غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

الكنائس تستبدل الشموع بالدموع

أعيادٌ في مرمى النيران: مسيحيو غزة تحت وطأة العدوان!

شمس نيوز - خاص شمال غزة

بينما تتلألأ شجرة الميلاد وتصدح الأناشيد في كل أرجاء العالم، تتبدد أجواء العيد في قطاع غزة تحت وطأة العدوان الإسرائيلي. هنا، لا زينة عيد، ولا أجراس تُقرع، فقط صوت الطائرات والقذائف، وأصداء الحزن التي تمزق قلوب المسيحيين في هذه البقعة المنكوبة.

في كنيسة القديس برفيريوس المدمرة، حيث الجدران التي تروي قصة غارات غاشمة، وقف أبناء المجتمع المسيحي، يحاولون استجماع ما تبقى من أرواحهم المكسورة، والحال نفسه في ساحة دير اللاتين، التي غطاها الدمار والرماد، جلس أطفالٌ وشيوخ، يتبادلون التهاني بحذرٍ وكأنهم يخشون أن يغضب الفرح العدوان.

وأضحت كنيسة القديس برفيريوس العريقة (أرثوذكسية شرقية) -الأقدم في المدينة، والواقعة في حي الزيتون- تعدّ ملاذا لكل من المسيحيين والمسلمين خلال حروب إسرائيل الدورية ضد غزة.

كاتليا مطفأة مثل الشجرة!

كاتليا حبشي.jfif

في زاوية باحة الكنيسة، كانت الطفلة كاتليا حبشي (11 عاماً) تجلس قرب شجرة عيد الميلاد المطفأة، تلك الشجرة التي كان يفترض أن تُشع بالأنوار، حاولت كاتليا أن ترسم فرحة على وجهها البريء، لكنها لم تستطع كسر قيود الحزن الذي يلتف حول قلبها الصغير.

"العيد حزين... العيد الحقيقي لما تنتهي الحرب"، قالت كاتليا، وهي تلعب بأطراف ثوبها المزركش، كلماتها اختصرت مأساة مجتمع بأسره.

نبيل عياد: جراح تروي القصة

نبيل عياد.jfif

بالقرب من باب الكنيسة، كان الجريح نبيل عياد يروي للصحفيين حكايته، وجهه، الذي اعتاد أن يضيء بابتسامة في مثل هذه الأعياد، بدا غارقاً في الكآبة، يقول بصوت متهدج: "هذا ثاني عيد ميلاد نعيشه تحت القصف، فقدتُ الكثير من الأصدقاء والأحبة، منهم مَن استشهد، ومنهم مَن نزح إلى الجنوب".

أشار إلى الكنائس المدمرة قائلاً: "حتى الأماكن المقدسة لم تسلم، كنا نحتفل هنا مع جيراننا المسلمين، نتبادل الفرح، لكن الآن سرقت الحرب كل شيء... أعيادنا وأعيادهم".

إلياس الجلدة: لا مكان للفرح

إلياس الجلدة.jfif

أما إلياس الجلدة، فكان يقف في ساحة الكنيسة، يحدق في الفراغ وكأنما يبحث عن الأرواح التي غابت، قال بصوتٍ تختلط فيه مرارة الفقد: "الفرح أصبح حلماً بعيداً، فقدنا الأحبة، فقدنا منازلنا، ولم يتبقَّ لنا سوى الركام والهرب من غارة إلى أخرى".

بألمٍ حارق، أضاف: "كانت أجراس الكنائس تقرع، وكانت أشجار العيد تضيء المنازل، الآن لم يبقَ شيء، حتى الكنائس أصبحت هدفاً للقصف، قلوبنا لم تعد تحتمل الفرح، امتلأت بالحزن والأسى".

يختتم إلياس حديثه بحزن: "نحن نحب السلام، نحن شعب يحب الحياة، لكن كيف يمكننا العيش وسط هذه النيران؟".

في غزة، لا أعياد تُحتفل ولا أفراح تُتقاسم، في كل بيت قصة فقد، وفي كل زاوية ذكرى موجعة، وهذا هو حال مسيحيي غزة، الذين كانوا يجسدون وحدة هذا الشعب في فرحه وحزنه، أصبحوا اليوم شاهداً آخر على جرح فلسطيني لا يندمل، وعلى غزة التي تحترق تحت نيران الحرب، لكنها ما زالت تحاول أن تحيا بين كل غارة وأختها.

الثوابتة: الاحتلال قتل 3% من مسيحيي غزة

إسماعيل الثوابتة.jpeg


 

في السياق، يقول د. إسماعيل الثوابتة مدير المكتب الإعلام الحكومي في غزة، "إن استهداف الاحتلال الإسرائيلي للمجتمع المسيحي الصغير في قطاع غزة يعكس سياسة ممنهجة تهدف إلى القضاء على الوجود الإنساني والتاريخي المتنوع في القطاع"، مع إشارته إلى ان الاحتلال لا يحترم الأديان السماوية، وقصفه الكنائس واستهداف المدنيين دليل واضح على ذلك.

ولفت إلى أنَّ أرقام الشهداء المسيحيين تؤكد حجم الجريمة، حيث استهدف الاحتلال أكثر من 24 مدنيًا مسيحيًا، بينهم نساء وأطفال وكبار سن، أي ما يعادل أكثر من 3% من عدد المسيحيين في قطاع غزة."

لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام

وذكر أنَّ "الاحتلال دمر ثلاث كنائس رئيسية بشكل مباشر، في انتهاك صارخ لكل الأعراف الدولية التي تضمن حماية دور العبادة. كما تم استهداف تجمعات سكانية حول الكنائس، ما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا بين شهداء وجرحى."

وبيَّن أن العدوان لم يقتصر على القصف، بل شمل حصارًا خانقًا وسياسة تجويع، حرمت المسيحيين من أبسط حقوقهم الإنسانية، بما في ذلك المساعدات الإنسانية والمأوى الآمن."

وذكر أنَّ "ما يجري ضد المسيحيين في غزة ليس مجرد عدوان؛ بل هو جرائم حرب ترتقي إلى مستوى التطهير العرقي، فاستهداف المسيحيين هو استهداف للهوية الفلسطينية بأكملها".