لم يدرك الشاب خالد عبدالله بأن تصليح قطعة الإرسال من هاتفه النقال في ظل حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة ضد المدنيين في قطاع غزة منذ عام كامل، ستكلفه أموالًا باهظة لم يتوقعها مطلقًا، فقد ارتفعت أسعار قطع تصليح الهواتف النقالة إضافة إلى الاكسسوارات بشكل جنوني أضعاف مضاعفة عما كانت عليه سابقًا، مما جعله يتردد في تصليح هاتفه.
بعد أكثر من 5 ساعات عاد خالد من السوق بخفي حنين، ضاربًا بعرض الحائط تصليح هاتفه النقال ليبدأ في موجة من التفكير العميق، "هل أشتري هاتفًا جديدًا؟، أم أصلح قطع الارسال؟، لكنه أجاب بألم وحزن، أقل سعر للهاتف الجديد يصل إلى ألفي شيكل، والمستخدم القديم ألف شيكل، وأما أملكه في جيبي فقط بضعة أموال تكفيني لنهاية الشهر.
أكثر ما تألم منه خالد هو سؤاله عن سعر -وصلة الشاحن الأصلية- والتي كان سعرها الطبيعي قبل الحرب نحو (7 شواكل فقط) أما الآن في الحرب أصبح سعرها (70 شيكل) الأمر الذي أثار حفيظته وقرر عدم شراء هاتف وعدم شراء اكسسوارات الهاتف حتى وقت آخر.
ويستذكر خالد لـ مراسل "شمس نيوز" بعض المواقف التي حصلت معه أثناء محاولته شراء وصلة لهاتفه، فعندما اتجه إلى محل وسأله عن الأسعار اجابه البائع بأن سعر الوصل بـ (سبعين) فاستغرب من السعر قائلًا له: "(سبعين ألف يعني سبع شواكل) فكان رد البائع مباشرة: "لا يا خال.. سلامة تسلمك.. بقلك بسبعين شيكل.. صح النوم".
وأشار إلى أن البائع تمسك بالسعر دون أن يتنازل عن شيكل واحد وهذا الأمر كان ثابتًا عند جميع المحال التجارية، قائلًا: "تواصلت مع صديقي معتصم العاصي صاحب محل لبيع الهواتف في مدينة غزة قبل الحرب فأجابني بكل برودة: "أنت يا صديقي تحاول تتعب نفسك أكتر من هيك.. انت مش شاري وصلة أم الـ300 شيكل الأسعار باتت خيالية".
وارجع العاصي أسباب الارتفاع المجنون للأسعار إلى منع الاحتلال الإسرائيلي لفتح المعابر وإدخال قطع غيار الهواتف أو الهواتف الجديدة إضافة إلى اختفاء الهواتف من الأسواق الأمر الذي تسبب بارتفاع الأسعار بشكل لا يمكن تحمله أبدًا إضافة إلى عدم وجود الرقابة القانونية التي تردع التجار عن احتكار الأسعار والبيع بأسعار فلكية.
وعن مشكلة هاتفه النقال قدم العاصي نصيحة لصديقه خالد، أنصحك بشراء هاتف أفضل بكثير من تصليح الهاتف أو شراء بعض اكسسواراته"، وقال: "سوق الهواتف النقالة الآن صعب جدًا والفرق ما قبل وأثناء الحرب المستمرة شاسع وفلكي إلى حد لا يمكن توقعه وقبوله".
وفي زاوية أخرى من سوق دير البلح يحاول الشاب أبو البراء رجب الوصول وسط الزحام الشديد على "باور" لشحن هاتفه النقال وبالكاد وصل إليه لكنه أصيب بالدهشة والاستغراب الشديد عندما علم بسعر الباور قائلًا: "شعرت بالصدمة والدهشة عندما عرفت أن سعر الباور نحو 500 شيكل بدلًا من 80 شيكل في السابق".
ألقى رجب الباور أرضًا وعاد بخفي الحنين ويردد بلسانه "حسبنا الله ونعم الوكيل، هيك أسعار وهيك جودة، ما كنا نطلع بشكلها قبل الحرب، الآن هذا هو المتوفر".
ويشهد قطاع غزة ارتفاعًا جنونيًا في كافة أسعار السلع والمنتجات، لا سيما سعر الهواتف النقالة واكسسواراتها الذي ارتفع بشكل جنوني بسبب حرب الإبادة الإسرائيلية واستمرار إغلاق المعابر ومنع الاحتلال الإسرائيلي السماح لبعض التجار من إدخال الهواتف وما يلزمها، ما تسبب بعدم توفرها في الأسواق وارتفاع أسعارها إن وجدت.