المشهد هنا صعبٌ للغاية، صراخ وعويل يصدح بالمكان، صوت سيارات الإسعاف التي تهرع لمستشفى المعمداني لا يتوقف، يحاول المصطفين أمام قسم الاستقبال والطوارئ مساعدة المسعفين؛ لكن المفاجأة كانت صادمة عندما خرج مجموعة من الأطفال -ملفوفين بالنايلون- نتيجة حروق صعبة أصيبوا بها في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة التابعين في مدينة غزة فجر السبت الماضي.
وبعد ساعات عدة تحولت أقسام المستشفى إلى مزار لمئات العائلات المكلومة، من بينهم عائلتي العرعير والجعبري، ففي إحدى زوايا المستشفى تجلس السيدة مروة العرعير -الجعبري- أمام أسرة أشقائها المصابين رنين وعمر محاولة تخفيف حروقهم المؤلمة جدًا، قائلة: "أشقائي أصيبوا في قصف الاحتلال لمدرسة التابعين؛ لكن الكثير من أبناء عائلتي استشهدوا أثناء أدائهم صلاة الفجر".
تروي مروة بألم ما جرى فجر السبت داخل مدرسة التابعين في غزة إذ تقول لمراسلنا: "اصطف المئات من الناس لأداء صلاة الفجر ومع تكبيرة الإحرام، اخترق صاروخ إسرائيلي السقف الأول والثاني وانفجر داخل المصلى ليتحول جميع المصلين إلى أشلاء ممزقة".
تُلفت مروة إلى أن الطابقين الأول والثاني كانا ممتلئين بالأسر والعائلات لا سيما عوائل شرق مدينة غزة النازحين والتي تعرضت منازلهم للتدمير الكامل، وهذه العائلات استشهد وأصيب عدد من أبنائها في مجزرة الفجر، حيث تصف مشهد أشلاء الشهداء والمصابين المبتورين بـ"المخيف".
تستذكر مروة حادثة شقيقها "عمر" الذي كان يتلو ما تيسر من "جزء عمَّ" خلال عملية جراحية أثناء تأثير البنج، تقول: "كان صوته ملفتًا جدًا ومميزًا والكل كان يستمع له ويذرف الدموع، وبعد انتهاء تأثير البنج عادت صرخات عمر متوجعًا من آلام الحروق".
وفي زاوية أخرى تجلس السيدة أم محمود الجعبري شقيقة المصابة أسماء، محاولة تخفيف آلام شقيقتها بالدعاء لها ومتابعة علاجها مع الأطباء تقول لمراسل "شمس نيوز": "كنا نائمين في المدرسة واستفقنا على صوت القصف الإسرائيلي، وبعد نصف ساعة فوجعنا بحجم الجريمة، شباب وكبار في السن اصطفوا ليؤدوا صلاة الفجر"، وتوضح بأنهم أدوا تكبيرة الإحرام ولم يكملوا أداء الصلاة نتيجة القصف الإسرائيلي.
وتضيف أم محمود وهي تمسح بكف يدها على جسد شقيقتها لمراسل "شمس نيوز": "كل يوم مجزرة إسرائيل ونتنياهو لا يشبعون من دمائنا والمشكلة أن العرب والمسلمين والدعاة والشيوخ في مختلف الدول ينظرون إلى مأساتنا ولا يتحركون.
أما الشاب إسماعيل رحمي يقول: "إن الاحتلال يتعمد استهداف مراكز الإيواء بمن فيها من أطفال ونساء ورجال وكبار في السن، كل يوم مجزرة جديدة اليوم مدرسة التابعين وقبلها بأيام مدرسة الزهراء التي راح ضحيتها أكثر من 30 شهيدًا غالبيتهم من النساء والأطفال وما زال هناك عشرات الشهداء تحت الأنقاض.
ووجه الشاب رحمي رسالة للعالم أجمع لا سيما للأمتين العربية والإسلامية إذ يقول: "نحن في غزة نموت كل ثانية يا عالم بكفى إجرام بكفي سكوت على الحرب المستمرة منذ أكثر من عشرة شهور".
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن ما لا يقل عن 100 شخص استشهدوا وأصيب نحو 260 في غارات جوية استهدفت مدرسة للنازحين في مدينة غزة، في واحدة من المجازر الكبيرة التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي في سياق حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على قطاع غزة.