ما إن تخرج من أطراف "البصة" في المنطقة الوسطى بمحيط الزوايدة.. حتى يباغتك تقاطع للطرق مزدحم بالسواد.. لونًا ورائحة، مشكلة لطالما أزعجت سكان المنطقة والنازحين فيها، كونها مفصلًا حيويًا بين الناس وسوق المعسكر ودير البلح عمومًا.
تنتشر تموجات الصرف الصحي كالأفعى يمنى ويسرى، وتتراكم القمامة على جنبات الطريق، ما يدفع قاطنوها من مواطنين ونازحين للهرولة بحثًا عن مخرج من هذا المكان المليء بالحشرات والروائح الكريهة؛ لكن محاولاتهم باءت بالفشل دون جدوى.
"قَلِّطْنِي النَّهر يَا امْعَلِّم" اتفاقٌ لا بُدَّ منه قبل أن يصعد الرجال أو النساء إلى أيَّةِ عربةٍ تتجه من سوق المعسكر انطلاقًا نحو منطقة ملعب الدرة على أطراف "البصة"، وهم يقصدون بها الاتفاق على أن تقوم العربة "الكارو" بنقل الناس من السوق إلى أن يَعبروا "ممر الصرف الصحي" ليس أقل من ذلك.
وعبرًّ الكثير من الناس عن استيائهم الشديد نتيجة الوضع الكارثي الذي تخلفه هذه المعضلة، متسائلين عن الأدوار التي ينبغي القيام بها من اللجان المختصة؛ لما تسببه هذه الكارثة البيئية من خطر صحي على الفئات كافة خاصة الأطفال وكبار السن، في ظل الحرب الإسرائيلية الغاشمة المتواصلة على قطاع غزة.
يقول المواطن محمد أبو صبحي: "الوضع هنا في منطقة البصة كارثي جدًا.. إيش اللي بصير فينا؟ كيف الناس عايشة هان؟، مياه الصرف الصحي تقف عائقًا في تنقلنا من مكان لأخر، علمًا أنها الطريق الوحيد للوصول إلى سوق معسكر دير البلح لشراء ما يلزم من حاجيات".
ووصف أبو صبحي خلال حديثه لـ"شمس نيوز" ما يجري في منطقة البصة بأنه "دمار بيئي وخراب ديار"، فقد أشار إلى أنه يضطر للاتفاق مع صاحب عربة "الحمار" أن ينقله إلى منطقة صالحة يستطيع السير عليها بعيدًا عن طريق الصرف الصحي.
أما المواطن محمود حجازي، فيرى أن هذه العوادم مستنقع أمراض وموت يترقب بكل كبير وصغير، واستذكر حجازي حادثة نجله الذي أصيب بحساسية "الحكة" نتيجة الروائح الكريهة ومياه الصرف الصحي التي تنتقل من شخص لأخر نتيجة تعلق الأوساخ والميكروبات بالملابس أو الأحذية.
لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام
واستنكر حجازي خلال حديثه لمراسلنا عدم القدرة على إيجاد حل لهذا المشكلة الكبيرة قائلًا: ""فوق موتنا موت.. والله اللي فينا بيكفينا حلونا يا عالم"، متسائلًا: "يا عمي اعرفوا من وين الخلل وحلوه.. معقول فش مواسيرجية يحلو هالقصة".
من جهته يقول إسماعيل صرصور المتحدث باسم بلدية دير البلح وسط قطاع غزة، إن المنطقة المذكورة والمعروفة باسم "شارع 24" تقع على حدود بلدية دير البلح وبلدية الزوايدة، وهي تعاني في الأصل من عدم توفر شبكات الصرف الصحي وبخاصة في منطقة الزوايدة.
وأوضح صرصور لـ"شمس نيوز" أن منطقة الزوايدة قبل الحرب كانت عبارة عن أراضي زراعية وشاليهات ولم يتم التأسيس لشبكات الصرف الصحي، أما المنطقة التابعة لدير البلح فهي لا تعاني من أي مشاكل لا سيما وأنها تأسست بشكل جيد لشبكات الصرف الصحي.
وعلى الرغم من ذلك يُشير صرصور إلى أن منطقة الدرة تم وضع حلول جزئية لها بوضع مواسير خارجية بمشاركة بلدية دير البلح والزوايدة ما أدى لتخفيف أزمة المياه المختلطة ما بين مياه محطة التحلية وهي السبب الرئيسي في ذلك ومياه النازحين.
وبين إلى أن بلدية دير البلح حذرت سابقًا عن خطورة انتشار الأوبئة والأمراض في تلك المنطقة نتيجة استمرار أزمة المياه المتدفقة والمختلطة بمياه الصرف الصحي.
ولا يزال حال "البصة" يشكو حاله، فمحاولات الأهالي للحيلولة دون تدفق تلك المياه العادمة تكاد تبوء بالفشل، لا سيما مع استمرار حرب الإبادة التي تشنها "إسرائيل" منذ السابع من أكتوبر الماضي والتحكم في مياه القطاع وكهربائه ومصارف الصرف الصحي.