بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
[وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ۞ فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ] صدق الله العظيم
تحدى الصعاب واقتحم الردى، أقبل فلم يدبر وتقدم فلم يتراجع، امتشق سلاحه وخاض غمار حرب ضروس بلا كلل أو ملل، خطط فأبدع وقاد فأبهر، دخل التاريخ من أوسع أبوابه، فارتبط اسمه بعملية طوفان الأقصى ارتباطًا وثيقًا، تلك العملية الفدائية البطولية الكبرى التي لم يسبق لها مثيل عبر تاريخ النضال الفلسطيني الطويل منذ احتلال فلسطين حتى يومنا هذا، فأوجع العدو الصهيوني وحلفاءه، وأقضّ مضجعهم، حتى بات اسمه يرعب جيشًا عرمرمًا مدججًا بأحدث أنواع الأسلحة والعتاد مدعومًا من دول استعمارية عظمى، إنه الفارس المغوار يحيى السنوار، شهيد القدس وفلسطين، شهيد الطوفان الجارف نحو الأقصى...
استشهد وهو في سوح الوغى، يقاتل إلى جانب إخوانه المجاهدين ويتقدمهم، فكان مثالاً للقائد الهمام والمقاتل الشجاع. وقد أربك العدو الصهيوني ومنظومته الأمنية في حياته وفي استشهاده، فأجهزة العدو لم تستطع اكتشاف مكانه، أو التأثير على صمود شعبه الذي تعرض لأبشع أنواع الإبادة الجماعية والحصار الخانق والتجويع والترويع، رغم المحاولات الفاشلة لتحريض أهل غزة المقاومين الشرفاء ضد قيادتهم، والترويج بأن قادتهم مختبئون في الأنفاق، أو بين المدنيين متخذين منهم دروعًا بشرية. فإذا بالصورة التي نشرها العدو للشهيد القائد تفضحه وتكذب أضاليله، وتخلق جدلاً صهيونيًّا واسعًا حول جدوى نشر هذه الصورة التي أضرت بالرواية الصهيونية، والسردية التي سعى جاهدًا من أجل تعميمها، للتأثير على معنويات الشعب الفلسطيني الصابر المحتسب ضمن حرب الإشاعات وكيّ الوعي.
هذا القائد الفذ لا يمكن تعويض خسارته بسهولة، رغم أنه أصبح أيقونة المقاومة، ونموذجًا يُحتذى في القيادة والإبداع والبسالة والإقدام... لقد حول المستحيل إلى ممكن، وترجم الأقوال إلى أفعال، وجسد الأفكار والأحلام أهدافًا قابلة للتحقق، ورسم مستقبل فلسطين ولوحة النصر بألوان العزة والكرامة والتضحية والإباء، وقدم مشروع التحرير وإزالة الاحتلال في صدارة الأولويات لكل الأمة والأحرار في العالم.
لقد استطاع الشهيد يحيى السنوار أن يكون قائدًا استثنائيًّا وعلامة فارقة، على مستوى المرحلة الراهنة، وعلى مستوى المشروع الفلسطيني التحرري، فشكل نقطة ارتكاز لإنجاز إستراتيجي غير مسبوق على مستوى القضية الفلسطينية، سوف يُسهم في تغيير وجه المنطقة، بل وجه العالم، لصالح فلسطين وأمتنا العربية والإسلامية عمومًا.
نِعم المقاوم ونِعم الأسير، نِعم القائد ونِعم الشهيد... طوبى له الشهادة، وبورك جهاده... وإلى جنان الخلد ]مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا[.
|
إحسان عطايا رئيس دائرة العلاقات العربية والدولية عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين 18/10/2024 |