يركض أحد المواطنين وسط إطلاق الرصاص الكثيف محاولًا الوصول لجثة أحد أقربائه، كانت ملقاة على الأرض بعد إصابتها برصاص طائرات "كواد كابتر"، وبصعوبة بالغة تمكن من نقل الجثة إلى مكان آمن بعيدًا عن أعين طائرات الاحتلال وقناصته المنتشرة فوق المباني السكنية لمخيم جباليا شمال قطاع غزة.
وزحفًا على بطنه لدقائق عدة تمكن المواطن من سحب الجثة ونقلها لمستشفى كمال عدوان وكأن المشهد المؤلم الذي يحدث في مخيم جباليا حاليًا يقول: "امنيح الي لقيت حدا يدفنك في هذا الوقت"، تكرر المشهد مرات عدة اليوم الثلاثاء (8 أكتوبر 2024).
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي أعلن عن عملية عسكرية -اجتياح بري- لمدينة ومخيم جباليا شمال القطاع تزامنًا مع غارات جوية مكثفة ليلة السادس من أكتوبر، زاعمًا أن العملية تأتي لوضع حد لإعادة أنشطة وهيكلة فصائل المقاومة.
وطوقت الفرقة القتالية للوائي 401 و460 منطقة جباليا من الشمال والشرق والغرب بشكل كامل، خلال الأيام الثلاثة الماضية، علمًا أن جيش الاحتلال أعلن عن ضرب عشرات الأهداف العسكرية لمساندة القوات المناورة، ومن بينها مستودعات أسلحة وبنى تحت أرضية ومقاتلين عسكريين للفصائل.
وذكر عدد من الصحفيين الفلسطينيين بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي أحكمت قبضتها على مخيم جباليا وفرضت حصارًا مشددًا على ما تبقى من المواطنين في منزلهم، مشيرين إلى أن قوات الاحتلال تطلق النار على كل من يتحرك في جباليا من الشمال والشرق والغرب.
وأوضح الصحفيين بان المدفعية الإسرائيلية والطائرات الحربية تواصلان قصف مخيم ومدينة جباليا لليوم الثالث على التوالي، فيما تمتلئ الشوارع بالعشرات من الجثث، مؤكدين بان المواطنين حاولوا النزوح من إلا أن طائرات الاحتلال وقناصته أطلقوا النار عليهم وقتلوهم بدم بارد.
ولفتوا إلى أن عدد من المواطنين تمكنوا بصعوبة بالغة وبمشاهد بطولية من نقل بعض الجثث الملقاة في الشوارع إلى مستشفى كمال عدوان لدفنهم وفق الشريعة الإسلامية.
وفي الوقت ذاته فإن فصائل المقاومة الفلسطينية لا سيما "سرايا القدس" و"كتائب القسام" أعلنتا عن تصديهما للعدوان الإسرائيلي في جباليا بعدد من الكمائن المحكمة وإطلاق قذائف مضادة للدروع، حيث اعترف جيش الاحتلال بمقتل وجرح عدد كبير من الجنود الإسرائيليين.
فيما نشرت وزارة الصحة نداء استغاثة قبل توقف جميع المستشفيات شمال القطاع عن تقديم الخدمات في محافظتي غزة والشمال نتيجة عدم توفر الوقود.
وناشد الصحة في بيان لها: "كافة المؤسسات المعنية، الأممية والإنسانية، بضرورة وسرعة التدخل لإدخال الوقود اللازم لتشغيل المولدات في المرافق الصحية".
بينما كتب الصحفي أنس الشريف على حسابه في منصة (إكس) اليوم الثلاثاء: "أثناء التصوير، تم استهداف المكان بغارة جديدة، تضررت مركبات إسعاف الخدمات الطبية نتيجة الغارات المتواصلة في محيط مستشفى كمال عدوان.
وأضاف: "لا يستطيع رجال الإسعاف وفرق الإنقاذ مغادرة المستشفى بسبب انتشار جثامين الشهداء والمصابين في شوارع معسكر جباليا ومشروع بيت لاهيا وجباليا البلد، نتيجة الاستهداف المتكرر لسيارات الإسعاف من قبل المدفعية والطائرات المسيرة".