غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

كأنها أهوال يوم القيامة

"الطفل حاتم النبيه".. إخلاء من المعمداني إلى السماء!

شمس نيوز - مطر الزق

بسرعة أدار طه عجلات سرير نجله الجريح خارج القسم، المكان مظلما والناس تهرول وتصطدم بعضها ببعض، وسط صرخات مدوية: "الكل يطلع الجيش راح يقصف المستشفى خلال دقائق"، لم يتوقع طه أن يزيل أجهزة الكهرباء والاكسجين وأجهزة الدم عن جسد نجله ويفر خارج أسوار المعمداني إلى المجهول.

طه النبيه حاول انقاذ نجله حاتم (13 عاما) من قسم الاستقبال والطوارئ في مشفى المعمداني أثناء تهديدٍ إسرائيلي بضرورة الإخلاء تمهيدا لاستهداف المستشفى الوحيدة الذي يقدم الاسعاف الأولية للجرحى والمرضى شمال قطاع غزة.

7d3b513b-1bf7-44ef-b835-f2bcc0539aef.jpg

بدأت الحكاية المرعبة عندما وصلت عقارب الساعة إلى الواحدة والنصف ليلا من يوم الأحد (13/4/2025)، عندما أطلق المواطنين حناجرهم فجأة: "يا ناس يا ناس.. الجيش اتصل فينا وابلغنا راح يقصف المستشفى خلال دقائق يجب الإخلاء فورا، حفاظا على أرواح الجرحى".

قبل لحظات من صرخات المواطنين كان طه يمرر أنامله فوق رأس نجله حاتم لفحص درجة حرارته داعيا الله أن يشفيه، بعدما أصيب بجروح خطيرة في رأسه بسبب قصف الاحتلال نقطة شحن  في شارع الثلاثيني جنوب وسط مدينة غزة.

كانت حرارة حاتم مرتفعة جدا، لكن قلبه ما زال ينبض بالحياة، فالأنابيب الموصولة بجسده دفعت والده لذرف الدموع لتزيد من آلامه ومعاناته، وفجأة سمع طه صوت المنادي "اخرجوا من المستشفى فوراً".

e0a8f6ee-bb41-4ce3-8ed2-1d8a2f2ac454.jpg

وقف طه مندهشا يسأل حوله الناس: "ماذا؟ ايش بحكوا برا؟ معقول يقصفوا المستشفى؟ طيب ايش اعمل؟ ابني موصول بالكهرباء والاكسجين وأنابيب الدماء..! كيف بدي أطلع هلقيت والدنيا سقعة ونص الليل".

ثوانٍ قليلة حتى أيقن طه خطورة البقاء في المستشفى: "يا الله كأنها أهوال يوم القيامة الجميع يحمل جرحاه ومرضاه ويفر من المستشفى، تتساقط الدماء على الأرض وتعلوا الصرخات المدوية التي تقشعر لها الأبدان".

أسرع طه بسرير نجله الجريح خارج المستشفى لا يدري أين يتجه كغيره العشرات من الجرحى، قادته قدماه 
في عتمة الليل غربا، غير آبه بوعورة الأرض المدمرة والحجارة التي تؤثر سلبا على صحة الجريح كان هدفه الوحيد: "النجاة بجسد طفله من صواريخ العدو التي ستستهدف مستشفى المعمداني بعد قليل".

لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام

وصل طه بجسد طفله الجريح حاتم إلى مبنى الخدمة العامة على بعد نحو (كيلو ونصف) من مستشفى المعمداني وهناك كانت الكارثة الأبواب موصدة والأطباء نيام ولم يخرج سوى حراس المبنى الصغير الذي يقدم خدمات طبية لكن السؤال: "أين سيتم وضع الجريح حاتم؟؛ المبنى مغلق ولا يوجد غرفة عمليات مكثفة".

اضطر حراس المبنى وبعض الممرضين لإدخال الجريح حاتم لممرات المبنى يقول والده طه: "حدا يفحص ابني هل ما زال على قيد الحياة؟"، رفض الممرضين الفحص لعدم قدرتهن على تحديد مصيره.

فجأة ظهرت الدكتورة التي قدمت العلاج لحاتم في مستشفى المعمداني وعندما اجرت فحصا لنبضات قلبه، تسللت الدموع من عينيها معلنة توقف الحياة عن جسد حاتم ليرتقي شهيدا.

 بصوت يختنق تقول والدة حاتم لمراسل "شمس نيوز": "حاتم كان روحي وحبيبي كان رجل بمعنى الكلمة، اشترى عربة يجرها لايصال الناس لجمع الأموال، وعندما جاء عيد الفطر اشترى ملابس جميلة وكان مبسوط جدا".

d7e67ce7-be5c-4a9a-8510-4e5b9a57f81e.jpg

"مش حقدر أعوض حاتم، كان قلبي وروحي، لكنه ليس خسارة في الدين والوطن الله يرحمه ويجعل مثوله الجنة" تكمل والدته والحزن يملأ جسدها.

وجهت الأم المكلومة رسالة للعالم: "كفى صمتا، توحدوا أوقفوا هذه الإبادة، نحن نحب السلام والحياة، يكفي خطفتم مهجة قلوبنا أيها العالم تحرك وأوقف شلل الدماء، بكفي، بكفي..!".