في قلب مدينة غزة، حيث كان سوق فراس الشعبي ينبض بالحياة، ويتردد صدى الباعة بين أزقته الضيقة، تحوّل المشهد تمامًا بعد حرب الإبادة الجماعية، إذ لم تعد رائحة الخضروات الطازجة والفواكه تفوح في الأرجاء، ولا ضجيج المتسوقين يملأ المكان، بل حلت رائحة الرماد والغبار، والنفايات، وتحولت البسطات المزدحمة إلى أكوام من الركام والنفايات الصلبة، أصبح السوق، الذي كان شريانًا اقتصاديًا نابضًا، صورة مؤلمة للفقدان والدمار، يختزل مأساة مدينة بأكملها تحاول النهوض وسط الركام، بينما تواجه الجهات المسؤولة تحديًا هائلًا لإعادة الحياة إلى هذا المعلم التاريخي.
ويلقي المواطنون النفايات في "سوق فراس" لعدم توفر أماكن أخرى وبسبب استهداف الاحتلال الإسرائيلي مقار البلديات وشاحنات نقل النفايات إضافة إلى منع ما تبقى من الشاحنات للوصول إلى مكب النفايات الرئيسي شرق جحر الديك وسط قطاع غزة.
المواطن خليل سالم أصيب بالصدمة من الحالة التي وصل لها سوق فراس الشعبي قائلا: "قبل الحرب كنت اتوجه يوميا ل"سوق فراس" لشراء مايلزم من خضروات وبعض السلع والمعدات، لكن ما حصل اليوم في هذا المكان الشعبي الكبير اصابني بالصدمة".
سالم نزح وأسرته الى جنوب قطاع غزة كغيره المئات الالاف من السكان في شمال القطاع ومدينة غزة بسبب الحرب الاسرائيلية ليتفاجأ بعد 470 يوما من تحول سوق فراس لمكب نفايات رئيسي وأساسي في المدينة.
وناشد سالم وغيره من المواطنين جميع الجهات المسؤلة من بلديات ومنظمات انسانية ودولية للعمل على ترحيل النفايات الصلبة من قلب المدينة الى أطرافها.
وعلى الطرف المقابل من سوق فراس كان أبو ياسر (50 عاما) يسير واضعا كمامته بسبب الروائح الكريهة التي تخرج من المكان.
وقال لمراسلنا: "استمرار مكب النفايات في سوق فراس سيسبب أمراض خطيرة للمرضى الذين يعانون من أزمات حادة وأمراض مزمنة وقد يصيب الأطفال بأمراض خطيرة".
رئيس لجنة التواصل المجتمعي وعضو المجلس البلدي مصطفى قزعاط أكد أن البلديات تواجه أزمة حقيقية في ترحيل النفايات من قلب مدينة غزة في هذه المرحلة.
وأوضح قزعاط لمراسل "شمس نيوز"، أن السبب في تعميق أزمة ترحيل النفايات الصلبة هو تعنت الاحتلال وعدم السماح للبلديات في ترحيل النفايات للمكب الرئيسي شرق منطقة جحر الديك.
وقال: "إن جميع المناطق التي يتم كب النفايات فيها داخل المدن لا سيما منطقة سوق فراس هي أماكن مؤقتة لحين السماح لنا بترحيلها للمكب الرئيسي" مع إشارته إلى أن استمرار الأزمة تسبب مكرهة صحية واجتماعية.
ولفت قرعاط إلى أن البلديات تتواصل مع الصليب الاحمر والمنظمات الانسانية للمساعدة في ايصال النفايات للمكب الرئيسي في جحر الديك لحماية المواطنين وتنظيف المدينة من المكاره الصحية"
ويحتل سوق فراس مساحة تقارب 33 دنمًا، ويطل من الجهة الشمالية على شارع عمر المختار الذي يعد أهم شوارع مدينة غزة تجاريًا، ويحده من الجهة الجنوبية شارع "عسقولة" التجاري ومن الشرق على مقر بلدية غزة، ومن الجهة الغربية شارع نجم الدين الغزي.