واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء عدوانه العسكري على مدينة جنين ومخيمها شمال الضفة الغربية، لليوم الثاني على التوالي، مع استمرار الاشتباكات مع المقاومة الفلسطينية، ونزوح مئات الفلسطينيين من مخيم جنين.
وأسفر العدوان على عموم جنين ومخيمها، حتى مساء اليوم الأربعاء عن 10 شهداء بينهم طفل، وأكثر من 40 إصابة بجراح متفاوتة بينها خطيرة، وفق مصادر طبية فلسطينية رسمية.
وقال مصدر صحفي، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي دفعت، مساء اليوم، بتعزيزات لمدينة جنين ومخيمها، تضم عشرات الآليات العسكرية والجرافات.
وأشار إلى أن قوات الاحتلال اعتقلت عددا من المواطنين من داخل أحياء عدة في مخيم جنين بينهم سيدتان وهما: والدة الشهيد محمود السعدي، ووالدة الشهيد أشرف السعدي، والشابان نسيم صلاح وعلاء طوالبة.
وقال، نقلًا عن سكان محليين، إنّ عدة آليات عسكرية تابعة لقوات الاحتلال وصلت فجر وصباح اليوم، إلى مدينة جنين ومحيط المخيم، عبر حاجز "الجلمة" العسكري، شمالي المدينة، في إطار عمليتها العسكرية التي سمتها "السور الحديدي".
وفرض جيش الاحتلال حصارا كاملا على مدينة جنين وأغلق مخيمها، ونوه السكان إلى استمرار جرافات الاحتلال بتجريف الشوارع والمفترقات، وتدمير البنية التحتية والشوارع وممتلكات المواطنين في المدينة ومخيمها؛ لا سيما الشوارع بالقرب من مستشفى ابن سينا، ومدخل مستشفى جنين الحكومي، ومحيط دوار الحصان.
وفي وقتٍ سابق من صباح اليوم، ألقت طائرة إسرائيلية مسيرة قنابل على حي الدمج في مخيم جنين، وفق ما أفاد شهود العيان.
هذا وقد تجددت الاشتباكات المسلحة بين قوات الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، إذ أكدت كتيبة جنين - سرايا القدس، أنّها تتصدى لقوات الاحتلال في محاور القتال المختلفة بالمدينة.
وأشارت إلى أنهم "يمطرون قوات العدو والآليات العسكرية بزخات من الرصاص المباشر والعبوات الناسفة وفق متطلبات وظروف الميدان"، مضيفةً أنّها فجّرت عبوة ناسفة محلية الصنع لدى مرور آليات الاحتلال عند أطراف المخيم.
فيما ذكرت مصادر محلية أنّ الاشتباكات تركزت في الساعات الأخيرة عند شارع الناصرة وداخل أزقة وحارات المخيم لدى محاولة قوات الاحتلال اقتحامه من مفترق العودة وحارة الدمج.
وفي السياق، أفاد مسؤول العلاقات العامة في بلدية جنين بشير مطاحن، بأنّ أكثر من 600 فلسطيني اضطروا للنزوح من مساكنهم في مخيم جنين، إلى ساحة مستشفى جنين الحكومي، ومحيطه وداخل أقسامه، في وضع إنساني صعب، وبعضهم في العراء دون مأوى أو خيام.
اقتحامات واعتقالات..
واعتقلت قوات الاحتلال عددا من الشبان الفلسطينيين، بعد دهم وتفتيش منازل عائلاتهم داخل مخيم جنين، بينهم مصاب؛ وعرف منهم: صامد مؤيد عامر، شيراز أبو طبيخ، حسام الغول، أحمد بحر ونجليه أشرف ويوسف، مع العلم أن أشرف أصيب سابقًا في رأسه وبحاجة لرعاية طبية.
العدوان طال مشافي وأطباء جنين..
وقال مدير مستشفى جنين الحكومي، وسام بكر، إن العدوان الإسرائيلي على جنين أسفر عن إصابة عدد من الأطباء والممرضين بالرصاص في أماكن مختلفة قرب مستشفيات جنين الحكومي، الأمل والرازي.
وأفاد "بكر" في تصريحات صحفية، أن رصاص الاحتلال أصاب 3 أطباء وممرضين، بجراح متفاوتة.
من جهتها، صرحت جمعية "الهلال الأحمر الفلسطيني" في بيان لها، بأن قوات الاحتلال عرقلت وصول طواقمها الطبية إلى إصابات داخل مخيم جنين، بعد ورود بلاغات عن عدد من الإصابات.
ونوه "الهلال الأحمر" إلى أن طواقمه الطبية تعاملت مع شهداء وإصابات بالرصاص الحي والشظايا ونقلتهم عبر مركبات إسعاف تابعة للجمعية إلى مشافي مدينة جنين.
بداية العدوان..
بدأ العدوان العسكري الحالي على مدينة ومخيم جنين، مع اقتحام قوات خاصة إسرائيلية، ظهر أمس الثلاثاء، حي الجابريات المحيط بالمخيم شمال مدينة جنين، وسط إطلاق صافرات الإنذار لتنبيه المقاومين.
ولاحقًا دخلت تعزيزات إضافية من جيش الاحتلال إلى المدينة وأطراف مخيم جنين، فيما انتشر القناصة على البنايات المحيطة به، وتحولت بعض المباني لثكنات عسكرية.
وأمس الثلاثاء، أعلن جيش الاحتلال وجهاز الأمن العام "الشاباك" وحرس الحدود، إطلاق "عملية عسكرية" في جنين تحت اسم "السور الحديدي".
وقالت هيئة البث العبرية: "بدأ الجيش الإسرائيلي عملية في جنين بغارة جوية بطائرة بدون طيار استهدفت بنى تحتية".
وجاءت عملية جنين في اليوم الثالث من تنفيذ اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين إسرائيل وحركة "حماس"، بعد إبادة جماعية إسرائيلية في قطاع غزة استمرت نحو 16 شهرا.
وتمثل العملية- وفق إعلام عبري- محاولة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لاسترضاء وزير المالية اليمني المتطرف بتسلئيل سموتريتش الغاضب من وقف إطلاق النار في غزة.
والثلاثاء، ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن نتنياهو وعد سموتريتش بشن هجوم على مخيم جنين، مقابل عدم استقالته من الحكومة ما قد يؤدي لانهيارها.
وبموازاة الإبادة في غزة، وسّع جيش الاحتلال الإسرائيلي عملياته كما صعّد المستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ما أسفر عن استشهاد 870 فلسطينيا وإصابة نحو 6 آلاف و700، واعتقال 14 ألفا و300 آخرين، وفق معطيات رسمية فلسطينية.
وبين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 كانون الثاني 2025، ارتكبت إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في قطاع غزة خلفت أكثر من 157 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.