كشفت مصادر مصرية، وأخرى في حركة "حماس"، عن تفاصيل ما يمكن وصفه بـ"تحركات اللحظات الأخيرة" قبل ساعات من حلول شهر رمضان، من أجل إقرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مع الساعات الأولى للشهر.
وقال مصدر مصري مطلع على جهود القاهرة في هذا الإطار، لـ"العربي الجديد"، إن زيارة غير معلنة، قام بها مدير وكالة الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز إلى القاهرة مساء يوم الجمعة الماضي، سبقت لقاءه رئيس جهاز "الموساد" ديفيد برنيع، نوقشت خلالها إمكانية التوصل إلى هدنة إنسانية قصيرة تتراوح بين يومين وأربعة أيام، بحيث يمكن خلالها التمهيد لإطلاق مفاوضات ضمن الاتفاق المعطل الذي جرى التوافق على إطاره العام في باريس.
ولفت المصدر إلى أن هناك ضغوطاً أميركية لإقرار "هدنة إنسانية سريعة" مع دخول شهر رمضان، مرجحاً أن ذلك "يأتي في إطار حرص واشنطن على عدم استفزاز مشاعر المسلمين على مستوى العالم، خصوصاً في ظلّ تحميلهم الإدارة الأميركية المسؤولية المشتركة مع تل أبيب عن المجازر والمجاعة في غزة".
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد أكد، في مقابلة مع شبكة "إم إس إن بي سي" الأميركية، مساء أول من أمس السبت، أنه "يرغب في تحقيق وقف لإطلاق النار في غزة"، قائلاً: "سأبدأ بتبادل كبير للأسرى لمدة 6 أسابيع. نحن ندخل شهر رمضان، ولا ينبغي أن يحدث أي شيء في هذا الوقت ويجب أن نبني على وقف إطلاق النار هذا".
وشدّد المصدر الذي تحدث لـ"العربي الجديد" على أنه "جرى خلال زيارة بيرنز غير المعلنة إلى القاهرة التباحث بشأن صيغة يمكن معها إبطال حجة (رئيس حكومة الاحتلال) بنيامين نتنياهو بشأن تمسكه بقائمة الأسرى الأحياء، بأن تقدم حركة حماس قائمة أولية تضم أسماء من هم تحت أيديها فقط، أو من تتأكد فقط من بقائهم على قيد الحياة من الأسرى "الإسرائيليين"، على أن يجرى التأكيد من أنه سيوافى الوسطاء بقائمة شاملة ومفصلة بمواقف الأسرى الموجودين لدى فصائل المقاومة".
وكانت حركة "حماس" أكدت، خلال جولة مفاوضات القاهرة الأخيرة، صعوبة تنفيذ المطلب "الإسرائيلي"، الذي رهن به نتنياهو إرسال وفده إلى القاهرة، بتسليم قائمة شاملة بأسماء كل الأسرى الأحياء في غزة، مشيرة إلى أنه "لا بد من وقف إطلاق النار، حتى يمكن التواصل مع المجموعات المسؤولة عن حماية وتأمين هؤلاء، وكذلك التواصل مع الفصائل التي لديها أسرى، وهو الأمر الذي من المستحيل حدوثه في ظل تواصل المعارك".
واعتبر المصدر المصري التسريبات الواردة في الإعلام العبري خلال الساعات الماضية بقرب التحرك نحو رفح، وسط إشارة إلى إمكانية اجتياح المدينة خلال شهر رمضان، "ضغوطاً تمارسها حكومة الاحتلال على المقاومة، للموافقة على إطلاق سراح الرهائن بالشروط التي حددها مجلس الحرب الإسرائيلي".
خلافات حماس "لا أصل لها"
من جهته، علّق مصدر في "حماس" بالقول لـ"العربي الجديد"، إن "الحركة لا تعارض المقترح الخاص بإعداد قائمة بالأسرى "الإسرائيليين" الأحياء لديها، والمعروف مصيرهم ولم ينقطع الاتصال بالمجموعات المسؤولة عن تأمينهم". وأضاف المصدر أن الحركة "منفتحة على الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار، شريطة جديتها، وأن تقود إلى وقف دائم لإطلاق النار وعودة المهجرين إلى مناطقهم في الشمال وانسحاب جيش الاحتلال من غزة".
وأكد المصدر أن "هناك توافقاً كاملاً بين المستويين السياسي والعسكري في حماس، وكذلك بين حماس وباقي الفصائل على تلك الرؤية". ووصف ما يثار بشأن "خلافات بين زعيم حماس في غزة يحيى السنوار والمكتب السياسي في الخارج حول مسار المفاوضات"، بـ"المحاولات اليائسة التي يسعى من خلالها نتنياهو لترميم صورته وموقفه وتخفيف الضغط الداخلي عنه، في ظل تواصل قتل الأسرى بنيران جيش الاحتلال داخل غزة".
وكشف المصدر عن أن حماس "سبق أن أطلعت الوسطاء على موقف بعض الأسرى "الإسرائيليين"، خلال جولات التفاوض الأخيرة، ومدى صعوبة وضعهم الصحي، كون ما يجري من تجويع لسكان غزة يجري عليهم أيضاً، رغم محاولات المقاومة المحافظة على أرواحهم".
وفي سياق آخر، كشف القيادي الحمساوي الذي تحدث لـ"العربي الجديد" عن معلومة متعلقة بالوضع الميداني والتواصل بين المستويات القيادية في الحركة داخل غزة، قائلاً إن "وضع المقاومة صلب ولم ينكسر وأن من يوجد في موقف صعب هو جيش الاحتلال الذي يروج عكس ذلك".
وقال المصدر إنه "رغم تحليق الطائرات الاستخبارية في سماء القطاع على مدار 24 ساعة، ومساعدة دول أوروبية لحكومة الاحتلال بجهود استخبارية واسعة، فإن كتائب القسام تمكنت من تأمين اجتماع قيادي رفيع لقيادات ميدانية بارزة بقيادة الحركة في القطاع، لمتابعة الوضع الميداني والمعيشي لسكان القطاع".
وأكد المصدر أن "الحديث عن انقطاع التواصل بين السنوار وقيادة الحركة في الخارج، الذي يُروَّج من وقت إلى آخر، لا أصل له"، قائلاً: "كل مواقف المقاومة المعلنة أخيراً اتخذت بعد تنسيق كامل بين قيادة الحركة في الخارج وفي غزة من جهة، وبين حماس وباقي فصائل المقاومة من جهة أخرى".