شمس نيوز/القدس المحتلة
على الرغم من أنّ "إسرائيل" تنفسّت الصعداء بعد سحب السلطة الفلسطينيّة مشروع قرارها بإبعادها عن الفيفا، إلّا أنّ تل أبيب الرسميّة، لم تُعبّر عن فرحها، لا بلْ أعربت عن توجسّها من القادم، لافتةً إلى أنّ الفلسطينيين سيُواصلون حملتهم لإقناع العالم بعزل إسرائيل، وهو الأمر الذي بات يعتبره قادة الدولة العبريّة تهديدًا إستراتيجيًا من الدرجة الأولى.
صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيليّة نشرت اليوم الاثنين على صدر صفحتها الأولى خريطة المُقاطعة المتوقعّة للدولة العبريّة في العالم، ونقلت عن مسؤولين رفيعي المستوى قولهم إنّ التسونامي السياسيّ-الدبلوماسيّ سيبدأ عمليًا بعد التوقيع النهائيّ على الاتفاق النوويّ بين مجموعة دول (5+1) وإيران في نهاية الشهر الجاري، وقال مسؤول إسرائيليّ آخر، رفض الإفصاح عن اسمه، إنّ تل أبيب ليس لديها أدوات ولا أموال ولا قوى بشريّة لمواجهة ما اسماه بالانتفاضة السياسيّة.
ولفتت المصادر السياسيّة في تل أبيب إلى أنّه في إسرائيل باتوا على علمٍ ويقينٍ بأنّ أيّ مُواجهة جديدة، كالتي حدثت في الفيفا، ستؤدّي إلى تراجع مكانة إسرائيل الدولية. ونقلت الصحيفة عن مصادر في الخارجيّة الإسرائيليّة قولها إنّ صنّاع القرار في تل أبيب باتوا يتوسّلون للدول الصديقة من أجل تقديم المساعدة لها في المحافل الدوليّة، وشدّدّت المصادر على أنّه ليس من المؤكّد أنْ تتمكّن إسرائيل في المستقبل المنظور من التوجّه للدول الصديقة للحصول على مساعدة، حسبما ذكرت المصادر. يُشار إلى أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، عيّن د. دوري غولد، وهو من أقرب المُقرّبين له، مديرًا عامًّا للخارجية الإسرائيليّة، علمًا بأنّ غولد من هو من غلاة المتشددين والمتطرفين في إسرائيل، هذا بالإضافة إلى عدم وجود وزير للخارجيّة في الحكومة الإسرائيليّة الجديدة.
وبرأي المصادر، فإنّه لا يُمكن التقليل أو الاستخفاف بتشكيل لجنة في الفيفا لمُراقبة سلوك إسرائيل تجاه الرياضيين الفلسطينيين، ولفتت (يديعوت أحرونوت) إلى أنّه في كلّ مرّة يعتقد فيها جبريل رجوب أنّ إسرائيل اجتازت الخطوط الحمراء، فسيقوم بمكالمة الفيفا، الأمر الذي سيُعيد القضية إلى الأجندة المحليّة والدوليّة. يُشار إلى أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك كان قد حذّر من أن إسرائيل صارت عرضة للمقاطعة أكثر من ذي قبل مع تطور حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات والمعروفة بـ (بي دي أس). وجاء ذلك في مقابلة مع صحيفة (هآرتس) الإسرائيليّة، وذلك عندما سُئل باراك هل يعتقد أن حملة المقاطعة لإسرائيل تتنامى على غرار ما واجهه نظام الفصل العنصري (آبارتهايد) في جنوب أفريقيا.
وفي معرض وصفه عملية نزع الشرعية من الاحتلال الإسرائيليّ والتي تجري تحت السطح، أقرّ باراك بأنّ حركة المقاطعة تتطور. وقال: طالما كانت تلك الأصوات تأتي من إريتريا أو موريتانيا، فلا مشكلة. لكن عندما تبدأ الدعوات تأتي من الدول الاسكندينافية وبريطانيا، فإننا أمام مشكلة خطيرة.
انظر إلى مكانة إسرائيل في مجتمع المنظمات العمالية حول العالم، إنها في وضعٍ خطيرٍ للغاية. وهذا سيستمر من خلال جمعيات المستهلكين، وصناديق التقاعد، والجامعات. وعلقّ باراك على الوضع في الجامعات الأميركية قائلاً: قبل 35 عاماً، كانت الجامعات معاقل للتعاطف مع إسرائيل، لكن اليوم عندما نزور جامعة، يتم إخبارنا مقدماً بأنه ستكون هناك تظاهرة.
وفي تصعيد لانتقاداته ضدّ حكومة بنيامين نتانياهو، قال باراك إنّ عزلة إسرائيل صارت أكثر احتمالاً، موضحاً: من يقول إن العزلة لن تحدث؟ قد تحدث فعلاً حتى لو لم نكن نرغب في ذلك. نحن لا نريد المقاطعة، لكننا عرضة للمقاطعة. نحن لا نريد عزل إسرائيل، لكن إسرائيل قد تجد نفسها في عزلة مؤلمة للغاية. وأشار إلى الوضع الذي واجهته جنوب أفريقيا مع نهاية نظام الفصل العنصري، مؤكداً على أنّ الضغوط والعقوبات كانت هي ما أفاقت القيادة العالمية. يذكر أن حركة المقاطعة “بي دي أس″ تشير إلى الحملة الدولية الاقتصادية التي بدأت منتصف عام 2005 بنداء من 171 منظمة فلسطينية غير حكومية دعت إلى المقاطعة، وسحب الاستثمارات وتطبيق العقوبات ضد إسرائيل حتى تنصاع للقانون الدولي والمبادئ العالمية لحقوق الإنسان.
وتهدف الحملة التي تقارن عادة بين الاحتلال الإسرائيلي ونظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا إلى أهداف مُعلنة عدة، من بينها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي واستعماره لكل الأراضي العربية، فضلاً عن تفكيك الجدار العازل، واحترام إسرائيل وحمايتة وتعزيز حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم. ولفتت صحيفة (يديعوت أحرونوت) في عددها الصادر اليوم إلى أنّ جبهة جديدة قد فُتحت ضدّ إسرائيل، حيث تقوم عشرات التنظيمات الغربيّة بحملات مقاطعة وفرض عقوبات على إسرائيل بسبب سياستها في الأراضي العربيّة المُحتلّة. وقال كبير المُحللين السياسيين في الصحيفة، ناحوم بارنيع، إنّ رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، صادق عندما يقول إنّ المُقاطعة ليست ضدّ الاحتلال، إنمّا ضدّ وجود إسرائيل، وأضاف: المشكلة التي نُواجهها هم ليسوا الفلسطينيين، بل المشكلة تكمن في الدول الصديقة لإسرائيل في الغرب، على حدّ تعبيره. وتابع قائلاً إنّه من جولة إلى أخرى، تجد هذه الدول الصديقة لإسرائيل، من الناحية السياسيّة والأخلاقيّة، صعوبة بالغة في الدفاع عن إسرائيل وعن سياساتها في الضفّة الغربيّة، حسبما قال.