شمس نيوز / عبدالله عبيد
تحمل طالبة الثانوية العامة "التوجيهي" علا خيري كراستها كالمعتاد وتذهب إلى فصل لا يوجد به أي بشر وأي ضوضاء لتبدأ بالمذاكرة لامتحانات التوجيهي التي لم يبق لانطلاقها سوى يومان، فهي كالمئات من الطلبة الذين يسكنون مراكز إيواء "المدارس" بعد أن دمر الاحتلال الإسرائيلي منزلها في حرب الصيف الماضي على قطاع غزة.
علا (17 عاماً) دمرت الطائرات الإسرائيلية بيتها بالكامل في الحرب التي أطلقت عليها إسرائيل اسم "الجرف الصامد"، لتسكن وعائلتها داخل فصل بمدرسة يقطنه 27 فرداً " ثلاث عائلات"، لتوضح لمراسل "شمس نيوز" أنها تنتهز أي فرصة للمذاكرة بعيداً عن أصوات الأطفال والضوضاء داخل المدرسة.
وتضيف: في ساعات الصباح الباكر أدرس بساحة المدرسة أنا وزميلاتي، وأحيانا في غرفة "فصل" لا يوجد فيها أحد، فالدراسة شيء ثمين بالنسبة لنا، ونسعى للحصول على أعلى الدرجات إن شاء الله".
ويستعد طلبة قطاع غزة والضفة الغربية لأداء امتحان الثانوية العامة (التوجيهي) في مختلف الفروع لعام 2015 مع نهاية الشهر الحالي، بالرغم من الظروف الصعبة التي مروا بها سواء كانت الحرب الإسرائيلية الأخيرة، وانقطاع التيار الكهربائي لمدة تزيد عن 8 ساعات بصورة شبه يومية، أو تواصل تداعيات الحصار بشكل عام .
يعانون الأمرين
المئات من طلبة الثانوية العامة بغزة يعانون هذا العام الأمرّين نتيجة فقدانهم منازلهم في الحرب الأخيرة، فهم مشردون دون مأوى يوفر لهم أهم متطلبات الحياة الأساسية، كيف لا و"التوجيهي" تحتاج إلى راحة نفسية وأجواء مناسبة للدراسة والمراجعة.
تقول الطالبة آية خالد: حلمي أن يذكر اسمي من بين أوائل الطلبة، فعملت جاهدة خلال السنوات الماضية لأحافظ على معدلي وترتيبي في المدرسة".
واستدركت الطالبة خالد لـ"شمس نيوز": لكن في ظل تشريدنا من منزل إلى آخر لا أرى أن هذا الحلم سيتحقق، إلا أنني سأعمل جاهدة لأحصل على أعلى الدرجات".
وذكرت أنها الآن تسكن في منزل عمها كون أهلها يقطنون داخل مركز إيواء " فأنا منذ حوالي شهر ذهبت إلى منزل عمي للهروب من ضوضاء المدرسة، والعائلات الكثيرة التي تسكن تلك المدارس، ولأوفر الأجواء الخاصة بالامتحانات".
أما الطالب مصعب أبو جمال فيصر على أنه سينجح وبدرجات عالية رغم ما يعانيه من تشرد، وفقدانه مأوى عائلته، ليشير إلى أن أسرته تسكن في منزل بالإيجار بالإضافة إلى عائلة شقيقه المتزوج.
وبيّن أبو جمال في حديثه لـ"شمس نيوز" أنه رغم الظروف التي يعيشها وعدم تهيئة الأجواء الخاصة بامتحانات الثانوية له " إلا أننا سندرس ونجتهد ونحصل أعلى الدرجات".
إحصائية وزارة التعليم
وكان مدير عام القياس والتقويم والامتحانات في وزارة التربية والتعليم العالي بغزة مروان شرف، ذكر أن 34300 طالب وطالبة سيتقدمون لامتحانات الثانوية العامة في محافظات قطاع غزة، التي ستبدأ صباح يوم الـ30 من شهر مايو/ أيار الجاري، بمادة التربية الإسلامية لجميع الفروع.
وأشار شرف، إلى أن الامتحانات ستنتهي في 17 يونيو/ حزيران القادم، بمادة القضايا المعاصرة لفرع العلوم الإنسانية، والعلوم الحياتية للفرع العلمي، والقرآن وعلومه للفرع الشرعي، والعلوم المالية والمصرفية للفرع للتجاري، والعلوم الزراعية للفرع الزراعي، والرسم الصناعي للفرع الصناعي.
ولفت إلى أن الامتحانات ستكون موحدة، وستجري في نفس التوقيت في جميع محافظات الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، وبتوجيهات ومتابعة من وزيرة التربية والتعليم العالي د. خولة الشخشير.
وذكر أن عدد الطلبة الذين سيتقدمون لامتحانات الثانوية العامة في محافظات قطاع غزة بلغ 34300 طالب وطالبة، 24270 منهم من فرع العلوم الإنسانية، و6459 من الفرع العلمي، و370 من الفرع الشرعي، و300 من الفرع المهني.
واستشهد خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة 2014، ما يقارب 18 طالباً من طلبة الثانوية العامة التوجيهي، وأصيب عدد آخر جراء العدوان الإسرائيلي ضد شعبنا الفلسطيني في القطاع.
يؤثر سلبياً
وفي السياق، يرى المتخصص في الشؤون النفسية د. فضل أبو هين أن تدمير المنازل يؤثر بشكل سلبي على طلبة الثانوية العامة، مشيراً إلى أن الطالب قد يفقد تركيزه الدراسي في بعض الأحيان عندما يتذكر منزله خاصة.
وأوضح أبو هين لـ"شمس نيوز" أن المنزل كان عبارة عن الحياة الشخصية لهذا الطالب والماضية والمستقبلية، وتدميره يعني تشويش فكره وتوريثه الكثير من الأسى والألم، مضيفاً: هناك مجموعة من الناس يشاركون هذا الطالب نفس غرفة، وبالطبع وهذا سيؤثر بشكل سلبي عليه".
واعتبر أن السكن داخل مركز إيواء أو أي مكان آخر، يجعل طالب التوجيهي بحاجة إلى فترة طويلة لبرمجة عقله للقراءة والتركيز والتذكر، وإلى الكثير من الأمور العقلية التي تتعطل في ظل هذه المؤثرات السلبية.
الجدير بالذكر أن الاحتلال الإسرائيلي دمر خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة نحو تسعة آلاف منزل بشكل كامل وثمانية آلاف بشكل جزئي، وفق إحصائيات وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.