غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

دواعي تسريبات بايدن حول الاستياء من نتنياهو؟..

شمس نيوز -

أسماء بزيع

مع تصاعد الاستياء العالمي من تصرفات نتنياهو وحكومته الفاشية على خلفية العدوان "الإسرائيلي" المتواصل على قطاع غزة، تبدي الولايات المتحدة الأمريكية بعض التباين في مواقفها مع حكومة العدو، مثل التخفيف من استهداف المدنيين، وإدخال المساعدات الى أهالي غزة، إضافة لمجريات اليوم التالي للصراع المفتوح في قطاع غزة، وفق ما عبر عنه الرئيس الأميركي جو بايدن بإعلان تأييده لخيار "حل الدولتين".. دون أن يغير ذلك من دعم الإدارة الأمريكية الكبير والمتواصل عسكرياً وسياسياً للكيان المحتل...

ومع ذلك، يبدو أن هذا التباين محاصر بالإجراءات الإعلامية أو بالمصطلح الأصح يميل نحو التضليل والكذب، دون اتخاذ إجراءات فعالة للتصدي للتصعيد "الإسرائيلي"، أو تخفيف الدعم المطلق لحكومة نتنياهو الفاشية، وحشد إمكانياتها وقدراتها خلف حكومة نتنياهو كوسيلة للنيل من فصائل المقاومة. وبالرغم من عدم قدرتها على الاستخدام المباشر لقوتها العسكرية بسبب التداعيات الخطيرة، فإن سكوتها عن المهانة التي تتعرض لها قد يؤدي إلى نتائج محبطة على المدى الطويل.

كما يظهر جزء من التباين الإعلامي بين واشنطن و"تل أبيب" بشكل متناقض في تنديد مسؤولي إدارة بايدن ببعض التصريحات "الإسرائيلية" التي ترفض إسقاط مشروع قرار دولي يطالب بوقف النار. وعلى الرغم من الاعتراف بالضحايا المدنيين، فإن الشكوك والرفض ما زالت قائمة بشأن اتهام "تل أبيب" بجريمة الإبادة الجماعية. وهذه الجهود الإعلامية قد تكون محاولة لاحتواء التصعيد ومنع تفاقم الصراع، ولكنها قد تظل مجرد خطوة سطحية تهدف إلى الحفاظ على المصالح الأمريكية وسمعتها الدولية دون التصدي لجذور المشكلة.

أمّا تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن وباختصار فقد تناولت العديد من الجوانب المتعلقة بالتوتر والصدام المؤجل بينه وبين رئيس وزراء الإحتلال بنيامين نتنياهو، وتنوعت بين الانتقادات لإدارته الحرب على قطاع غزة وتسوية الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي" بموجب "حل الدولتين". كما يتحدّث عديدون عن أنّ الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس وزراء الإحتلال ليسا على وفاق، وأنّ الإدارة الأميركية ممتعضة أو مستاءة من الأداء الإسرائيلي في الحرب على غزة، وأنّ العلاقة بين الطرفين متوترة.

لكن اللافت في الأمر، أن المحادثة الهاتفية الأخيرة بين الرجلين والتي استمرت وقتاً طويلاً بحسب وسائل الإعلام، لم تعكس استياء بايدن من نتنياهو، ولم ينتقد "الإسرائيليين" في حربهم الخارجة عن القانون الدولي الإنساني وعن قواعد الحرب، بل منح الهجوم "الإسرائيلي" على رفح ضوءاً أخضرًا، بدليل محتوى البيان الذي أصدره البيت الأبيض عن المحادثة.

وقال بيان البيت الأبيض إن "بايدن أكد وجهة نظره بأن العملية العسكرية في رفح لا ينبغي أن تتمّ من دون خطة موثوقة وقابلة للتنفيذ". وأضاف أن بايدن أكد لنتنياهو "ضرورة وجود خطة، لضمان سلامة ودعم أكثر من مليون شخص لجأوا إلى رفح". كما أكد بايدن "ضرورة الاستفادة من التقدّم في المفاوضات لإطلاق جميع الرهائن بأقرب وقت"، وشدّد على أن "هزيمة حماس وضمان الأمن طويل الأمد لإسرائيل هدف مشترك".

والواقع الذي ورد في البيان الصادر عن البيت الأبيض يظهر أن الرئيس بايدن لم يعبّر عن استيائه من نتنياهو، بل عكس استعداد بايدن لدعم "إسرائيل" وتأييده لجهودها الأمنية. ومن جهة أخرى، لم يكن هناك اتفاق بين المحللين الإسرائيليين أنّ هذه التصريحات تعكس أي تغيير في موقف الولايات المتحدة الداعم لـ"إسرائيل"، ولكنهم أكدوا على تغير النبرة الأميركية في التعامل مع إدارة الحرب على "حماس" وضرورة إعادة النظر في سير العمليات العسكرية، وليس وقف هذه الحرب.

