رضخت وكالة «الأونروا» لتشكيل لجنة تحقيق حول مزاعم إسرائيل بمشاركة 12 من موظفي الوكالة في فلسطين المحتلة في أحداث 7 أكتوبر الماضي، فيما تتوالى هذه المزاعم مع ارتفاع عدد الدول التي حذت حذو الولايات المتحدة وألمانيا بتعليق تمويلها لوكالة غوث اللاجئين (الفلسطينيين)، ليرسو الرقم الأخير، أمس، على «16 دولة حسمت حجب التمويل، إضافة إلى أربع أخرى تدرس قرار التعليق» بحسب مصادر "الأونروا".
بدعوة من ناشطين وناشطات واتحادات شبابية ونقابية وجمعيات ومنظّمات مدنية وقوى سياسية، انطلقت مسيرة، أمس، من أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في منطقة الحمرا إلى السفارة البريطانية وبعثة الاتحاد الأوروبي، ضدّ الدول «الداعمة للإبادة» في قطاع غزة. ودعا المشاركون، في بيان، لبنان والدول العربية إلى «اتخاذ خطوات عملية جدية وإجراءات عملية للضغط من أجل وقف الحرب على غزة، والذي يستتبع أيضاً، وقفها على لبنان والمنطقة»، مطالبين بـ«العمل الجاد والتدخل لرفع الحصار عن القطاع، ومواجهة محاولات إخضاع وكالة الأونروا لمطالب الكيان الصهيوني».
في المقابل، تسارعت الجهود، لبنانياً وفلسطينياً، لمحاولات خنق الوكالة. فاستقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أول من أمس، مديرة الوكالة في بيروت دوروثي كلاوس، واستضاف في السراي الحكومي أمس اجتماعاً ضمّ ممثلين عن الوكالة ورئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني باسل الحسن وأمين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية فتحي أبو العردات للبحث في أزمة التمويل وتداعيات تعليقه. وناشد المجتمعون في بيان «الدول المانحة التراجع عن قرار تعليق التمويل نظراً إلى التداعيات الناجمة عنه»، وأعربوا "عن تفهّمهم لأهمية التزام الأونروا بمبادئ الحياد، وأن للاجئي فلسطين الحق في التعبير عن أنفسهم كشعب فلسطيني لديه تطلّعات وطنية".
أزمة التمويل المرتبطة بالسياسة لم تكن مفاجئة للبنان الذي ترأّس لعامين اللجنة الاستشارية لـ«الأونروا» واستضاف مموّليها مرات عدة. وبحسب مصادر معنية، فإن بعض المموّلين، خصوصاً، أميركا وألمانيا وبريطانيا، روّجت تلك الدول سابقاً في الأروقة المغلقة لمسار يؤدي في النهاية إلى إنهاء الوكالة واستبدالها ببرامج محلية تنفّذها منظمات المجتمع المدني بالتعاون مع الوزارات في الدول المضيفة.
وقال الحسن لـ«الأخبار» إن «لبنان تنبّه منذ مدة لخطر وقف التمويل، فبدأ اتصالاته مع الدول التي كوّن معها علاقات خاصة في شأن الملف الفلسطيني لطلب التراجع عن وقف التمويل والتواصل مع دول أخرى لزيادة تمويلها». ونقل الحسن موقف الحكومة إلى «الأونروا» بأن «المجتمع الدولي ليس "إسرائيل" ولا يمكنه أن يتبنى التوجه "الإسرائيلي". مع الأخذ في الاعتبار حقوق الدول المضيفة للاجئين والتبعات التي تحمّلتها منذ أكثر من سبعين عاماً. وهنا على الجميع التنبه لأهمية التزام الأونروا بمسؤوليتها عن الشعب الفلسطيني. لذا نضع فهماً مشتركاً فلسطينياً - لبنانياً مع الأونروا لمواجهة المرحلة الحالية".
ويلمس الفلسطينيون مخطّط إنهاء «الأونروا» للضغط على قضيتهم وإنهاء حق العودة. أزمة التمويل كشفت نوايا حلفاء "إسرائيل" تجاه القضية الفلسطينية، منها المقترح الأميركي بتحديد العمر الزمني للوكالة بعامين شرط إعادة تمويلها.
في المقابل، كشف مصدر فلسطيني عن «مقترح فرنسي يقوم على تسهيل عودة النازحين السوريين إلى بلادهم مقابل موافقة لبنان على توطين اللاجئين الفلسطينيين».
وتحدّث المصدر عن «تقارير وصلت إلى سفارات دول أوروبية في بيروت، تشير إلى أن العين "الإسرائيلية" والأميركية مصوّبة على المخيمات الفلسطينية في الجنوب التي شكّلت أخيراً خزاناً للشباب المقاوم ضد إسرائيل»، معربة عن خشيتها من «احتمال تجدد الاشتباكات الداخلية في عين الحلوة بعد انتهاء العدوان على غزة".
وكانت كلاوس قد حملت إلى ميقاتي مسوّدة نتائج تعليق عمل «الأونروا» على المخيمات التي ستفتقد الخدمات بدءاً من آذار المقبل، إذ «سيتأثر 12 مخيماً بنقص الخدمات و27 عيادة متخصّصة وأكثر من 200 ألف مريض مستفيد سنوياً و62 مدرسة تؤمّن التعليم لـ 39 ألف طالب، فضلاً عن خدمات البنى التحتية ورفع النفايات وتوقف مشروع الأمان الاجتماعي الذي يصرف مساعدات مالية للأسر الفقيرة...".
إلى ذلك، وبعدما أعادت وزارة الطاقة والمياه تحريك ملف الجباية من المخيمات، بحث أبو العردات وممثلو «الأونروا» في السراي أمس إمكانية مساهمة الوكالة بدفع فواتير الكهرباء عندما تبدأ آلية الجباية. وكانت الفصائل اتفقت مع الوزارة على إعداد ورقة عمل لتحديد آلية الجباية. (المصدر:الأخبار اللبنانية)