد الشهود أن الجيش اعتقل الشباب والفتيان ممن هم فوق عمر 15 عامًا، وأفرج فيما بعد عن عدد منهم لا يتجاوز 10 في المئة من الذين تم اعتقالهم.
مجزرة مدرسة خليفة في بيت لاهيا
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أشرف القدرة، في مؤتمر صحفي، أمس السبت، إن الجيش الإسرائيلي ارتكب "مجزرة بشعة في مدرسة خليفة شمال غزة راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى الذين نزفوا حتى الموت".
رواية مضللة أخرى حول مشاهد لمدنيين جردتهم إسرائيل من ملابسهم
جاءت هذه المشاهد بعد أيام من نشر حسابات إسرائيلية مجموعة صور ومشاهد لأناسٍ عراة ومعصوبي الأعين على أنها تُظهر اعتقال إسرائيل لأكثر من 100 عنصر من عناصر حماس بعد خروجهم من الأنفاق شمالي قطاع غزة، يوم السابع من ديسمبر الجاري. وكان "مسبار" قد تحقق من هذه الرواية ووجد أنها مضللة، وأن الصورة ليست من اعتقال عناصر لحماس.
وكانت توثق اعتقال الجيش الإسرائيلي لعشرات الفلسطينيين خلال الاقتحام البري في شمال قطاع غزة، وكان من بينهم "اعتقال صحافيين وأطباء وأكاديميين وكبار سن من مراكز نزوح شمالي غزة بعد تعريتهم"، وفقًا للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
وأعلنت صحيفة العربي الجديد، اعتقال مراسلها الميداني شمالي قطاع غزة، ضياء الكحلوت، ضمن حملة هذه الاعتقالات.
ونشر رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، صورًا عبر حسابه لبعض الفلسطينيين الذين تم إطلاق سراحهم ضمن حملة اعتقالات يوم السابع من ديسمبر الجاري، وتظهر عليهم علامات تعذيب من قبل جيش الاحتلال الذي اعتقلهم شمالي غزة مدّعيًا أنهم أعضاء في حركة حماس، في حين أنهم جميعًا في الواقع من المدنيين.
حسابات مروجة للرواية الإسرائيلية تنشر مجموعة صور ومشاهد لأناسٍ عراة ومعصوبي الأعين، يدّعي متداولوها أنّها تُظهر اعتقال إسرائيل لأكثر من 100 عنصر من حـ،مـ/اس بعد خروجهم من الأنفاق شمالي #غزة.#مسبار يكشف حقيقة الادعاء عبر الرابط التالي: https://t.co/LWVzW7urY6 pic.twitter.com/VANzrDidDS
— Misbar - مسبار (@misbarfc) December 7, 2023