يؤكد هذا النص بما لا يقبل الشكّ أن الرئيس الأميركي جو بايدن مؤيدًا تماماً للعمليات العسكرية "الإسرائيلية"، وأن الادعاءات الإعلامية حول وجود خلاف أو غضب من جانبه تجاه نتنياهو ليست سوى حملة إعلانية تهدف إلى تبرئة بايدن من المسؤولية عن الأحداث الدموية في قطاع غزة، وإظهاره أمام الجمهور الأميركي والعالمي بأنه غير موافق على ما ترتكبه حكومة الحرب "الإسرائيلية من مجازر.

ويحتاج بايدن بشكل ماس إلى حملة علاقات عامة متنوعة لأسباب عدة، ومن بينها، اولًا، التملص من المسؤولية عن الهزيمة، وذلك في ظل عدم تحقيق الجيش "الإسرائيلي" أي انتصار عسكري يُذكر يمكن أن يُعزى إليه في الحسابات السياسية التي ستتبع الحرب في غزة، بعد مضي ما يقارب الخمسة أشهر من بدء الحرب "الإسرائيلية" على قطاع غزة. بحيث يتقاسم "الإسرائيليون" بين أنفسهم الرأي، ويتبادلون الاتهامات بالمسؤولية، في حين يصر الجيش الإسرائيلي على أن هدف القضاء على "حماس" قد يتطلب عاماً كاملاً من القتال أو أكثر. وبناءً على هذا السياق، يسعى بايدن إلى التورّط بالتغطية على الحرب "الإسرائيلية" ضد الفلسطينيين، لكنه في الوقت ذاته لا يُريد أن يتحمل المسؤولية عن الهزيمة الاستراتيجية في حال حدوثها.

ثانيًا، استطلاعات الرأي المتعددة في الداخل الأميركي، والتي تُظهر تحولاً في اتجاهات الرأي العام تجاه "إسرائيل"، وخاصة ضمن قواعد الحزب الديمقراطي. حيث تشير البيانات إلى تغيّر منذ عام 2014 في تفضيلات الشباب الأميركي تجاه الصراع العربي "الإسرائيلي"، فيبدو أن هذا التحول ينعكس بوضوح في استطلاعات الرأي التي تُجريها مراكز مثل "بيو" Pew وغالوب Gallup، حيث تبدو الفئات الشبابية أكثر امتلاكاً لتعاطف مع الفلسطينيين بشكل متزايد. وفي أعقاب حرب غزة عام 2023 وتفشي صور المجازر الإسرائيلية، وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي التي كسرت الهيمنة الإعلامية للإعلام التقليدي الموالي لـ "إسرائيل"... يبدو أن الغالبية من فئات الشباب والملوّنين والمسلمين والعرب المؤيدين للحزب الديمقراطي يرفضون سياسة إدارة بايدن المؤيدة تماماً للكيان المحتل.

ثالثًا، المنافسة الانتخابية، فيُظهر استطلاع رأي حديث في الولايات المتحدة الأميركية، الذي أجراه مركز "بيو"، أنّ "41% من الأميركيين يدعمون سياسات الحزب الجمهوري، في مقابل 31% يدعمون سياسات الحزب الديمقراطي". وعلى الرغم من أن قضية فلسطين لم تكن العامل المؤثّر في هذه النتائج، بل كانت الأمور الداخلية مثل الاقتصاد والهجرة غير الشرعية هي العوامل الرئيسية، فإن الاحتمالات تتجه نحو عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وفوزه في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ومع هذه النتائج، يتزايد الحديث في الولايات المتحدة عن حالة الرئيس جو بايدن الذهنية والعقلية، ويثار الجدل داخل قيادات الحزب الديمقراطي حول مصيره كمرشّح للحزب، في وقتٍ يشعر البعض بأن استمراره قد يؤدي إلى هزيمة الحزب في الانتخابات الرئاسية المقبلة أمام دونالد ترامب.

وأمام هذه التحديات التي ترتبط بأداء الإدارة الحالية وشخص رئيس البلاد جو بايدن وحالته، يحتاج الحزب الديمقراطي إلى كسب دعم وتأييد جميع فئات الحزب الديمقراطي، وإلا فإن مصير بايدن في انتخابات الرئاسة هذا العام قد يكون مشابهاً لمصير هيلاري كلينتون عام 2016، حيث كانت مكروهة من شرائح واسعة من الحزب الديمقراطي وامتنعت عن التصويت لها، مما أدى إلى فوز دونالد ترامب.

وفي النهاية، يبدو أنه لا يوجد خلاف فعلي بين "إسرائيل" والولايات المتحدة بشأن الحرب في غزة، وما زالت الإدارة الأميركية تظل داعمة للحملة العسكرية "الإسرائيلية" ضد الفلسطينيين. ومن الواضح أن الهدف هو إعطاء رئيس وزراء الإحتلال بنيامين نتنياهو الوقت الكافي لتحقيق أهداف الحملة التي أعلنها، وإلا فالادارة الأمريكية تلوح لضرورة إجراء تغيير حكومي في تل أبيب، يحفظ للكيان وإدارته ماء الوجه.